الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة نوبل للسلام تمنح لتونس

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اعتراف على المستوى الدولي بانتصار المجتمع المدني في تونس. هكذا تبدو الصورة واضحة في استمرارية تجلي الثورة التونسية كثورة عالمية بمضامينها الجديدة.
الديمقراطية الغربية قننت الحرية في مؤسسات سلطوية مختلفة تكون الدولة. اما تونس فقد قامت مؤسسات المجتمع المدني في تحقيق انتقال السلطة السلمي من حركة النهضة الاسلامية الى حكومة تكنوقراط مستقلة كانت مهمتها الاساسية توفير مجمل الظروف للقيام بانتخابات حرة و نزيهة.
فاثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي القيادي في الجبهة الشعبية ثارت اغلب القطاعات في تونس ضد حركة النهضة الاسلامية التي تم اعتبارها راعية للإرهاب و مسئولة بشكل مباشر عن الاغتيالات السياسية و مجمل العمليات الارهابية الاسلامية. رفضت الحركة الخروج من السلطة حيث صرح رئيسها السيد "راشد الغنوشي" ان "المجلس التأسيسي و حكومة علي العريض خط أحمر و ذلك في خط معاكس لمطالب الجماهير التي امتلكت الشارع و التي طالبت بحل المجلس التأسيسي و حكومة "علي العريض" الترويكوية النهضاوية.
قامت الجبهة الشعبية ليلة اغتيال البراهمي في 25 جويلية 2013، بإنشاء جبهة الانقاذ داعية مختلف الاطراف السياسية للالتحاق بها، و ذلك على اساس تحقيق المطلبـين المذكورين آنفا. حين بلغت التظاهرات اعدادا مهولة في تونس العاصمة، و بعد اجتماع باريس بين السيد " باجي قايد السبسي" رئيس حركة نداء تونس و الرئيس الحالي للجمهورية، و بين السيد " راشد الغنوشي" رئيس حركة النهضة التي كانت تحكم البلاد على فوهة بركان ساعتها، تم الاقـتـناع بضرورة الدخول في الحوار الوطني الذي نظمته مؤسسات المجتمع المدني.
هذه المؤسسات هي بالأساس الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يملك القوة في تحريك الشارع. فالاتحاد يتملك قـلوب الاغلبية في الطبقة الوسطى و المفقرة. انه خط نضالي اسسه الشهيد فرحات حشاد ليقارع الاستعمار الفرنسي، ثم بعد الاستـقلال حافظ الاتحاد على روحيته في الدفاع عن مصالح الشغيلة و المطالب الشعبية. كانت له محطات عـديدة في مقارعة السلطة و اهمها مظاهرات جانفي 1978 التي كادت ان تطيح بحكم الزعيم "حبيب بورقيـبة" برغم تمتع الزعيم هو الاخر بمكانة كبرى في قـلوب التونسيـين الى غاية اليوم.
الى جانب اتحاد الشغل كانت منظمة الاعراف التي تمثـل رجال الأعمال و هي المرة الاولى التي يتوافق فيها ممثل الشغالين مع ممثل الاعراف. و ربما كانت تلك من مزايا حركة النهضة التي وحدت المتناقضات في مواجهتها، و ذلك مثـل انضمام نداء تونس الذي يضم قاعدة عريضة من التجمعيين اي فلول النظام السابق، و لكنه عمل مع الجبهة الشعبية التي تمثل القوى اليسارية التي تجاوزت مرحليا تناقضها مع نداء تونس في سبيل تحقيق المطلب الضروري في انقاذ تونس من حكم الاسلاميين.
و كانت الرابطة التونسية لحقوق الانسان و هيئة المحامين الى جانب اتحاد الشغل و اتحاد الاعراف في تشكيل ما سمي بالرباعي الراعي للحوار الوطني. الحوار الذي كان مضنيا و مؤرقا للجميع و الذي كاد ان يفشل، و بالتالي يفتح البلاد امام سيناريوهات مختلفة كلها تندرج تحت مسار العنف. كان مطروحا بشدة انقلاب الداخلية على سلطة الترويكا، او انقلاب الجيش او كليهما. كان مطروحا كذلك حرب شوارع بين الاسلاميين و اليساريين و لكن حكمة زعيم الجبهة الشعبية السيد "حمه الهمامي" انقذت البلاد من الدخول في حرب أهلية حيث انه بث خطاب السلمية و التحاور و منطق التـنازلات الضرورية من اجل خير تونس الذي يجب ان يضحي من اجله الجميع.
الرباعي الراعي للحوار بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل حاز على جائزة نوبل للسلام. انه اعتراف بقدرة المجتمع المدني على الفعل السياسي في تحقيق الانتـقال السلمي للسلطة و هو ما حدث فعلا في تونس. و كم نتمنى ان تأخذ جل الدول العربـية مضمون هذه التجربة و صياغـتها حسب الاختلافات الموجودة بين بلد و اخر للمرور بأقصى ما يمكن من السلمية في انـتـقال السلطة. هذا الامر يتطلب اساسا منطقا نسبيا و ارادة التواصل مع الاخر المناقض و المختلف من اجل الوصول الى ما فيه خير البلاد و العباد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د