الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتابي - الطبيعة في شعر ابي تمام -

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2015 / 10 / 8
الادب والفن


مقدمة كتابي " الطبيعة في شعر ابي تمام "
-------------------------------------------:
داود سلمان الشويلي
استمرت رحلتي مع الشعر العربي منذ ان قرأت اول ( محفوظة ) في القراءة الخلدونية للصف الاول الابتدائي ، حتى اذا وصلت الى الصف السادس الابتدائي ، احتشدت ذاكرتي بالكثير من المحفوظات والقصائد الشعرية التي كانت من مقررات المنهج الدراسي للمرحلة الابتدائية ، وكان بعضها القيه بعض الاحيان في " اصطفاف " يوم الخميس لتلاميذ المدرسة الشرقية النموذجية الابتدائية ، الا ان الشعر العربي القديم كان بعيدا عن ذائقتي الشعرية وقتذاك ، ولم اتعرف عليه الا في الدراسة المتوسطة ، مما دعاني الى ان اقضي جل وقتي في المكتبة العامة لمدينة الناصرية ، فقرأت اغلب دواوين الشعر العربي الجاهلي والاسلامي والاموي والعباسي حتى عصرنا الحديث ، قراءة دراسةٍ وامعان ، فأستهواني من الشعر الجاهلي : " امرؤ القيس" ، ومن الاسلاميين : " كعب بن زهير" ، ومن الامويين : "عمر بن ابي ربيعة "، ومن العباسيين : "المتنبي "، ومن العذريين : "المجنون" ، الا ان الشعر الذي وجد طريقه الى ذائقتي وقتذاك ، هو الشعر الحديث ، ومنه الشعر الحر ، وخاصة جيل السياب ، فرحت اكتب قصائد على منواله ، الا ان طريق السرد ، والسرديات اخذني الى كتابة القصة القصيرة ، والدراسة النقدية حتى يومنا هذا.
واذ كان اتجاه دراستي علمياً ، فانا خريج السادس العلمي والجامعة التكنلوجية ، فأن البحث والدراسة الاكاديمية لم تكن من اهتمامي ، انما كانت الدراسة النقدية ، هي التي اخذت مجالها الواسع في مسيرة حياتي الادبية ، فنشرت ثلا ثة كتب في النقد والدراسة الادبية دون ان يكون للشعر مساحة فيها ، سوى بعض الدراسات المتفرقة في الصحف والمجلات ، حتى اذا كانت دراستي للدبلوم العالي تتطلب اعداد اطروحة ، فقد اخترت موضوع ( الطبيعة في شعر ابي تمام) لاسباب منها : بُعد العهد بيني وبين هذا الشاعر ، اذ كان من ضمن قراءاتي في مرحلة الصبا، وما للطبيعة من دور كبير في حياة الانسان ، ولِما يمتلكه الشاعر من حس مرهف وروح منجذبة الى كل ما هو جميل ، ولمعرفتي البسيطة أن موضوع الطبيعة عند هذا الشاعر لم يدرس دراسة منهجية ، علمية ، فضلا عن ان هذا الموضوع من الموضوعات التي تناولها الشعر العربي قديمه وحديثه ، اذ وصف الشاعر العربي طبيعة بيئته التي عاش فيها ، وتغنى بجمالها ، وتحدث عما فيها من تأثير سلبي او ايجابي على مشاعره واحواله النفسية ، وتقرب بها ، ومن خلالها الى ممدوحه ، او ذم احد عناصرها ليؤكد هجاءه للاخر ، فوصف رحلته الى الممدوح ، وما فيها من طبيعة صحراوية واطلال ودمن وآثار عفى عليها الزمن ، تحدث عما في الصحراء من حيوان وحشي اواليف ، وكذلك عن دور عناصرها ومظاهرها في التأثير على الاشياء ، فوصف حلول الربيع ، وما يتركه من مناظر خلابة جذابة ، تثير في النفس شعوراً بحب الجمال .
وخلاصة القول ان الشاعر العربي قد قال كلمته في الطبيعة وعناصرها وظواهرها . (1 )
ولما كانت المناهج التي اشتغلت عليها في دراساتي عن السرديات السابقة ، ( 2 ) هي مناهج حديثة ، الا ان المنهج الذي استهواني عند دراسة الطبيعة في شعر ابي تمام ، هو المنهج السياقي ، الموضوعي ، لكنني لم ابتعد عن بعض ما توصلت اليه الدراسات البنيوية وما بعدها من مناهج نقدية حديثة في مجال دراسة الشعر ، كذلك فقد استأنست بأفكار النقاد العرب القدامى ، كالجاحظ ، والجرجاني - خاصة - الذي ما زالت افكاره النقدية تجد صداها في مناهج النقد الحديثة .
لقد اخذ شعر الطبيعة الكثير من اهتمام الدارسين والباحثين ، فصدرت عنه مجموعة من البحوث والدراسات ، وكانت لي خير عون في كتابة هذا البحث ، اذ نشر الدكتور سيد نوفل دراسته الموسومة (( شعر الطبيعة في الادب العربي منذ العصر الجاهلي حتى العصر الحديث )) فيما قدم الاستاذ اسماعيل احمد شحاده دراسته (( وصف الطبيعة في العصر الاموي )) وتناول الدكتور احمد محمد الحوفي الطبيعة في الشعر الجاهلي في كتابة (( اغاني الطبيعة في الشعر الجاهلي )) ونشر الدكتور نوري حمودي القيسي كتابه(( الطبيعة في الشعر الجاهلي )) ودرس الاستاذ عبد الامير كاظم عيسى (( الطبيعة في الشعر الاموي )) ،والدكتور جودة الركابي ، (( الطبيعة في الشعر الاندلسي )) ، وغير ذلك من الدراسات والبحوث والمقالات المنشورة في الدوريات العراقية والعربية التي سيرد ذكرها في هوامش البحث .
اما دراسة الطبيعة في العصر العباسي ، فقد كتب فيها الدكتور جميل سعيد ((الوصف في شعر العراق في القرنين الثاني والثالث الهجريين )) وكذلك كتاب ((الطبيعة في شعر المتنبي )) للدكتور احمد زكي ابو شادي ، و (( الطبيعة عند المتنبي )) للدكتور عبدالله الطيب و(( شعر الطبيعة في العصر العباسي الثاني )) للدكتور رشدي علي حسن ، و(( شعر الطبيعة في العصر العباسي الثالث )) للاستاذ ماجد عبد الحميد عبد الكعبي ، فيما درس الدكتور حسين عبود حميد (( الطبيعة في الشعر العراقي الحديث في النصف الاول من القرن العشرين )) 0 وكان اخر كتاب صدر يتحدث عن الطبيعة في الشعر ، هو كتاب (( مقدمة القصيدة العربية في الشعر الاندلسي )) للدكتورة هدى شوكت بهنام.
اما المصادر الاخرى التي كانت لي عوناً في كتابة هذا البحث ، فقد كان جلها من كتب التراث العربي المحققة تحقيقاً علمياً ، فضلاً عن دواوين الشعراء الذين استفدت من شعرهم في هذا البحث.
اما مراجع شعر ابي تمام فقد قرأت : شرح الصولي الذي يقع في ثلاثة اجزاء ، وهو المصدر الاساس في هذا البحث، فضلاً عن كتاب (( اخبار ابي تمام )) للصولي ، الذي تناول القسم الاكبر من حياة الشاعر .. اما ما اعتمدت عليه من مصادر اخرى عن الشاعر المدروس في هذا البحث فقد ذكرتها في هوامش البحث وجريدة المصادر .
الا ان ما يؤسف له ، ان كل المصادر الموجودة في المكتبة العربية - حسب علمي- لم تضم دراسة واحدة عن الطبيعة في شعر ابي تمام ، لذا اجد من المناسب ان اقول ان بحثي هذا هو رائد في هذا المجال ، ومن هذا المنطلق اجدني ارتاد مجاهل هذا الموضوع ، وكان الهدف الذي ارمي اليه ، من دراستي هذه ، هو الكشف عن استفادة الشاعر ابي تمام من الطبيعة في شعره ، وبيان كيفية تعامله مع عناصر وظواهر الطبيعة في شعره الذي يخلو الى حد ما من وصف للطبيعة وصفاً مستقلاً .
وزعت البحث على ثلاثة ابواب .
درست في الباب الاول :
حياة ومذهب الشاعر : وقسمته الى فصلين هما :
الفصل الاول : وقد احتوى على مبحثين ، درست في المبحث الاول حياة الشاعر ، فيما كان المبحث الثاني قد خصصته لدراسة مذهبه الشعري .
الفصل الثاني : وقد احتوى هو الاخر على مبحثين ، في المبحث الاول ، وضّحت فيه كيفية استفادة الشعراء قبل ابي تمام من الطبيعة ، ومفهوم ومعنى شعر الطبيعة .
اما المبحث الثاني ، فقد قدمت فيه لموضوعة الطبيعة في شعر ابي تمام .
وقد وزعت الباب الثاني ، الذي كان بعنوان (( الدراسة الموضوعية لشعر الطبيعة عند ابي تمام )) على فصلين :
الفصل الاول : مخصصاً للدراسة الموضوعية لشعر الطبيعة غير الحية0 وقد احتوى هذا الفصل على ثلاثة مباحث ، درست فيها عناصر وظواهر الطبيعة السماوية ، والارضية ، غير الحية .
الفصل الثاني : خصص للدراسة الموضوعية لشعر الطبيعة الحية(المتحركة) واحتوى هذا الفصل على ثلاثة مباحث ، قدمت فيها امثله لشعر الطبيعة الحية عناصراً ومظاهراً .
الباب الثالث ، خصص هذا الباب للدراسة الفنية لشعر الطبيعة عند ابي تمام ، واحتوى على فصلين :
الفصل الاول : درست فيه البنية اللغوية في شعر الطبيعة عند الشاعر ، من خلال : الجناس والطباق ، بعد ان قدمت لهذه الدراسة بمقدمة عن الفرق بين اللغة الشعرية ، واللغة النثرية.
الفصل الثاني : وخصصته لدراسة بنية الصورة الشعرية لشعر الطبيعة عند ابي تمام ، وقدمت له بمقدمة عن مفهوم الصورة الشعرية ، ثم درست التشبيه والاستعارة ، كعنصرين مهمين في بناء الصورة الشعرية.
بعد ان اتممت ابواب وفصول هذا البحث ، ختمته بخاتمة بينت فيها اثر الطبيعة في شعر ابي تمام ، ومجموعة مما خرجتُ به من دراستي هذه من ملاحظات حول هذا الشعر .
اخيرا ، لا يسعني الا ان اقدم جزيل الشكر ووافر الامتنان لمن اعانني على انجاز هذا البحث بالشكل الذي اصبح عليه ،لأستاذي الجليل الدكتور سالم يعقوب يوسف ، الذي كان وراء كل مراحل كتابة البحث ، ولما قدمه من ارشادات سديدة ، وتوجيهات عميقة الفائدة ، وما اخذت متابعته لمراحل كتابة البحث من وقته الثمين وجهده ، فكان معي الاستاذ والمشرف الدؤوب والصديق الصدوق .
شكري وتقديري لكل من ساهم في ابداء العون والمساعدة في كتابة هذا البحث ، ولزوجتي وابنائي الذين هيأوا لي اسباب الكتابة ، فكانوا اهلاً للشكر .
واذ انهي هذا البحث ، اقول : اذا كنت مصيباً فيما كتبت فلي حسنة الاصابة ، وان اخطأت ، فلي حسنة البحث والتقصي.
الهوامش :
1 – كتب مرة الشاعر نصيف الناصري على صفحته في الفيسبوك : ((عندما يسأل المرء أحد الشُعراء العَرب الذين يقيمون في السويد عَن الشِعر السويدي، يؤكّد لَهُ أن هذا الشِعر يتعامل معَ الطبيعة دائماً ويسهب في شرح أشياء غير موجودة في الحقيقة. ذكرتُ مِن قبل أن مصادر الشاعر العربي هي مجموعة الدواوين التي قرأها وتوقَّفَ عندها. أثناء دورة مهرجان بابل للثقافات والفنون الأخيرة التي انعقدت بمدينة الحلّة ربيع هذا العام، قرأ شاعر سويدي قصيدة وكانَ يجلس الى جانبي أحد الشعراء الأصدقاء مِن العراقيين. الشاعر السويدي ذكرَ في قصيدته أن " العاصفة هبَّت فوق البحر والمركب اهتزَّ بشدّة. في الغابة ديدان وطيور. زهرة تشكو. الخريف عرَّى الأشجار مِن أرديتها " . )).,
اقول :الشاعر العربي الجاهلي خاصة تعامل مع طبيعة بيئته الصحراوية كما تعامل مع البيئة الخضراء الشاعر السويدي.
2 - الكتب التي صدرت لي هي :
– القصص الشعبي العراقي من خلال المنهج المورفولوجي – دراسة – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة -1986
- الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية – دراسات – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000
- الذئب والخراف المهضومة – دراسات في التناص الابداعي – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 2001.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل