الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالح الدول, بين الشر المطلق و الخير المطلق

خالد قنوت

2015 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعلن الروس عن تدخلهم العسكري المباشر في سورية بحجة استخدمها التحالف الغربي قبله و هي محاربة تنظيم الدولة الداعشية, إلا بعد أن تزاحمت تصريحات المسؤولين الامريكيين و الاوربيين (عدا فرنسا) على ضرورة قبول الأسد في المرحلة الانتقالية.
هل تذكرون:
- تصريحات وزير الخاريجة الامريكي جون كيري يوم السبت 19 أيلول 2015 بالتفاوض مع الأسد و قال:
نحن جاهزون للتفاوض. هل الأسد مستعد للتفاوض؟ تفاوض بحق، وهل أن روسيا مستعدة لجلبه إلى طاولة
التفاوض؟ وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بعد محادثات أجراها مع نظيره البريطاني فيليب هاموند.
- قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأحد 27 سبتمبر/أيلول إن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يبق جزءا من حكومة انتقالية في بلاده لكن ليس جزءا من مستقبل سوريا.
- في 24 أيلول 2015 أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الجهود العسكرية في سوريا وإن كانت ضرورية، فإنها لا تنهي الحرب فيها. ودعت إلى حل سياسي يشارك فيه الأسد.
- حتى الرئيس التركي رجا الطيب أردوغان عقب صلاة عيد الأضحى المبارك في إسطنبول :”يمكن الحديث عن مرحلة إنتقالية بوجود الأسد، ولكن الأصل الأساس أنه لا يمكن القبول ببقاء ديكتاتور بأي حال، وخاصة من قبل الشعب السوري.
- رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يعلن في 22 أيلول 2015 أنه أتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تنسيق أعمالهما العسكري في سورية.
جملة من الأسئلة يمكن أن تطرح هنا:
هل نفهم أن الامريكيين و الاوربيين و الاسرائيليين قد ساهموا بتوريط روسيا بالصراع العسكري في سورية؟
أم أن الروس قد وضعوا سيناريو تدخلهم العسكري منذ اصرارهم على انتخابات رئاسية صورية لبشار الأسد في سورية؟
السؤال الأكثر تعقيداً, أن الامريكيين و الأوربيين و الاسرائيليين و الروس يريدون وضع حد لامتداد إيران في المنطقة فهل وجود قوات روسية غير معنية بالصراعات الطائفية في المنظقة هي مقدمة لإنهاء وجود بشار الأسد بعد تطمين المناطق الموالية له بعدم تعرضها لأعمال انتقامية بعد إبدال الأسد؟
أم هل تشكيل غرفة عمليات أمنية في بغداد تضم روسيا و إيران و العراق, هو إعلان تشكيل حلف مناقض للتحالف الامريكي - الغربي في الاهداف و لكن بنفس الذريعة, مكافحة الارهاب؟
من المنطق الوطني علينا أن نبحث في هذه الاسئلة الاشكالية حتى نضع لها سيناريوهات تتناسب و المصالح الوطنية السورية و علينا قبل أي عمل آخر أن نحدد مصالح الدول المنخرطة بالمسألة السورية المتشعبة و نقوم بعمليات مقارنة و مفاضلة دون أن نتنازل عن مصالحنا الوطنية في وحدة و سيادة سورية و استقلال قرارها و على مبادئ الثورة في قيام دولة حرية و مواطنة مدنية ديمقراطية و محاكمة اسباب و مسببي كل هذا التدمير و القتل الحاصل منذ أذار 2011.
يذكر المفكر الراحل إلياس مرقص في معرض حديثه عن العلاقات الدولية: (لا يجب أن نعتبر أن كل مصالح دول العالم في وطننا هي الشر كله و لا يمكن أن تكون مصالحنا هي الخير كله, علينا أن نفهم أن الاتفاقيات الدولية تقوم على اساس الاختلاف في المصالح بين الدول و تحدث الاتفاقيات عندما تتنازل الاطراف عن بعض مصالحها بشكل يحقق القبول بينها).
سورية بلد صغير و قدره جغرافيته المعقدة و الصراعات التي يدور في فلكها كفاعل أو كمتأثر و كل قوات تدخله مهما كانت الاسباب هو قوات محتلة و تحدث انتقاصاً من السيادة الوطنية و يهدد وجود سورية فكيف بوجود مثات الآلاف من الجنود و المقاتلين و المرتزقة من جيوش دول و مليشيات و متطرفين ناهيك عن استباحة السماء السورية لطائرات لم نعد نعرف هوياتها و هذا يدعون, و لو للحظة, لا نقبل بأي منها مهما طال الوقت و غلت التضحيات.
من ناحية أخرى, علينا أن لا نتوانى عن الاستفادة من التداخلات الدولية و تناقض مصالح الدول لتثبيت خطوات متقدمة باتجاه خلق حالة وطنية سياسية و عسكرية يمكن أن تفرض نفسها في مرحلة مستقبلية في رسم معالم سورية الجديدة و التي حتى الآن لا تشي بأنها ستكون في صالح السوريين.
على افتراض ان الولايات المتحدة و حلفاؤها على تناقض مع الاتحاد الروسي و حلفاؤه في الاهداف القريبة أو البعيدة تجاه سورية, فإن على سياسيي الثورة أو المعارضة السورية التي لها تأثير على قوات معارضة تقاتل على الأرض (و هذه معضلة كبيرة) أن يستفيدوا من تجربة القوات الكردية التي تقاتل على الارض السورية في التنسيق مع قوات التحالف الامريكي – الغربي في تحديد أهدف ضرباتها الجوية تجاه مراكز و قوات تنظيم داعش التي اثبتت الاحداث أنها تنسيق علمياتها ضد قوات المعارضة و الجيش الحر مع قوات نظام الأسد و القوات الايرانية و معارك ريف حلب الشمالي ثتبت ذلك بقوة, طبعاً في حال صدق نوايا الولايات المتحدة لتصفية تنظيم داعش.
أمران اساسيان, للقبول و العمل بهذه الخطوة التكتيكية:
أولاً, حل معضلة الثورة السورية الاستراتيجية في تشكيل كيان وطني سياسي – عسكري مشترك يقود العمل الوطني التحرري من الداخل و بدعم سوري وطني خارجي.
ثانياً, فهم ميزان الصراع القائم في سورية بالجوهر و تقلباته السطحية اليومية و تفهم مقولة سياسية عامة أن مصالح الدول في بلدنا ليست هي الشر المطلق و ليست مصالحنا هي الحق المطلق و أن قدرتنا على تغليب كفة ميزان الصراع لصالح وطننا يتعلق عضوياً, بحل المعضلة الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا لم تتراجع شعبية ترامب رغم الإدانة؟| #أميركا_اليوم


.. 10 شهداء بينهم أطفال وعدد من الإصابات في قصف استهدف منطقة رم




.. بن غفير: الصفقة تعني التخلي عن تدمير حماس فإذا ذهب نتنياهو ب


.. تشويه لوحة فرنسية شهيرة بسبب التقاعس بمواجهة التغير المناخي




.. تظاهرة في مدينة بينغول التركية دعماً لفلسطين وغزة