الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قُدرَةُ حَيدَر العباديّ

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2015 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


" لا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها " فما بالُنا نطالب ونلحُّ على حيدر العبادي أن يُسرع في خطواته الإصلاحية ، والكلّ يعرف أن هذا خارج عن قدرته ، بل يذهب البعض للمناداة بدعوته للإنسحاب إن كان يرى عجزه عن تنفيذ ما وعد به في ورقته الإصلاحية . إن إصرارنا على ضروروة الإسراع في تنفيذ الإصلاحات يأتي من " حرصنا " أو خوفنا من عدم تمكّن العبادي من الحيتان الكبيرة التي تنالها الإصلاحات ، فهو حق مشروعٌ لنا كأبناء شعب إكتوينا بنيران فساد طال خيراتنا وأرضنا وشرفنا ، وضيّع أكثر من ثلثي أرض الوطن بتسليمها إلى الدواعش الإرهابيين ، وحوّل أكثر من ثلاثة ملايين من أبنائنا إلى نازحين عن ديارهم قسراً دون أن تستطيع الحكومة وضع حل مناسب لهم رغم مرور أكثر من ستة عشر شهراً . لكنّ علينا أن ندرك أن الصراع للوصول إلى هذا الحق المشروع صراعٌ متعدد الجوانب بالنسبة إلى حكومة العبادي : ففي الوقت الذي يأخذ الصراعُ لتحرير الأرض المحتلة من الدواعش من جهود الحكومة بما تتطلبه الحرب من مستلزمات مادية وبشرية : تواجه عجزاً في ميزانيتها وقلة مواردها بسبب إنخفاض أسعار البترول من جهة وعدم وجود جيش نظاميّ وبتدريب عالٍ ، من جهة أخرى ، بالإضافة إلى وجود كيان جديد تحت إسم " الحشد الشعبي " الذي يمثل مجموعات موالية لكتلٍ وكيانات سياسية معينة ، وتنعكس على أدائها جميع الخلافات السياسية بين تلك الكتل والكيانات . فبالإضافة إلى إنشغال الحكومة الجدي بالحرب ضد الدواعش ، هناك حربٌ داخلية ، من نوع آخر ، هي مكافحة النشاطات الإرهابية في المحافظات الأخرى ، والتي تزداد كلّما خطى العبادي خطوة ، ولو صغيرة في مشروعه الإصلاحي . إن الأعمال الإرهابية في هذه المناطق هي في الحقيقة من أعمال الميليشيات الوقحة التابعة للكيانات السياسية ، وهي وسيلة لردع العبادي عن تنفيذ الإصلاحات . الحيتان الكبيرة التي إستفادت في فترة ما بعد الإحتلال وإغتنت من نهب أموال الشعب ، لا تنثني بسهولة ، ولن تتراجع عن القيام بأرذل الأعمال الإرهابية للمحافظة على مكانتها وقوتها . فليس من المنطق العقلاني إتهام الدواعش بإختطاف وكيل وزارة أو عددٍ من العمال الأجانب أو إختطاف جلال الشحماني وعدد آخر من نشطاء التظاهرات ، بل المنطق يسوقنا إلى أن الميليشيات التابعة للكيانات السياسية هي الفاعل الحقيقي ، وليس غرضها غير تأخير تنفيذ الإصلاحات . لقد كشّر أعداء الإصلاح عن أنيابهم ، وخرجوا عن ثيابهم التي كانوا يتجلببون بها وظهروا على حقيقتهم ، فالمثل العامّي يصف حالتهم " اللي جوّه أبطه عنز .. إيبغّج " . فبينما لم تُرفع صورة باقر الزبيدي و لا صورة عمار الحكيم من قبل المتظاهرين كما رُفعت صور مسؤولين آخرين ، خرج علينا باقر الزبيدي في إحدى القنوات الفضائية واصفاً المتظاهرين ب " همّ " ويصف نفسه وآخرين معه ب " نحنُ " واضعاً نفسه في صف الواقفين بالضد من مطالبات الجماهير المتظاهرة ، وكذا يخرج علينا عمار الحكيم متحدثاً في مجلس مهدداً العبادي بأن يجمع أكثرية أصوات النواب ويسقط وزارته كما جمع الأصوات لتنصيبه . معركة العبادي ليست سهلة في الجوّ السياسي القائم الخاضع لتوازنات سياسية لكتل لا ترى غير مصالحها الذاتية البعيدة عن مصالح الشعب والوطن ، وليست بالتأكيد محصورة بكونه لا زال في حزب الدعوة . تُرى أيّ رئيس كتلة أو زعيم كيان يفكر بمصلحة التحرر من الدواعش ؟ إن كان هناك واحد منهم لتخلّى طواعية عن حرّاسه وقوات حمايته وأرسلهم للجبهة ليحاربوا داعش . تُرى أيّ رئيس كتلة أو زعيم كيان يفكر بحال النازحين الذين لم تتمكن الحكومة من سدّ إحتياجاتهم ؟ إن كان هناك واحد منهم لتطوّع بتخفيض راتبه ومخصصاته ووجّه تلك المبالغ لنصرتهم ، بل لتقدّم صالح المطلك لبيان أبواب صرف المليار دولار التي خصصت للنازحين .
سياسة العبادي وفلسفته تعتمد على تمرير الإصلاحات بأسلوب يحافظ فيه على موقعه أوّلاً ، و لا أعتقد أنه يعمل ذلك طمعاً بالكرسي ، بل من أجل البقاء حتى يتمكن من تنفيذ الإصلاحات . إنه يريد تمرير البعير من ثقب إبرة ، بالصبر والأناة . إن إية خطوة يريد أن يخطوها يُسبقها بخطوة تجريبية ليسمع صداها ، وعلى ضوء ما يردّ الصدى تكون خطوته الفعلية . لقد أصدر العبادي بعض القرارات ، وبالرغم من حصوله على موافقة مجلس النواب " بالإجماع " على ما ورد في ورقته الإصلاحية ، إلاّ أن تلك القرارات لم ترَ النور في الواقع العملي ، لأن العبادي فاقد الآلية التي يتمكن بها من فرض قراراته ، بسبب كون الحيتان لهم الموقع المتمكن في مجلس النوّاب لسحب الثقة بوزارته وإسقاطها . ومثالٌ بسيط على ما ذكرنا : قرار العبادي تخفيض عدد حمايات المسؤولين ، فبالإضافة إلى الإعتراضات على هذا القرار من جميع الجهات التي يُفترض خضوعها له ، نرى أن الضغوط الكبيرة التي مورست عليه أجبرته على الخضوع وإصدار أمر إستثناء المالكي وعمار الحكيم وبهاء الأعرجي من ذلك القرار ، بينما من وجهة النظر الرسمية لم يكن لعمار الحكيم موقع وظيفي رسمي في الحكومة سابقاً أو لاحقاً ، حتى يتم الصرف على حمايته من خزينة الدولة ، وكذا الحال بالنسبة لنوري المالكي وبهاء الأعرجي بعد أن ألغي منصب المالكي كنائب رئيس الجمهورية ومنصب بهاء الأعرجي كنائب رئيس الوزراء .
في الوضع القلق لموازين القوى ، وبالرغم من فتاوى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف المساندة للمتظاهرين وومطالباتهم بالإصلاح ، وعلى الرغم من إستمرار التظاهرات وتوسعها في بغداد والمحافظات وتفويضها لشخص العبادي بالصلاحيات ، إلاّ أنّ موازين القوى الداخلية والإقليمية ليست في صالح حيدرالعبادي ، ولحد الآن لم تصدر بيانات مشجعة من المرجعيات الدينية السنية ، ولا موقف الكيانات السياسية خارج التحالف الوطني سواء العربية منها أو الكردية مشجّع للعبادي في المضيّ في مسيرته بسرعة . لقد نصحنا العبادي ، وذكرناه ببيضة القبان التي في يده ليجعل الميزان يميل إلى جانبه ، وذلك بالإستناد إلى الإتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة ، وكنا نأمل أن يستغلّ زيارته إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع الرئيس الأمريكي ونائبه ووزير دفاعه لبحث هذا الموضوع ، ولكن أياماً سارت بعد عودته دون أن تبشر بنتيجة يمكن أن تفتح باب أمل لخروجنا من هذه البوتقة التي حُشرنا فيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ويكيليكس يعلن أن جوليان أسانج -حر- وغادر بريطانيا بعد إبرامه


.. الاتحاد الأوروبي يوافق على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب ا




.. عاجل|10 شهداء بينهم شقيقة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل


.. اللواء فايز الدويري: إذا توفرت أعداد من سلاح القسام الجديد ف




.. العربية تحصل على فيديو حصري لمحاولة قتل طفلة برميها في مياه