الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السقوط قبل البداية:المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب في تونس

محمد محسن عامر

2015 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مؤتمر وطني عن موضوع الإرهاب يؤجل و يؤجل ثم يؤجل ؛ثم يبدوا أن الفاعلين السياسيين ذوت الحماسة عندهم و غابت ذريعة انجازه أساسا... هذا المؤتمر الأعرج من أساسه الذي كان سيضم تحت سقف مؤتمره فاعلين كبار متورطين حتى الأذقان في دعم المجاميع المتطرفة أبى أن يرى النور لأن الإرهابيين على ما يبدو مقحمون في مشاغل أخرى تجعلهم مشغولين عن رج البلاد من جديد بسيل من القتل و الدم ...في غياب آلية حقيقية لمكافحة الإرهاب دولتيا و اجتماعيا و ثقافيا ومع امكانية عودة المضطر لجاليتنا الإرهابية المقيمة في بؤر التوتر ؛ شبح الإرهاب و إن دقت له نواقيس حالات الطوارئ عديمة الفائدة سيبقى مخيما و سنبقى جالسين على البركان.
قال رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد أن المؤتمر لم يتم إلغائه و لكنه تم تأجيله لمزيد على المستويين الوطني و الدولي باعتبار أن الأمم المتحدة ستقدم برنامجا دوليا لمكافحة الإرهاب مع مطلع سنة 2016 الذي طلب فيه الحبيب الصيد من الأمين العام للأمم المتحدة أن يكون في تونس . كما قال في ندة صحفية في القصبة "لا نستطيع أن نمنع بمقضى الدستور منع أي مواطن تونسي من الرجوع إلى بلاده" و كأن جاليتنا التونسية المنتمية إلى مجاميع التقتيل في بؤر الحروب الأهلية في سوريا و العراق و المتمرسة في القتال و الإجرام كانت في إطار عطلة استجمام في المشرق و ستعود من أجل نشر ثقافة الحب و التسامح بين الشعب التونسي !
الإرتباك أصبح السمة المميزة للسياسة التونسية في الخارج و الداخل , استراتيجية تقوم على قاعدة رد الفعل لا أخذ زمام المبادرة . بعد عملية باردوا و ثم سوسة الإرهابيتان ظهر بالكاشف كم الإرتباك الذي تعاني منه الدولة التونسية و ائتلافها الحاكم ليخرج رأس الدولة الباجي قايد السبسي و يقول  أن البلاد غير قادرة على تحمل عملية إرهابية جديدة في مزيد نشر الفزع بين الموطنين المنهكين من الملف الإقتصادي الكارثي ليضاف إليها فزع على أمنهم . التراجع الخجول الذي سمي تأجيلا للمؤتمر الوطني للإرهاب و رفع حالة الطوارئ كما يبدو جليا لم تكن على أساس حصول انتصارات حقيقية في هذه المعركة ضد الإرهابيين المتحصصنين في أغلب مرتفعات البلاد أو القابعين في معسكرات التدريب الليبية الذين يتطلعون لتصدير القتل نحو تونس , و لكن نظرا لأنه بكل بساطة لم تحصل عملية إرهابية منذ مدة . نعم , هكذا يفكر ساستنا الموقرون الذين يملكون مصائر العباد في علاقة بمعضلة الإرهاب التي تنخر البلاد و كل الوطن العربي و التي تهدد في كل لحظة بانفجار قد يغرق البلاد في أتون الحرب الأهلية تطل من حدودنا الشرقية .
لنتحلّ بالشجاعة الأخلاقية لنقول أننا غير محصنون ضد الإرهاب و أن الأصولية تنخر المجتمع التونسي , نعم لنتحل بالشجاعة الأخلاقية لنقل أن أحد أطراف الحكم المحوريين أي حركة النهضة تعتبر معرقلا حقيقيا في ملف محاكمة الإرهاب . بعد أن تم إفلات الجوامع و اعتلاه الأيمة المتطرفون و حضر قيادات حركة النهضة اجتماعات منظمة أنصار الشريعة التي كانت تصدع علنا بمبايعتها لتنظيم القاعدة و بعد أن صدرت حركة النهضة خطابا رسميا أصدرته القيادات الكبرى من راشد الغنوشي حتى وزير شؤونها الدينية نور الدين بالخادم التي تحرض الشباب التونسي صراحة للإلتحاق بجبهات القتال السورية , بعد أن تم تفخيخ المجتمع التونسي و إخراج كل ما يمكن أن يختزنه المجتمع التونسي من تطرف و أصولية يتحدث إسلاميونا عن مكافحة الإرهاب . هذا الموقف الذي بدا من أوله غير جدي بعد رفضهم عزل أيمة جوامع عرفوا بتحريضهم الصريح للقتال في سوريا يدعونا للقول أن الإسلاميين لا يتحلون بالجدية الحقيقية التي تدفعهم لمراجعة حقيقية لمواقفهم تجاه التطرف الديني .
يبدو أن تونس أولا يجب أن تبقى في موضع رد الفعل العاجز تجاه الإرهاب في غياب اليات حقيقية أمنيا و اجتماعية و أخلاقيا عن مكافحة الإرهاب بطريقة فعالة و تحصن شبابنا من التحول إلى سافكي دماء و وحوش بشرية تنشر الخراب في الوطن العربي . لا نماري القول عندما نقول بوضوح و موضوعية أننا تحت رحمة استراتيجيات المتوحشين القابعين في كهوف جبل الشعانبي و جبل السلوم و جبال جندوبة و الصحراء الليبية , و  تحت رحمة متقلبات الإقليمي و الدولي المتحرك بشدة . في انتظار حدوث الأسوء سيبقى الساسة و الفاعلون الكبار في سجالاتهم حول اقتسام غنيمة السلطة حتى ترجّ البلاد بعملية ارهابية جديدة تعيد للساسة وعيهم و توقضهم من غيبوبتهم التي يبدو أنها طويلة و ستطول . إنها في مدخل كهف مظلم لم يلح نور مخرجه بعد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس