الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الانتفاض الفلسطيني

عماد صلاح الدين

2015 / 10 / 8
القضية الفلسطينية


مشكلة الانتفاض الفلسطيني
عماد صلاح الدين

ربما هي المرة الوحيدة، في تاريخ النضال الفلسطيني المعاصر، التي اندلعت فيها ثورة فلسطينية حقيقية، ولكن كانت لفترة محدودة تقدر بسنة أو ينيف قليلا، كان ذلك عام 1988 – 1989، وحين أقول ثورة؛ فذلك لان الجميع الفلسطيني تقريبا، شارك في تلك الثورة؛ الكبار من الرجال والنساء والأطفال والتنظيمات، وغيرها قطاعات نقابية واجتماعية وجامعية، في تلك الفترة.

بحسب الأدبيات الكلاسيكية الفلسطينية، فانه مرت على فلسطين، منذ عهد الانتداب البريطاني، وحتى كتابة هذه السطور، ربما أكثر من خمس وعشرين انتفاضة وحراك واحتجاج، لكن معظمها وان كان لها دفع تراكمي في مسيرة النضال الفلسطيني، لم تستطع أن تحقق انجازات حقيقية على طريق التحرر وتقرير المصير، باستثناء انتفاضة الحجارة عام 1988- 1987، والتي تم استغلالها بشكل سيء بالتوقيع على اتفاقات أوسلو عام 1993-1994.

كانت إسرائيل سترضخ لقبول التسليم بجزء أعلى ومعتبر أكثر، من الحقوق الوطنية الفلسطينية، لو تم إفساح المجال لاستمرار تلك الانتفاضة مدة أكثر، ومن ثم تم استثمارها سياسيا ووطنيا لصالح القضية الوطنية الفلسطينية.

أما باقي عديد الانتفاضات والحراكات الفلسطينية، سواء في العشرينيات أو الثلاثينيات، في ثورتي البراق وثورة ال36 -39، وغيرها في تلك الفترة، إلى موجة التحرك التنظيمي الفلسطيني في الستينيات والسبعينيات، وحتى مرورا بانتفاضة الأقصى، فكانت، للأسف، الاحتجاجات والتحركات أو ما يطلق عليه الانتفاض محدودة ومقصورة على فئات أو تنظيمات أو توزعات جماهيرية بعينها، ولم ترق إلى مستوى الحراك الثوري الشعبي الشامل.

وكانت التحركات- ربما- تبدأ شعبية محدودة إلا أنها تتحول معسكرة كليا تقريبا، ومن ثم لينتهي العمل العسكري المقاوم إما بالقضاء عليه أو بسبب إرهاق المقاومين، لعدم التكافؤ في ميزان القوة العسكرية، أو بالتهدئة والاحتواء المتعدد.

وما ينقص الاحتجاج أو الانتفاض الفلسطيني، هو القدرة على تحويله إلى ثورة شاملة، في مواجهة الاحتلال الصهيوني، يشارك فيها الجميع الفلسطيني، وبكل الوسائل المتاحة والممكنة.

ليس مقبولا من الناحية النضالية والثورية، أن تكون المقاومة معتمدة على وسيلة بعينها، ولا أن يكون التحرك من جماعات أو فئات محددة. مطلوب التزاوج دائما بين حراك الجماهير الشامل وبين إسناد النخب القيادية والثقافية الموجهة، وكذلك إسناد الفعل العسكري المقاوم، لردع الاحتلال والمستوطن الصهيوني، عن الإيغال كثيرا في الدم الفلسطيني، وفي مساس عموم حياته ومقدراته.

إن ما يجري اليوم في الضفة الغربية، هو مجرد احتجاج ورد فعل، على واقع مزدوج من السوء، من طرف الاحتلال من جهة، ومن سياسات السلطة الفلسطينية من جهة أخرى.

بمعنى أن المنتفضين لم يتحركوا من منطلق واجب المبادرة في مواجهة الاحتلال والنظر إلى التحرر وتقرير المصير، وإنما من ضغط الواقع منذ سنوات طويلة، وفي ظروف احتلال ديلوكس ونظيف جدا لصالح إسرائيل والمستوطنين من جهة، وضد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ومقدساته من جهة أخرى ؛ فالاستيطان والمستوطنون ومصادرة الأراضي زاد بشكل تفاقمي وخطير جدا، وفي ظل جبر وفرض الهدوء والاستكانة على الفلسطينيين، والمسجد الأقصى أصبح تقريبا مقسما زمانيا ومكانيا، وهذا مؤشر على اقتراب مشروع إزاحة القدس كلها من أجندة القضية الفلسطينية، وكذلك من ضغط الحالة الاستهلاكية المفرغة لمكانين القوة الذاتية والموضوعية الإنسانية والوطنية، بحيث يتحول الشخص إلى مجرد وسيلة خدمية وأمنية وسيطة، دون هدف سام على مستوى الذات نفسها أو على مستوى الهم الوطني، بمعنى أن الإنسان الفلسطيني وجماعاته المجتمعية، أصبحت في حالة شلل شبه تام، خصوصا في ظل سياسات مالية ومعيشية، قوامها القروض الربوية والمسابقة نحو الفشخرة الاستهلاكية الاجتماعية، دون رصيد أدنى من الإنتاج أو المقدرة عليه.

وحين أقول ردة فعل، اقصد حالة الزحف القاتل صهيونيا، وللأسف، سياسيا وماليا بإشراف أمريكي وغربي، ومساهمة إقليمية عربية، وبتنفيذ فلسطيني رسمي، على الفلسطيني وأرضه ومقدساته ومقدراته ومستقبله ألهوياتي والوطني.

فمن المحزن جدا، أن نجد في هذا الحراك الجاري اليوم، في الضفة الغربية، ردة فعل انتقامية، لها حدود في الشخص والعائلة، على جريمة مستوطنين في دوما أو غيرها من القرى والبلدات الفلسطينية، وردة فعل أوسع ربما قليلا، ومن قطاعات بعينها فقيرة ومهمشة ومستهدفة، من الجميع في مواجهة العدو الإسرائيلي المباشر.

لقد صنع الهم الخاص الاستهلاكي واللاوطني هما خاصا في الانتقام ورد الفعل، وليس بهكذا طريقة ومسار تتحرر الأوطان.

أعيدوا للشعب طبيعته وللقضية طبيعتها، ولظروفهما طبيعتهما كذلك، في مواجهة إعادة الطبيعة لمشروع صهيوني إسرائيلي معروف طبيعته وفلسفته، حتى تكون الثورة والانتفاضة على الاحتلال من الجميع الفلسطيني على جميع المشروع الصهيوني، دون تفرقة هرطقية بين إسرائيليين صهاينة ومستوطنين صهاينة، فكلهم ولا شك أعداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل