الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زقزقة عصافير

البدراوى ثروت عبدالنبى

2015 / 10 / 7
الادب والفن


مع بداية ضوء الشمس ، سمع صوت زقزقة عصافير جميلة لم يكن اسمعها منذ 4 أعوام  ظننت انها ضمن حلم ، لكن الصوت استمر فترة و باقى ساعة على موعد ان أ ستفيق من نومى لأستعد الى الذهاب إلى العمل ، كان بى رغبه أن أكمل نومى و حيرة أن تعرف سر هذا الصوت الذى لا يكف عن الزقزقة داخل المنزل ، قاومت نومى و ذهبت تجاه  الصوت الذى احتل منزلى ، و لم ألاحظ ان كانت زوجتى بالسرير  بجوارى أم لا .
فتحت باب غرفتى ، أمامى زوجتى تقف أمام قفص به عصفورين احدهما أزرق و الاخر بين الأصفر و الاخضر تضع لهم شئ فى كوب بلاستيك و العصفوريين منكمشين على بعضهم .
_ صباح الخير
_صباح النور
_ ماذا تفعلى ؟
_أضع الطعام للعصفوريين .
_ لم أكن اعرف انك تحبى العصافير ، متى اتيتى بهم ؟
_ بالامس .
_  أتمنى تنقليهم الى  مكان اخر ، ليس بجوار حجرة النوم صوتهم أقلق منامى .
_ ولك ذلك ، و لكن أين تفضل أن اضعهم به ؟
_أى مكان ، لكن بعيد عن حجرة النوم .

ذهبت لتجهز الفطور ، و وقفت أمام القفص و نظرت اليهم طويلا و شردت ، لم أعرف لماذا هذا الصوت الرقيق ضايقنى ، لماذا أزعج منامى الى هذا الحد وقفت طويلا و قاطعنى صوت زوجتى  ...
_ الفطار جاهز .
نظرت الى الساعة و دخلت الى الحمام و حلقت ذقنى جيدا و خرجت أكلت سريعا ولم أتحدث مع زوجتى و خرجت بلا وجهه .
ركبت سيارتى  و قررت عدم الذهاب الى العمل ، احستت برعشه تسرى بجسدى ،و شعرت بالخوف مرة أخرى ، الخوف من كل شئ ، الكلمات والورق و القيود و الناس ... نظرت للوجوه و تلك الوجوه الخشنه العبوسه الجافة  ،و  الساعة تشير بيدى الى السابعة و النصف و بدأت الحركة بالشوارع تزداد .
أوقفت سيارتى بشارع جانبى و قررت ان أكمل طريقى الذى لم أحدده مترجلا ، ولكنى وقفت فجأه و نظرت حولى ، تثبتت عينى على مكان أبيض جميل من الخارج هادئ  دققت نظرى على سيارات كبيرة يغلب عليها اللون الأزرق و يفصل بينى و بينهم مجرد رصيف ، لم تتحمل أرجلى الموقف و جلست على الرصيف المقابل لها و وضعت يدى على راسى .
                 ___________________
ظلام الليل وصوت شخير لشخص نائم ، جسدى مرتعش من البرد و الخوف المسيطر داخلى و طعم الدم الذى بفمى و الجروح التى تملئ جسدى ، و صوت داخلى يقول لماذا كل هذا ؟
ولكنى نامت ،  من الارهاق ممكن أو الوجع او فقدت الوعى فذهبت فى نوم تختلط فيه الكوابيس مع الحلم .
أفقت قرب الفجر على زقزقة عصافير و شخصين يجرونى و لا أعلم ما يحدث لى ، هل هذا كابوس ، تمنيت ان يكون كابوس ويزول ، دخلت غرفة بها كرسيين و منضدة تفصل بينهم و اضاءة خافته و قبل دخولى الحجرة أعصب عينه .
أدخلنى شخص الى الحجرة  و اجلسنى برفق على الكرسى أرادت أن أبكى من التاثر و أنا لا أعلم ما الذى اقترفه لكل هذا ! و لكنها مجرد لمسه كأنها عطف على جسدى الضخم الذى تم انتهاكه بكل وسائل الإهانه ... بعد فترة ليست بالكبيرة سمعت صوت الباب يفتح و يغلق و وقع أقدام تمشى فى خطوات ثابته و مفاتيح توضع على المنضده أمامى و رائحة دخان سجائر .
_ أسمك ؟
لم أكن أعلم أن هذا السؤال موجه لى فصمت
_ مش عارف اسمك و لا ايه ؟
_ أحمد
_اسمك بالكامل
_ أحمد كامل عبدالعاطى
-سنك و عملك وسكنك ؟
_34 عام ، مدرس بجامعة المنصورة كلية الحقوق ، وعنوان سكنى ....
وصمت فترة وقال
_ حضرتك تعلم أين أسكن و أين اعمل و تاريخ ميلادى و ورقمى القومى جميعهم كانوا بمحفظتى الشخصية .
_ و أنا اريد ان اعرفهم منك ، على سبيل النقاش ، ولكن و ليكن ذلك .
 _ ما سبب وجودك فى تلك المظاهرة التى خرجت من أمام مبنى إدارة الجامعة ؟
_ مطالب المظاهرة كانت واضحة و أنا بنفسى فعلت كل الأمور القانونية اخذت تصريح أمنى و موعد المظاهرة و موعد انتهائها .
_ لكن حدث شغب و أنت فى الصفوف الأولى !
_من بدأ بتفريق المظاهرة التى استوفت كل الشروط القانونية ؟ ومن ضرب الطلاب و من حاوط المتظاهرة و جعلها لا تتحرك ؟ أنتم من فعلتم ذلك كل الأمر انكم ترون اننا مجرد أطفال مشاغبيين و انتم المدرسيين العاقلون الوحيدين ، افعلوا هذا و لا تفعل هذا و العقاب دائما كمثلى و أنا هنا ، و ملخص التفكير الذى تفكرون به لا يتجاوز شكل الدولة من العبس و عدم احترام اى من حقوق الانسان ، نضرب كأننا حيوانات داخل مزرعة و نعيش فى ظلام ، تدعون الفضيلة و أنتم المسئولون عنها ، هل الفضيلة هى أفكار البدو ، البدو لا يعترفون بالقانون ، لا يوجد عندهم أدنى معنى للقانون و لا المسئولية و لا الفكر كل حياتهم عبارة عن المسخ الذى تحاولون عمله بنا ، هذا المسخ  الغير متعلم ، الفقير ، المطالب بان لا يكون له صوت .
_ معنى ذلك أنك معترف بجريمتك ؟
_ أنت تسميها جريمة و أنا اسميها حق .
_  من الظاهر أن الأيام التى مضت لم تعلمك شئ ، ولكنى سأعلمك درس أن تعرف المسخ الحقيقى على يدى .
لم تمر دقيقة الا و صوت الباب يفتح و أنا أمضى على محضر و انا معصب الأعين ، مجرور من شعر راسى على الأرض ، و بعدها أحسست ببداية لفقدان الوعى مرة ، ثم ألم شديد يتبعه فقدان للوعى ...
سمعت زقزقة عصافير تقف على حافة الشباك لصغير الذى بالحجرة التى أنا ملقى فيها عارى تماما ، حجرة ضيقة أشبه بالقفص ، لم أسعر بالجوع و لا العطش و لا أكن صار بى خوف و رعشة لجسدى لم أعهدها من قبل لم أستطيع الحركة نهائيا وجهى عابس ، وجع شديد بأعضائى كلها أحسست فى هذه اللحظة أننى مجرد مسخ و كل ما أستطيع فعله هو النظر لشعاع الشمس من الشباك و العصفور الذى يشاهدنى فى ضعفى التام ...
                               ___________________
وهناك صوت يأتى من بعيد يقول يا أستاذ ..... أستاذ بطاقتك رفعت رأسى و نظرت له و الدموع بعينى التى نزلت لأول مرة أمام أحد و قال بطاقتك أنت قاع هنا ليه ...
لم أكن أعرف أين أنا الا لما دققت فى الشخص الذى امامى و انا اخرج محفظتى و اخرج بطاقتى و يقول
_ ما بك ؟ أنت جالس هنا منذ فترة
_ لا شئ مجرد وجع وسيزول .
ذهبت الى سيارتى بعد وقت ، و ذهبت إلى المنزل باحثا عن قفص العصافير و فتحت لها القفص لكى تخرج و تطير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا