الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنطقة الخضراء ....

حامد الزبيدي

2015 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


المنطقة الخضراء .....

لكي ندرك حجم الإشكالات التي سببتها النخبة الحاكمة في العراق بعد عام 2003 ....لا بد لنا ان نؤشر على انه لم يكن لهم اي تصور لطبيعة الحكم بعد التغيير وكيفية معالجة المشاكل الكبيرة التي شوهت الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة الحروب والحصار والعقوبات التي مزقت منظومة القيم واسهمت في تفشي الجهل والامية بعد ان كان العراق في السبعينات من اوائل الدول التي قضت على الامية .....بشهادة الامم المتحدة .....لم يفكروا في مؤتمر لندن وصلاح الدين ابعد من تقاسم السلطة والامتيازات .....
لذا ما نراه اليوم هو انفصام بين سكان المنطقة الخضراء وبين الجماهير خارج المنطقة الخضراء ... وهذا الفصل ادى الى ما وصلنا اليه ..... شعب يتظاهر يطالب بابسط حقوقه في العيش الكريم الانساني وبين تجاهل كامل وصمت مطبق من قبل سكان المنطقة الخضراء .....لا بل ضاعفوا عدد اطواق الحماية حول المنطقة وجلبوا قوات احدث تجهيزا وتدريبا للتصدي لاي محاولة للاقتراب من المنطقة الخضراء او محاولة اقتحامها ....واحد الاسباب التي يسوقها بعض السياسيين ....ان السفارة الامريكية تعترض على فتح المنطقة الخضراء لدواعي امنية ... لكنهم في الحقيقة هم لا يطيقون الابتعاد عن السفارة الامريكية ....ولا يشعرون بالامان الا بجوارها .... والبعض يتندرمن انه لم يغادر المنطقة الخضراء طيلة اثنا عشرة سنة الا الى المطار ذهابا وايابا .... ومن حق الجماهير ان تنظر الى المنطقة على انها مستعمرة امريكية في قلب بغداد ....
الامر الاخر ..رغم انهم يدعون انهم تكنوقراط وان اغلبهم كان لاجيء سياسي في اوربا الا انهم لم يستفيدوا من حياتهم في اوربا وهم لا يختلفون عن اي ديكتاتور او سارق او محتال ... لم يقدموا للبلد الا الخراب وسرقة المال العام ....والاستهانة بالارض والتاريخ والقيم الوطنية انهم في غيبوبة عن كل ما يجري من حولهم .... لم يستفيدوا من الخبرات العراقية في الخارج والداخل بل لم يسمحوا لاي اختراق لحلقات المصالح الرابطة فيما بينهم ....فعملوا على اقصاء كل الخبرات الوطنية وركنها في زاوية وقد كانوا جهلة في فهم الشباب وحاجاتهم العصرية ...فصدروا الخطاب الديني الطائفي متوهمين انهم سيخدرون الجماهير وقد نجحوا في ذلك للدورتين السابقتين ...لكنهم افتضحوا ولم يدم لهم ما ارادوا من هيمنة مطلقة على الجماهير ....فكانت ردات الفعل مع الشباب بالغة الوضوح حيث انفجر الشباب واختاروا طريق الهجرة وترك الوطن بعد 12 سنة من التغيير والحلم ... لانهم فقدوا الامل نهائيا في اي اصلاح او تغيير .... وحصلت القطيعة بينهم وبين بلدهم نتيجة عجز الحكومة عن حل اي من الازمات ...الامر الاخر الحاصل بعد تبني المرجعية خط الاصلاح هو الاصطدام الذي بدأ يتصاعد مع ازلام وعصابات الفساد والسلطة العابثة المستهترة ....والتظاهرات المدعومة من قبل المرجعية هي ممارسة سلمية للمطالبة بالإصلاح والتغييرةالتي ستقود الى الاصطدام بين الحلف الغير مقدس بين احزاب السلطة الشيعية والسنية والكردية وبين الجماهير المطالبة بالاصلاح .... والامر الاخرالاهم هو بروز فصائل الحشد الشعبي الذي يقاتل استجابة لدعوى المرجعية نتيجة احتلال الموصل ....وهؤلاء المقاتلين يتعرضون ايضا الى التهميش والاقصاء والابعاد من قبل سياسي المنطقة الخضراء ولا يسمح لهم الى الان ورغم قوافل الشهداء التي قدمت على ارض الوطن ..... ان يشاركوا في القرار السياسي او الامني والكل يسعى الى ان يضعهم تحت ابطه ........ ليستقوي بهم على الغير من خصومه .....وبحجة الحشد الشعبي سعى بعض قادة الاحزاب الى تشكيل ميليشيات خاصة بهم في محاولة للالتفاف على فتوى المرجعية .....في محاولة لابتزاز الشعب وتخويف الجماهير المتظاهرة ....وبعد شهرين من التظاهرات ..بدأنا نسمع عن ونرى نشاط هذه المليشيات بعيدا عن جبهات القتال ....فممارستها القمعية والارهابية موجهه الى اعتقال وقتل النشطاء من المتظاهرين المطالبين بالاصلاح ..... ؟
ومن غير الممكن استمرار هذه الحالة الى ما لا نهاية ....الشعب يوميا يزداد اصرار على اجراء التغيرات بل ان الشارع تجاوز المطالبة بالكهرباء والماء وانما الان تطالب الجماهير بالغاء البرلمان وحل مجلس الوزراء والمجيء بحكومة طوارىء تكنوقراط ..... والعمل على اجراء التعديات الضرورية على بعض مواد الدستور والغاء المحاصصة الحزبية الطائفية واجراء الانتخابات ...... وعلى ان يتم الغاء مبدأ الحصانة عن البرلمانين في اي انتخابات قادمة ..... ؟ لانها تعطي غطاءا شرعيا لضعاف النفوس لممارسة نشاطاتهم في سرقة المال العام بعيد عن يد العدالة ... ولقد اثبتت التجربة ان البرلماني الوحيد في العالم الذي يتمرد على شعبه ويتنكر له بعد الانتخابات هو البرلماني العراقي ....؟
ان عنصر الشباب في العراق يشكل نسبة اكثر من 65 بالمائة ...وهذه القوة البشرية تحت تأثيرات العولمة الكونية تغيرت قناعاتها وطريقة تفكيرها واسلوب معالجتها للمشاكل التي تعترضهم ..... وهي تحاول ان تعيش شكل الحياة لشباب اوربا او امريكا نتيجة للضخ الاعلامي الهائل الذي تتعرض له هذه الفئة من المجتمع ... بحيث اتسعت الفجوة بينهم وبين القيادات ... مطالبهم اختلفت اهتماماتهم طريق حياتهم ... قناعاتهم ...تطلعاتهم ....كل هذه لم يتم الاهتمام بها وانما اهملت اهمالا متعمدا من قبل من يدعي انه عاش في اوربا وشرب التطور وعايش الديمقراطية ....ولم تعالج المجتمعات العربية هذه المشكلات وليس في العراق فقط وانما ذهبت بخبث الى تأجيج التناحر المذهبي لتصدر الفوضى وتتمكن من تغير بوصلة الصراع رغم الدمار الذي سيحصل ....الامر كان انتحارا لهذه المجتمعات ....
هذه المنطقة من العالم تنتظر تغيرات عديدة ومهمة لانها تعيش تناقضا حادا بينها وبين العالم ....وما نشهده من عنف وحروبا هي من نتائج هذا التناقض .العالم يسعى الى تجاوز كل الاختلافات ليتفق على مفاهيم انسانية هي نتاج تطور الفكر الانساني ....في الوقت الذي يبحث فيه العرب في التاريخ ليجددوا خلافاتهم ويضيفوا لها امورا اكثر دموية وليفتحوا جروحا التأمت منذ الف وثلثمائة سنة ...
وفي العراق فأن كل ما يحصل هو نتيجة السياسات التي تتخذ في المنطقة الخضراء .... التي اصبح رمزا للاحتلال والاستبداد والقمع والظلم وسرقة اموال الشعب ..... ولقد اصبح ازالة المنطقة الخضراء من الوجود هو حلم ومطلب كل العراقيين .... ففي العراق المشاكل مركبة ومعقدة يتداخل فيها الغباء السياسي مع الشعارات الوطنية والانتقام مع السرقات والديمقراطية مع المليشيات .....؟ واخيرا الحلف الروسي الايراني السوري العراقي..... جاء ليزيد من حدة انقسام العراقيين ....لان البعض يذهب بعيدا عن النظرة الواقعية التي تقدم مصلحة العراق وتعتبر الاولويه هي لتحرير الارض المحتلة من قبل داعش ......ليتبنى اراء السعودية وقطر التي تجد في هذا الحلف هو انتصار لتيار الممانعة العربية ....وهي التي سعت الى تاجيج الصراع الطائفي وتمزيق الامة العربية ....؟
حامد الزبيدي
11/10/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي