الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تستكمل فصول الحكاية .. عُد إلى بدايتها

أنيس يحيى

2005 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


والبداية.. حالة عربية متأزّمة إلى أقصى الحدود .. موروثٌ من التأزم نخجل من الاشارة إلى أصحابه الأوائل الذين دُفنوا منذ قرون ، لكنهم ما زالوا يمشون بيننا للتأكّد من محافظتنا على ذلك الارث . فإن قال قائلٌ منا أن الأرض تدور ، رُجم حتى الموت ، ليس بسبب مخالفته قاعدة معرفية مروثة ، بل لأن الدوران أيضاُ يعني الحركة والانتقال من حالٍ إلى حال . والحركة ألدّ أعداء ثقافتنا الموروثة . نظرة سريعة على العرب في أقطارهم تؤكّد أننا ننتمي إلى أرومة واحدة . فالأزمة لها لون واحد وطعم واحد ورائحة واحدة ؛ التصدّي لكل ما يخالف الموروث .
نعم نحن بحاجة إلى المجتمع الدولي للأخذ بيدنا إلى العصر الذي نعيش فيه . المسألة ليست في هذه البساطة ، يقول بعضنا ، خاصة بعد أن أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية هيمنةً على العالم . صحيح ، لكن الفرصة تبقى متاحةً لانقشاع الأفق ، ومشاركة شعوب الأرض في طموحاتهم من أجل عالم يسعى إلى انسانٍ أفضل .
لا يتّسع المجال لاستعراض حالة كلّ من الأقطار العربية على حدة ؛ فالهمّ واحد ، والمعاناة تتنقل من شرق العرب إلى غربهم ، دون أن نُغفل رمي التهم على الآخرين . فالكثيرون من " مثقفينا " يتجاسرون أحياناً ، ويجاهرون بأن أنظمتنا القمعية هي من صنيعة الآخرين أيضاً ، دون الاتعاظ من سطوة الموروث الذي أحال حاضرنا إلى ماضٍ ليس فيه سوى ناقة اسمها البسوس .
لبنان مثلاً .. لقد اغتيل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في عملية استُخدمت فيها أحدث أدوات الاجرام نظراُ لما كان يُحيط نفسه به من احتياطات شديدة . وقد كان سبقه الكثيرون من الشخصيات اللبنانية الذين اغتلوا بأساليب متنوعة ، حتى أصبح الاغتيال السياسي في لبنان سمةُ ملازمة للحياة العامة ، تؤكّد وجودها بين فترات متقاربة . جميع هذه الاغتيالات كانت تُطوى على عجل ، وبات التحدّث بها محفوفاً بالمخاطر ، وأصبح على جميع اللبنانيين تصديق مقولة حكوماتهم المتعاقبة بأن اسرائيل تقف وراء هذه العمليات الاجرامية ، هذا دون أن تكشف هذه الحكومات مجرماً واحداً شارك في عملية من هذه العمليات . ما كان ليحدث لو أن المجتمع الدولي ما زال في حالة استرخاء أمام ما يدور في شرقنا العربي ؟ لا شيء سوى إضافة اسم الرئيس رفيق الحريري إلى قائمة الاغتالات التي اقترفتها " اسرائيل " . واستمر الوضع في لبنان ممسوكاً بقوة من الأجهزة المخابراتية السورية ، مع الانتشار الكبير للجيش السوري المهيمن على كل مجالات الحياة العامة في بلد كان سبّاقاً بين الدول العربية في ممارسات الحريات .
نحن اللبنانيين بأمس الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لانقاذنا من " محبة " الأشقاء ، وتلازم المسارات التي لم تكن في الواقع إلا مساراً واحداً مفروضاً على لبنان بارهاب وتخلّف .
لم تكن حاجة اللبنانيين إلى مساعدة المجتمع الدولي بأكثر من حاجة العراقيين في ظل حكم صدام حسين . ثلاثة عقود أو أكثر والشعب العراقي يعاني من نظام لا مثيل له في أساليب التعذيب والقمع والنفي ، دون أدنى بارقة أمل بانقضائه ؛ يبقى صدام حسين في السلطة حتى يهرم ويموت ليحل مكانه أحد أبنائه الذين بدأت تظهر بوادر تفوّقهم بالقهر والتنكيل بأبناء شعبهم انتشائهم . مَن يستطيع التكهّن بأن نظام صدام وأبائه وأحفاده لن يدوم في العراق إلى يوم " القيامة " ؟ قد لا تقتصر بشاعة هذا النظام على العراقيين وحدهم ، وقد كانت الكويت أولى ضحاياهم . ولم تكن لتكون الأخيرة لولا تدخل المجتمع الدولي حينها لوقف تمدد " الحضارة " إلى خارج العراق . لقد امتلأت بلدان أوروبا وأميركا بالمهاجرين العراقيين الذين نجوا من براثن صدام باعجوبة ، وقد تعرض الكثيرون منهم لأشكال من العنف قبل أن تطأ أقداهم بلداً لا تطاله يد صدام وأجهزته . مَن كان قادراً منا ( العرب ) إنقاذ العراقيين من نظامهم المتوحش ؟ كيف لنا ذلك ونحن بغالبيتنا نعيش في ظل أنظمة لا تختلف كثيراً عن نظام صدام ؟ حتى باتت الهجرة من الأقطار العربية مطلباً جماعياً . صحيح أن المجتمع الدولي ودوله الفاعلة ليست جمعية خيرية تقدم المساعدات المجانية على شعوب الأرض ، فللدول مصالح وأهداف تسعى إليها وتعمل من أجل تحقيقها . لكن ما هو صحيح أيضاً أن مصالح هذه الدول تصادمت في الوقت الراهن مع هذه الأنظمة العربية المتوحشة . فأصبح لزاماً على هذه الشعوب ( العربية ) إحتضان هذه الفرصة المؤاتية التي لا تتكرر دائماً ، للتخلّص من أسباب تخلّفهم وفقرهم وعذاباتهم ، وإلا سنبقى نحشر في قوارب صغيرة ليسير بنا المجذفون ليلاً إلى مرفأ أوروبي ندخله خلسة ونمزّق جوازات السفر التي دوّنت فوقها أسماؤنا باللغة العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل