الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب

محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)

2019 / 5 / 1
ملف 1 أيار - ماي يوم العمال العالمي 2019 - سبل تقوية وتعزيز دور الحركة النقابية والعمالية في العالم العربي


الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب
الاتحاد العام التونسي للشغل العمود الفقري للحركة العمالية و الاجتماعية التونسية ، حاضن القوى التقدمية و اليسارية و العروبية المعارضة زمن الاستبداد ومحتضن الثورة التونسية بهياكله الوسطى و الاساسية و الجهوية ، معدلا لمسار الانتقال الديمقراطي حين انحرف الى ثورة مضادة قادها الاخوان مدعومين بميليشيات تكفيرية تمارس العنف ضد المجتمع و ضد الاتحاد نفسه قاد حوار وطني جنب شعبه ويلات حرب أهلية فجاء اعتراف العالم بتتويجه بجائزة نوبل للسلام .
انطلقت القصة ذات صيف من سنة 2013 ، وضع اقليمي متفجر ، حرب أهلية في ليبيا و صراع بين الدولة و الجماعات الارهابية في سوريا و حراك شعبي مدعوم بالعسكر في مواجهة مفتوحة مع عصابات الاخوان في مصر ، قوى اقليمية داعمة وممولة للارهاب العابر للأوطان خاصة قطر و السعودية و تركيا ، وضع داخلي يجثم عليه حكم الاخوان وهيمنتهم على المجلس التأسيسي و الرئاسة و الحكومة ، أذرع سلفية تصول مطلقة الأيادي في البلاد تكفّر و تعنف و تسفر الشباب نحو سوريا و ليبيا ، حكومة مدعومة بمليشيات روابط حماية الثورة و أجهزة من الأمن الموازي تتشكل و تعبث بالقانون و بأمن البلاد ، اغتيال سياسي للشهيد شكري بلعيد لا يزال محور التوتر السياسي ، قوى سياسية تقدمية و يسارية مشتتة ضعيفة التمثيل في هيئات الدولة فكان اغتيال محمد البراهمي النائب بالمجلس التأسيسي يوم 25 جويلية 2013 القطرة التي أفاضت الكأس و دفعت القوى الحية في تونس الى العزم على انهاء حكم الاسلاميين و ايقاف حمام الدم .
لقاءات ماراطونية بين القوى التقدمية وفي مقدمتها الجبهة الشعبية و المسار الديمقراطي الاجتماعي واقرار مطلب حل المجلس التأسيسي و اسقاط حكومة علي العريض فتحولت جنازة الشهيد البراهمي الى محاولة للاعتصام في باردو أمام المجلس ومواجهة مفتوحة بين الأمن و المحتجين من النساء و الشباب ونواب القوى التقدمية... بعد أسبوع من اعتداءات الامن و الميليشيات تم فرض اعتصام الرحيل وانطلقت حملات التشويه و التهديد من القوة الاسلامية الحاكمة و أتباعها و فرض اعتصام موازي للنهضة على مقربة من اعتصام الرحيل و تحركات احتجاجية بدعوى الدفاع عن شرعية مزعومة ، اعتصام الرحيل مثل أكبر تجمع سياسي و شعبي عرفته تونس مطالبا برحيل حزب النهضة من الحكم محملين اياه المسؤولية السياسية المباشرة على العنف و الاغتيالات السياسية .
دخلت البلاد مرحلة من المجهول و أفق المواجهة بين القوى المدنية و العلمانية الديمقراطية و التيار الاسلامي و حلفائه بات وشيكا ، فتشكل بمبادرة من الاتحاد العام التونسي للشغل رباعي متكون من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و هيئة المحامين و اتحاد الاعراف قدم للقوى السياسية في الحكم والمعارضة مبادرة في شكل خارطة طريق تقضي في جوهرها بحل حكومة النهضة و الاتفاق على حكومة كفاءات وطنية والتوافق حول الدستور ، مبادرة سلمية لكن مستندة الى قوة جماهيرية خبرها الجميع وقدرة على التعبئة ترعب الأطراف الحاكمة بالامس و اليوم وواقع من الضغط الشعبي فرضه اعتصام الرحيل موحدا حول هدف واضح انهاء حكم الاخوان للتمكن من اتمام الدستور بمضامين ديمقراطية وتعديل المشروع الاول الذي يمهد لدولة دينية .
الاتحاد العام التونسي للشغل أدار الحوار بين قوى لم تكن تقبل الجلوس على نفس الطاولة في المنابر الاعلامية ففرض مشاركتها في الحوار ولم يتغيب سوى حزب رئيس الجمهورية الداعم للمليشيات وبعد مفاوضات عسيرة بين قوى متناقضة ومناورات من حزب النهضة و تراجع و تنكر تمكن الرباعي بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل من فرض استقالة حكومة الاخوان لينطلق المسار الديمقراطي من جديد توافقيا في علاقة بالدستور يقطع مع سياسة فرض الامر الواقع و استعراض العضلات التي مورست طوال سنتين في المجلس وخارجه .
الاتحاد العام التونسي للشغل و من حوله القوى التقدمية جنب البلاد حربا أهلية كانت وشيكة و أكد وفاءه لارث عريق من الخوض في الشأن الوطني السياسي و الاقتصادي و الذي يعود لمؤسسه الشهيد فرحات حشاد كما أكد انحيازه للخط الاجتماعي الشعبي وفاء لرواد الحركة النقابية التونسية محمد علي الحامي وحسن السعداوي ، هذا الدور الوطني لم يلغي الدور الاجتماعي المباشر كمنظمة نقابية عمالية في الدفاع على منظوريه من الأجراء و تعديل مقدرتهم الشرائية و خوض صراع مع المشغلين من أجل تحسين وضعية العمال و الدخول في مواجهة حتى مع شركاء الأمس في الحوار الوطني كاتحاد الأعراف الذي تنكر لحق عمال القطاع الخاص في الزيادة في الأجور .
يحق للشعب التونسي اليوم ان يفخر بحركة نقابية تقدمية وازنة و مؤثرة نصرة لمطالب العمال و انصارا للقضايا الوطنية و معدلة لبوصلة الحكومات متى انحرفت على مهامها بقطع النظر عن توجهاتها الايديولوجية و السياسية ، جائزة نوبل للسلام التي تحصل عليها الاتحاد العام التونسي للشغل و شركاءه اعتراف دولي بدور ممثلي العمال في نشر السلام و انتصارا للحركة العمالية والنقابية العربية و العالمية التي تقارع أنظمة تتراوح بين البداوة و الاستبداد و بين الليبيرالية المتوحشة في دفاعها عن الديمقراطية و العدالة الاجتماعية .
الاتحاد العام التونسي للشغل حركة نقابية اجتماعية تقدمية ووطنية صنعت مجد شعب ولا تزال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو