الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبران والكهنة

نقولا الزهر

2015 / 10 / 11
الادب والفن


جبران والكهنة
لا توجد قصة من قصص جبران خليل جبران إلا وفيها شيء من النقد للكهنة والسخرية منهم. وربما لا يتمكن المرء من معرفة تلك الهوة السحيقة بين جبران وحب الكهنة ما لم يقرأ قصة (يوحنا المجنون) في كتابه (عرائس المروج).
يوحنا شاب بسيط من منطقة بشري في شمال لبنان، كان يخرج صباح كل يوم مع عجوله ليرعاها في المروج والروابي. وفي يوم بينما كان منهمكاً بقراءة العهد الجديد ، رفع في لحظة رأسه عن الإنجيل فلم يرَ العجول فراح يسأل إن كان أحد قد رآها وأخيراً رأى راهباً من رهبان دير(اليشاع) فسأله إن كان رأى عجولاً في طريقه فأخبره أنها صارت في زريبة الدير. ذهب يوحنا إلى الدير فوجدها محجوزة في الزريبة وأخبروه بأنها كانت ترعى في كروم وزروع الدير. ذهب يوحنا إلى الزريبة ليفك عجوله فمنعه رئيس الدير قائلاً له أنه لا يمكنه أخذها إلى بيته قبل أن يدفع تعويضاً عن الخسائر التي حصلت في كروم وزروع الدير وعليه ان يدفع ثلاثة دنانير ولكنه لم يكن لديه أي مبلغ من المال. حاول استعطافه واعتذر منه وتعهد له بأن الحادث لن يتكرر أبداً وطلب منه أن يعفو عنه باسم أيام الصوم الكبير ولكن دون جدوى. هنا أخرج يوحنا الإنجيل من جيبه وطلب منهم أن يجدوا أي آية في الإنجيل لا توصي بالعطف والرحمة والعفو ومسامحة الناس. فشلت كل محاولاته فاستجمع كل إرادته واخذ ينقدهم نقداً لاذعاً وأنهم لا يتصرفون وفق تعاليم يسوع الناصري. وهنا قبض عليه الرهبان وحجزوه إلى جانب عجوله ولم يعد إلى بيته إلى أن جاءت والدته العجوز متكأة على عصاها إلى الدير.وكانت لا تملك ذلك المبلغ من المال الذي طالبوا يوحنا به، ولم تجد إلا أن تنزع قلادة فضية تحتفظ بها من يوم زواجها وأعطتها لرئيس الدير فاخذها. ورجعت مع ابنها وعجوله إلى البيت ولكن يوحنا كان يتفجر غيظاً من هؤلاء الكهنة القساة.
وفي يوم عيد الفصح كانت الاحتفالات قائمة في الدير على قدم وساق. وكان يوحنا هناك وإذ به يصعد إلى الشرفة ويبدأ يخطب في الجموع وصب جام غضبه على الكهنة وتصرفاتهم وسلوكهم وترفهم وتعسفهم وتكبرهم وظلمهم للناس الفقراء ومراءآتهم وتزلفهم للأغنياء.هنا استشاط غضباً رئيس الدير وطلب من الرهبان الإمساك به واستدعي رجال الدرك للقبض عليه. واتهموه بالجنون ولم يفك أسره إلا بعد مجيء والده ليشهد على جنون ابنه واختلال شعوره وهكذا كان. أفرج عن يوحنا وصار في المنطقة يعرف بيوحنا المجنون.
ينهي جبران قصته فيقول: "بين تلك المروج والروابي الموشاة بالأعشاب والزهور، كان يوحنا يجلس بقرب عجوله المنصرفة إلى مرعاها الطيب.وينظر بعينين دامعتين نحو القرى والمزارع المنتشرة على كتفي الوادي مردداً هذه الكلمات بتنهدات عميقة: (انتم كثار وأنا وحدي، فقولوا عني ما شئتم، وافعلوا بي ما أردتم، فالذئاب تفترس النعجة في ظلمة الليل، ولكن آثار دمائها تبقى على حصباء الوادي حتى طلوع الفجر وشروق الشمس).
نقولا الزهر
دمشق في 10/10/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة


.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات




.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي