الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب و العقل في تونس اليوم : أسئلة منهجية الى العقلاء .

بيرم ناجي

2015 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا كان الرأي العام يستسهل اتهام الاسلاميين المتشددين بكل الاغتيالات وكان يستهجن كل تبرئة حتى للترويكا نفسها و خاصة النهضة الا من أنصارها المقربين و لكنه يستبعد عمدا امكانية تورط المافيا أو جهات أخرى في الاغتيالات السابقة و أصبح بعد عملية اليوم يستسهل اتهام المافيا حصريّا ودون غيرها و لا يقبل بطرف آخر تماما و ينساق الرأي العام بكامله في هذا الاتجاه الجديد؟
هل الأمر صدفة يا ترى؟
أليس من الممكن أن تكون بعض العمليات الارهابية السابقة نفسها مافياوية كان يعرف انها ستحسب حسب السياق على الارهابيين؟
ولم لا تكون العملية الحالية بعيدة عن المافيا مثلا رغم تلميحات بعض زعماء نداء تونس أنفسهم الى ذلك؟


ولماذا لا تكون كل العمليات قامت بها تنظيمات ارهابية بما في ذلك محاولة اليوم - واختيارها نائبا عن نداء تونس من سوسة ورئيس واحد من أكبر الفرق الرياضية بجهة حساسة بالبلاد له رمزية- وقد اختارت هدفها اليوم بعد تشديد الحصار عليها بحيث لم تعد قادرة على الوصول الى الأهداف الكبرى المعروفة سياسيا ولم تفلح اليوم في تصفية هدفها لأنه لم يعد بمقدورها عملياتيا القيام بعمليات نوعية ناجحة أو لخطأ في التقدير لا غير مثلا؟


سؤالي ليس هدفه لا نفي و لا تأكيد أي شيء.هدفه فقط التنبيه الى اننا ننساق في الاتهامات بناء على رؤى سياسية مسبقة - في السابق لمعارضة الاسلاميين و الآن لمعارضة نداء تونس - وعلى مؤشرات تعطى لنا دون أن تكون لنا أية قدرة على التثبت منها.


سؤال سياسي الآن قد يكون أخطر من سابقه:


ماذا لو يكون الهدف من عملية اليوم هو نفسه الهدف من اغتيال شكري بلعيد و محمد البراهمي:ادخال البلاد في حرب أهلية؟
اغتيال شكري و البراهمي كان يعني احتمال الاقتتال التونسي بتوجيه التهمة الى الاسلاميين و النهضة تحديدا -ولو في صيغة المسؤولية السياسية .


محاولة الاغتيال اليوم قد يكون هدفها تصوير ان كل الارهاب - بما في ذلك السابق- هو عمل مافيوي و ربطه برجال أعمال عرفوا انهم قريبون من نداء تونس الآن و بالتالي تفجير نداء تونس من الداخل و تسهيل الطريق على النهضة للتصعيد في لهجتها ضده ( وقد بدأت ذلك بموقفها من السيسي ربما). وتفجير نداء تونس قد يعني فقدانه الأغلبية البرلمانية مما يجعل النهضة تطمع في الحكومة و تطرح هي و حلفاءها اسقاط الحكومة الحالية و ربما انتخابات سابقة لأوانها و وقد يجعل البعض الآخر يعود للحلم باستئناف المسار الثوري في الشارع باسقاط النداء بعد اسقاط الترويكا لاستكمال مراحل الثورة و هذا قد يزعزع جذريا المسار الديمقراطي و يدخلنا في متاهة لا أحد يضمن من سيستغلها و لفعل ماذا بالبلاد في ظل اهتراء الجميع سياسيا؟


ستقولون انني بهذا أدافع عن النهضة سابقا و عن نداء تونس حاليا. كأنّني أطلب من نداء تونس أن يبقى موحدا و لا ينفجر و من النهضة ألا تعارض بحدة نداء تونس و تسقط حكومته و من الجبهة الشعبية الا تدفع الى الشارع و الى الاستعداد لقيادة تونس .
فليكن ذلك اذا كان سيصير على حساب مسار الانتقال الديمقراطي السلمي في وضع أزمة خانقة على كلّ الصّعد. قناعتي ان محاولة النهضة -مثلا- فعل ما فعلته بها جبهة الانقاذ بأن أسقطتها و محاولة الجبهة الشعبية - مثلا- تكرار اعتصام القصبة للاطاحة بالحكومة الحالية سيكون كارثيا .والمهم عندي أولا وقبل كلّ شيء ألا يقع التونسيون من الحزبين الكبيرين خاصة في فخ الاقتتال يوما ما لأن حدوث ذلك لن يخدمهما ولن يخدم البلاد و الشعب بل أطرافا أجنبية فقط لا أحد يعرف الى ماذا تخطط في تونس و المنطقة...وخاصة الجزائر...بعد التدخل الروسي في سوريا و تطور علاقات مصر بسوريا و بتونس أخيرا و الذي قد يتطلب تدخلا في المغرب العربي للقيام بتعديل آخر اقليمي لصالح قوى لا يرضيها ذلك و قد تكون العين على تونس كخاصرة شرقية للجزائر مثلا.


أنا لا أعرف أصلا مدى وجاهة ما أقول . ولكنني تآمري كثيرا في توقعاتي للأهداف النهائية الدولية الكبرى في المنطقة عموما وأعرف ان هنالك من له القدرة على استخدام كل من المجموعات الارهابية و المافياوية لتحقيق اهداف استراتيجية دولية لا علاقة لها حتى بالمنفذين أحيانا و لا بعموم التونسيين بالتأكيد تماما...و عذرا على الخيال المجنّح في التحليل أعلاه اذا كان سيشعركم انكم ستفقدون قدرتكم على التحليق السياسي نحو السلطة التي بها كنتم (ضد الترويكا) و أصبحتم (ضد نداء تونس) تحلمون...ما يربطني بكم هو تونس و شعبها و ليس سلطة تجيء و تذهب.

ولكن:

ماذا لو كانت عملية اليوم بيضاء الهدف منها توجيه اشارات الى بعض رجال الأعمال الفاسدين المتنفذين - هذا اذا كان المستهدف فاسدا فرضا- حتى لا يصعّدوا لهجتهم عندما سيسحب أو يعدّل قانون المصالحة الوطنية على خلاف الصيغة التي طرح بها و الأزمة التي سببها؟

و ماذا لو كانت عملية بيضاء ايضا و لكن هدفها عكسي و هو تخويف رجال أعمال غير فاسدين - اذا كان المستهدف غير فاسد- حتى لا يتمادوا في التراجع عن الصيغة الحالية لقانون المصالحة مثلا؟

(ان تصريحات واستقالات زعماء من نداء تونس تصبح في علاقة بهذا الطرف الفاسد أو ذالك الصالح و لا أجزم بوجهتها شخصيا)

هل أدفعكم الى الخوف و الجزع و الى فخّ الوحدة الوطنية وقبول المصالحة بدوري؟


كل ما أعرفه انني لا أعرف شيئا.


على فكرة : ماذا لو كانت محاولة الاغتيال اليوم قضية شخصية تماما و السلاح أصبح متاحا في البلاد مؤخرا لرجال الأعمال و لضحاياهم و منافسيهم؟


هي تهويمات و تخمينات لا غير مع الأسف...ولكنها تبدو لي معقولة الطرح نسبيا ...ربّما!


أرجو أن يكون أهل مكّة أدرى بشعابها فعلا!


شعوري ان هنالك لعبة ما تبدو لي أكبر منا جميعا ...سياسيين وصحفيين خاصة.


وأرجو أن يكون هنالك من الشرفاء في الأمن و الجيش و الصحفيين و الزعماء السياسيين من لهم الارادة أولا و القدرة ثانيا على حمايتنا مما يجري ومدّ الطبقة السياسية و النقابية و الاعلامية بما يكفي من المعلومات التي تنقذ البلاد.


ولكن قبل كلّ ذلك: احذروا الحس العام الذي يوجه الرأي العام فهو كارثة على العقل خاصة اذا كان البلد في وضع كارثي يكاد الجميع يفقد فيه عقله.

المصيبة انّه عليّ أن أضيف: قد يكون الاجماع على ان محاولة الاغتيال اليوم يعني انها فعلا مافياوية . ففي بعض الحالات قد يتطابق الحس العام مع الحقيقة فعلا ...عندما يصل السكّين الى العظم . وعندها تصبح تحاليل المثقفين هي الهذيانية بسبب سكن البرج العاجي وهوس التذاكي.

أرجو ألا نصل يوما الى قول ما كان يقوله بعض البيارتة (بيروت) ذات يوم من الحرب الأهلية هنالك: " ليس هنالك حقيقة في بيروت،هنالك فقط حكايات و روايات."

---

"حافظي على نفسك يا تونس. فلقد تركنا فيك خير من فينا..." (محمود درويش)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه