الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يرسم السجين حلمه

رياض ابو رغيف

2015 / 10 / 10
أوراق كتبت في وعن السجن


في احدى زنازين مديرية اﻻ-;-من العام "الصدامية " كان برفقتي مجموعة من المعتقلين احدهم كان شابا في مقتبل العمر ، كان يضع حصيرة نومه الكارتونية قريبة من احد جدران الزنزانة وكنت اﻻ-;-حظ ان وجهه دائما كان يقابل الجدار ولا يحوله الينا اﻻ-;- في الضرورات ، ولطالما سمعت صوت عبراته المخنوقة مع تمتمات بدت وكأنها كلمات كردية ترانيمها وايقاعها يشبه ايقاع الشعر او "النعي " ...
لم اسأل عن سبب بكاءه فدموع الرجال تنهمر دونما شعور حينما تغص صدورهم وتختنق من نتانة الظلم ورائحة الذل وقذارة القهر ...
بعد اسابيع دفعني الفضول الى اﻻ-;-قتراب منه ، كان وجهه لا يزال مواجها لذلك الحائط المليء بخربشات ورسوم وكلمات واشعار وذكريات من مضوا قبلنا الى حيث مصيرهم ، انتبهت الى ان عينيه مازالتا تحدقان برسم لواجهة بيت كبير حفرت خطوطه على ذلك الحائط ، وبعد ان حادثته وتعارفنا قلت له .. الى ماذا تنظر في هذا الجدار الذي اشغلك عنا وعن نفسك ، وبمجرد ان انهيت عبارتي اجهش الرجل بالبكاء وكاد لولا رجائي ان يلفت صوت بكاءه المرتفع انتباه حراس السجن ... وبعد ان هدأ قليلا قال ، اترى هذا البيت واشار الى الرسم الذي كان طالما يقابل وجهه ، هززت راسي ، فقال ، هذا الرسم رسم بيتنا .. بيت اهلي الذي ولدت فيه وعشت فيه مع اخواني ووالدي وجدي وجدتي ..اترى هذه الساحة ، وكانت عبارة عن مستطيل مرسوم امام ( رسم البيت ) ، هذه الساحة المقابلة لبيتنا وكنت العب فيها الكرة انا واخواني وجيراني واصدقائي . اترى هذا الكلب ، واشار الى رسمة لكلب وهو جالس امام عتبة الدار ، هذا الكلب جئت به جروا صغيرا اهتمت به امي وجدتي فصار اوفى صاحب لي ،كان وهو يصف لي رسمته يبكي وتنهمر الدموع غزيرة والعبرات مختنقة في جوفه ، سألته انت من رسم هذا ؟ قال نعم انا ، سالته ، لماذا ، التفت الي بعصبية وقال ، اﻻ-;- تشتاق لاهلك اجبته باﻻ-;-يحاب ، قال ، هل فارقتهم يوما ، رددت عليه كثيرا ، قال انا لم افارق هذا البيت واﻻ-;-رض التي بجانبه والساحة التي امامه والناس الذين يسكنونه والكلب الذي ربيته ولا لحظة واحدة ولم يمر علي يوم صادف ان بت خارجه ، بناه ابي غرفة غرفة وكنت وانا لازلت صغيرا اساعدهم بحمل الرمل والاسمنت في "شليل " دشداشتي ، انا اتنفس هذا البيت واعشق كل طابوقة ورملة فيه ، انا اختنق لاني بعيدا عنه ، يقتلني الشوق اليه ، ولكي اخفف قليلا عما في نفسي رسمته كي ابقى اعيش فيه حتى ولو في احلامي ...،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصول عدد من الأسرى المفرج عنهم إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير


.. الدكتور محمد أبو سلمية: الأسرى يمرون بأوضاع مأساوية بسبب الإ




.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم