الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة ومعاناة الفلسطيني في غزة

تحسين يحيى أبو عاصي

2015 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


المقاومة ومعاناة الفلسطيني في غزة

نعم للمقاومة ... لكننا يجب ألا نتماهى مع ذواتنا وكأننا نعيش في الولايات المتحدة الغزاوية ، حتى لو ملكنا النووي والكيماوي والانشطاري ، خاصة وشعبنا في غزة يعيش كافة أشكال المعاناة ولا استثني شكلا من تلك الأشكال ، ولكن المصيبة كما قال الشاعر ( إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم ) المعاناة تؤدي إلى فجوة كبيرة بين الحاكم والمحكوم ، قد لا يردمها الزمن ، وقد تضع بصماتها المؤلمة على القلوب والنفوس والعقول والأجساد ، كما هو الواقع فعلا في غزة ، بحيث لا يجدي معها نفعا كافة عمليات الترقيع ، فالعطار لا يصلح جراح الزمان ، ولا يمكن لحبة الأكامول أن تعالج أمراضا صعبة ألمت بنا ... معاناة الفلسطيني في غزة أدت إلى تغيير الوعي وتبديل الأولويات ، خاصة عندما يشعر المواطن في قطاع غزة أنه لا يتمكن من علاج أطفاله ، و من توفير لقمة الخبز لهم ،ولا من تعليمهم ، ولا من بناء بيته المهدوم ، فلا أمل ولا مستقبل ولا حياة لهذا المواطن المسحوق ، ثم نتغنى بمقولة عاش شعبنا الفلسطيني البطل !! ، فهل نريده بطلا متى نريد ووفق مقاساتنا فقط ، أم أن البطل هو من نوفر له مقومات الصمود ليظل متشبثا بوطنه مدافعا عنه ؟ ونحضنه ونتحسس معاناته ، لا نلقه باليم مكبلا ونقول له إياك إياك أن تبتل بالماء ... هل يكون المواطن بطلا عندما يترك ابنه مقعده الجامعي بسبب الرسوم الباهظة ؟ علما أننا قادرون لو رغبنا على إيجاد حلولا لهذه المعضلة ، وهل يكون المواطن بطلا عندما تتبدل ثقافته من ثقافة مقاوم إلى ثقافة تسول الكوبونة وانتظار الطابور المذل ، وهل يكون بطلا عندما يكل ويمل وهو يبحث عن واسطة من أجل أن يفوز بتحويلة طبية لكي يعالج مريضه خارج الوطن ، وليته يفوز بها إلا من خلال واسطة إن وُجدت ، وهل يكون المواطن بطلا عندما لا يجد من يقف بجانبه في قضية عرضته إلى الظلم ، بينما خصمه حرا طليقا ؛ لأنه يملك ظهرا قويا يستند إليه وهو ضعيف لا حول ولا قوة له ؟ هل الظلم يبني إنسانا ويحرر وطنا ؟ هل يشعر حفظة كتاب الله ورجال الدعوة والمرابطين وأصحاب القرار بظلم المواطن وبمعاناته أم لا يشعرون ؟ فإن شعروا فماذا فعلوا للمُعذبين الذين يشكون ما أصابهم إلى مولاهم ليلا ونهارا ، وإن لم يشعروا فربما هم يعيشون في وهم عميق .... لا نَصر مع الظلم ...ولا نَصر مع دعاء المظلومين على الظالمين ... عندما قال الحق سبحانه ( وما النصر إلا من عند الله ) فالعندية ظرف مكان ، وتعني أن نكون في معية الحق الذي ناصيتنا بيده ، فنخاف منه ؛ لأنه رقيب علينا وكأننا عنده نستمد منه السر والمدد في النصر والفتح ، فليست العندية منفصلة عن المجاهدين الأصفياء الأنقياء ، وهم موجودون لا شك ولكنهم لا يمكن أن يغيروا شيئا ، ومن هنا تكون الهزيمة بسبب ظلمنا وسكوتنا عن الظلم... قدموا لشعبكم العدل مصحوبا بالحب وبالورود ، فذاكرة شعبنا قوية ولا تعاني من آفة النسيان ...
لا يوجد بوعي شعبنا أشخاصاً آلهة نعبدهم باسم السياسة والأيديولوجية ، بل يوجد ديمومة التجديد ، وحيوية وإبداع فنون المقاومة على هذه الأرض المباركة ، فنحن لم نعد نعاني من الطفولة السياسية ، ولا من المراهقة السياسية أو الطيش الفكري ، فالطيش والمراهقة والطفولة جنت على شعبنا ويلات العذاب بكل صيغه وألوانه ولزمن طويل ، والكارثة عندما نخدر عقولنا ونغيبها في معاني مبتورة عن أصلها مثل مفردات الابتلاء والجهاد والصبر، وكأن الله سبحانه وتعالى شماعة نعلق عليها فشلنا وظلمنا وسوء إدارتنا ... فهل الله سبحانه وتعالى يمنعنا أو يُحجر علينا تعليم طلابنا الذين تركوا مقاعد الجامعة ؟ وهل الله يمنعنا من توفير الدواء لمرضانا ؟ وهل الله يمنعنا من أن نعدل ونرحم ونتواصل في بناء جسور المحبة والتعاون ؟ وهل الله يمنعنا من دعم صمود أهلنا بينما الغير في اللذائذ والنعم يرتع ؟ الله لا يظلم أحدا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ...
يكفي ... فقد تعبنا تعبا لا يعلوه تعب !!!. حتما كلماتي لن تجد قلبا تختلج فيه هذه المعاني ، ولا آذانا تسمعه وربما لا تلامس صوان الآذان ، ولا لسانا يقرأه ، بل هي صرخة في صحراء ، فإلى الله المُشتكى وإليه المصير ... وانتظر أيها الشعب الفلسطيني النصر القادم بمزيد من الدموع والآهات لكي تسمع من جديد ( اصبر أيها الشعب البطل ) ...ولا يظن جاهل أنني هنا ضد المقاومة بل معها وبقوة ، فقد أكدت ذلك اليوم تحديدا بلقائين متلفزين ، كما أكدت من قبل من خلال عشرات المقابلات وآلاف المقالات ..لكني ضد الوهم ، وضد التضليل ، وضد الشعارات الجوفاء التي تتحطم كالزجاج أمام مطرقة معاناة شعبنا ، وشعبنا يدفع الثمن بدون مقابل حتى أبسط الخدمات ...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ساهم متابعي برنامج -ماذا لو- بتطوّره؟ • فرانس 24 / FRAN


.. رومانسية خيالية، غرام مأجور... اليابان، مختبر أشكال الحب الج




.. العنف الجنسي ضد القاصرات: -ظاهرة متجذرة- في الـمجتمع الـمصري


.. فوضى ونهب وعنف في كالدونيا الجديدة.. هل استقر الوضع الأمني؟




.. التطبيع السعودي الإسرائيلي.. غاية أم وسيلة؟