الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عزاء للافاقين: اوباما وكاميرون وهولاند واردوغان

سمير عادل

2015 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ليست روسيا افضل من الولايات المتحدة الامريكية، ولا روسيا افضل من بريطانيا او فرنسا، ولا قباحة بوتين وانتهاكات سياساته لحقوق الانسان اقل من قباحة اوباما او هولاند او كاميرون وسياساتهم. فالجميع في سلة واحدة واهدافهم تصب في توسيع نفوذهم وامتيازاتهم السياسية والاقتصادية في العالم. الا ان الفارق بين روسيا وبقية الدول الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية هو ان الاخيرة تتبجح كثيرا بأكاذيبها ونفاقها وديماغوغيتها السياسية حول اهدافها السرية واستراتيجيتها المفضوحة. فلقد دمرت العراق بذريعة امتلاك نظام صدام حسين اسلحة الدمار الشامل وبعد ذلك حولت ليبيا الى مرتع للعصابات الاسلامية المدعومة من الادمغة المتعفنة في قطر وغيرها من دول الخليج تحت عنوان حقوق الانسان، كما نقلت سورية من الحضارة الى العصور الوحشية ليهب ويدب فيها من امثال داعش وجبهة النصرة واحرار الشام وجيش الفتح تحت عنوان "الديمقراطية" وتخليص الشعب السوري من النظام الدموي.
التدخل الروسي في سورية فضح بشكل علني وخاصة للذين راهنوا على دعايات الولايات المتحدة الامريكية في "حربها على الارهاب"، ووضع حدا لكل ادعاءاتها الكاذبة وادعاءات حلفائها المذكورين: بأنها ابدا لا ترعى المنظمات الارهابية، ولم تسع بغض الطرف عن تمدد داعش واخواتها من المنظمات الاسلامية، ولم تستخدم تلك المنظمات كأدوات في تحقيق اجندتها، ولا غضت النظر عن كل جرائم الاسلام السياسي ما دام لا يهدد مصالحها..الخ.
ان اوباما وهولاند وكاميرون يتباكون بحرقة مع اردوغان وشيوخ الخليج في مجلس عزاء نصبه الروس لهم على "المعارضة المعتدلة" الموعودة في تحويل سوريا الى ليبيا جديدة في الشرق الاوسط. يالهم من اخيار ومحبين للشعب السوري! فالمعارضة المعتدلة هي نفس المعارضة العراقية التي تحكم العراق اليوم ، هي نفسها التي اكملت خراب العراق بعد حربها واحتلالها من قبل الولايات المتحدة الامريكية، انها نفس المعارضة التي تحكم بشرعية الولايات المتحدة الامريكية، وهي تسرق وتنهب وتفسد دون اي رادع الى درجة بدء الناس يترحمون على سنوات نظام صدام حسين الدموي.
ان جبهة النصرة واحرار الشام والمجاميع الارهابية الاسلامية الاخرى تعتبر "معارضة معتدلة" في نظر اولئك الافاقين. لماذا؟ لان تلك المعارضة التي اقحمت عليها اسم "الثوار" او ثوار الكونترا الجدد، تخدم سياسة الولايات المتحدة الامريكية وتعتبر احدى الاوراق الرابحة لفرض التراجع على النفوذ الايراني والروسي والصيني في المنطقة. انهم حولوا سماء سورية والعراق الى ساحة للالعاب البهلوانية بطائراتهم وظلوا يغضون الطرف عن تمدد داعش طوال اكثر من سنة، والان يملئون وسائل اعلامهم المأجورة صراخا وعويلا على قصف "المعارضة المعتدلة" من قبل روسيا. انهم يفضحون انفسهم بأنفسهم، يفضحون كذبتهم في الحرب على الارهاب، يفضحون دعاياتهم بأن بشار الاسد وحده هو سبب الارهاب، يحاولون عن طريق التهويل للتدخل الروسي بالتعتيم على جرائم التحالف الخليجي بقيادة السعودية على اليمن ضد الابرياء. اي بعبارة اخرى ان التدخل الروسي في سورية بين بأنهم حتى فاشلين في فبركة اكاذيبهم ودعاياتهم المنافقة التي طبلو لها منذ سقوط مدينة الموصل بيد الوحوش الكاسرة. ولكن حدود فضائح التحالف الستيني الذي تقودها الادارة الامريكية ضد داعش تجاوزت فضائح ويكليكس، فتكفي فتوى 55 من علماء دين في السعودية تقضي بالجهاد ضد روسيا حتى يبين وبشكل واضح ودون اية مزايدة او مناقصة على دور الحاضنة السعودية في دعم المنظمات الاسلامية الارهابية في العالم. ولكن حماقة اولئك العلماء-العملاء تكمن بأنهم لا يفرقوا الى الان بين الاتحاد السوفيتي السابق عندما اجتاحت جيوشها افغانستان، حيث اصدرت فتاوى من نفس الحمقى بالجهاد ضد الشيوعية والالحاد التي كانت تمثلها الاتحاد السوفيتي وبين روسيا اليوم التي دفعت المملكة السعودية رشاوى لها على شكل صفقات عسكرية تقدر ب 150 مليار دولار، وهو ثمن اعلان حربها على اليمن وارسال جيوشها لتقليم اضافر الحوثيين وعبد الله صالح واعادة اليمن الى الحاضنة السعودية. ان ميزة الحمقى التي يتحلى بها علماء الدين من كل شاربة هي انهم لا يقرئون التاريخ ولا يفهمون بالجغرافية السياسية ولا يقومون بتجديد معلوماتهم (UPDATE)، وهذ سر اصدار فتوى الجهاد ضد روسيا التي مازل يعتقدون انها نفس الاتحاد السوفيتي. بيد انهم تناسوا في اصدار نفس الفتوى بالجهاد ضد الولايات المتحدة الامريكية عندما اجتاحت جيوشها العراق وافغانستان وقبلهما فيتنام وكوريا، وهذا يوضح دون لبس عمق العلاقة بين راعي الارهاب الولايات المتحدة الامريكية وبين ادواتها من عملاء-علماء الدين في المملكة الارهابية السعودية.
ان الولايات المتحدة الامريكية هي من اوصلت المنطقة الى حرب طائفية واطلقت العنان لعصابات الاسلام السياسي كي تسرح وتمرح، بعد ان هزت ثورتي مصر وتونس عروش صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وصندوق التنمية الامريكية، تلك المؤسسات المالية التي دعمت الاستبداد السياسي واشاعت الفقر والعوز والفاقه في المجتمعات. لقد ارادت من تلك السياسة "الحرب الطائفية واشاعت الفوضى" في وضع البشرية التي تعيش في تلك المجتمعات امام خيارين، فأما الخنوع والقبول بالعيش كعبيد، فقط يأكلون ويتنفسون، او الفوضى الامنية ومستقبل مجهول وموت محقق على يد مليشيات وعصابات الاسلام السياسي. وهذا هو سر خوفهم على جبهة النصرة واحرار الشام لانهم ما زالوا لم يخرجوا عن طوع الغرب بقيادة امريكا. فمثلما احتاجت أمريكا في وقت سابق الى الاتحاد السوفيتي كي تبرر جرائمها في دول امريكا اللاتينية واسيا وتحت عنوان محاربة الشيوعية والالحاد، فهي بأمس الحاجة اليوم الى النصرة واحرار الشام كي تضفي الشرعية على تدخلها في العراق وسورية وليبيا واليمن تحت عنوان "الحرب على الارهاب". فتخيل دون تلك المجاميع الارهابية ماذا يبقى في الجعبة الاستراتيجية للهيئة الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية و فرنسا وبريطانيا.
ليس امام البشرية المتمدنة والمتحضرة من خيار الا بتوحيد صفوفها من الطبقة العاملة والقوى التحررية والوقوف بوجه الهجمة البربرية التي تقودها الاقطاب الدولية والاقليمية في اشاعة اجواء الحرب والفوضى ودعمها للمجمايع الارهابية التي حولت العالم الى جحيم لا يطاق. فأما رص الصفوف والنزول الى الشوارع في كل بلدان العالم مثلما نزلت اثناء الحرب واحتلال العراق، للتصدي الى الحرب لوقفها في الشرق الاوسط التي ستجر العالم اليها او مزيد من الدمار والخراب الذي يتسع رقعته يوما بعد يوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ