الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معرض لأبرز الفنانين العرب في لندن

فيء ناصر

2015 / 10 / 11
الادب والفن


كالري الوايت جابل اللندني العريق الذي أُفتتح سنة 1901 والذي أُعيد بناؤه وتوسعته عام 2009 ، الذي عُرضت فيه للجمهور البريطاني جورنيكا بيكاسو عام 1938 والذي شهد أول معرض شخصي للفنان البريطاني ديفيد هوكني 1970 ، يشهد هذا الكالري الان معرضاً لأهم الفنانين العرب الطلعيين من أمثال التشكيلي المصري محمود سعيد والفنان العراقي كاظم حيدر.
يفتتح كالري الوايت جابل في لندن موسم معارضه لخريف 2015 بمعرض من سلسلة تتضمن أربعة معارض من المقتنيات الفنية المتنوعة والواسعة لمؤسسة برجيل التي تعنى بالفنون في المنطقة العربية. سيعرض في سلسلة المعارض هذه مئة عمل فني لأكثر من 60 فناناً من مختلف البلدان العربية ، سلسلة المعارض الفنية تروي قصة نشأة وتطور الفن العربي الحديث الى المعاصر عبر اللوحات الفنية ومن مختلف الفترات الزمنية وعبر الصور الفوتغرافية وأفلام الفيديو.
تأسست مؤسسة برجيل سنة 2010 لإدارة وحفظ وعرض المقتنيات الفنية الشخصية لسطان سعود القاسمي والتي تضم أعمال ولوحات فنية متنوعة من بداية القرن العشرين الى الوقت الحاضر، وتعد مؤسسة برجيل للفنون أكبر مؤسسة فنية شاملة للفنون في المنطقة العربية.
الجزء الأول من سلسلة المعارض بعنوان (مناقشة الحاداثة)، بدأ عرضه إعتباراً من الإسبوع الثاني لشهر أيلول ولغاية شهر كانون الأول من العام الحالي، ويستكشف هذا الجزء بداية وتطور جماليات الفن حينما كان العالم العربي يرزح تحت تأثير تغييرات جوهرية سياسية وإجتماعية ترافقت مع نهاية الإحتلال الأوربي وبداية الإستقلال وتكون الدول العربية، هذه التغييرات التي أدت الى بزوغ النهضة العربية الحديثة، عبر لوحات ورسوم يعود تاريخها الى بداية القرن العشرين حيث تُعرض لوحة (فتاة نوبية) للفنان المصري الأرمني إيرفند ديمتريجيان( 1870-1938 ) والتي يعود تأريخها الى عام 1900 ، وأنتهاءاً بلوحة الفنان المصري حامد عويس( 1919- 2011 ) الحارس 1967 والتي كانت رد فعل الفنان أزاء صدمة حرب حزيران، اللوحة الكبيرة تمثل مقاتلاً أسمر الملامح بذراعين مفتولتين يحمل سلاحاً ويستحوذ على مساحة اللوحة بينما في أسفل اللوحة مشاهد من الحياة اليومية للناس بما في ذلك مشهد زواج وطفل يركب دراجة وفلاح وأم وطفلها وخلفية اللوحة تمثل منظراً يمكن أن يكون لأي مدينة عربية بنهرها وجسرها ومآذنها.
وسيعرض الجزء الثاني من هذه السلسلة الفنية إعتباراً من ديسمبرهذا العام وحتى أبريل من العام المقبل وسيركز على ثيمة الرموز والمجاز في الأعمال الفنية العربية للفترة من (1968-1987 )، بينما الجزء الثالث سيكون موعد عرضه من أبريل للسنة القادمة وحتى شهر أوغست وسيركز على الفوتغراف وفنون الفديو لفترة التسعينات من القرن المنصرم، بينما سيركز الجزء الأخير من سلسلة المعارض على أساليب الفنانين في رسم وإستلهام المدن العربية التي يعيشون بها أو التي يعملون بها.
هناك الكثير من اللوحات الجميلة والنادرة في هذا المعرض، أهمها لوحتين نادرتين تعرضان للمرة الأولى للروائي اللبناني الشهير جبران خليل جبران، تُظهران تأثره الجليّ بتخطيطات ليوناردو دافنشي، إحدى اللوحتين تمثل إمراة عارية تقف بجسد منثن، تحمل طفلاً على كتفيها تحوطهما معاً يد كبيرة بحنان بالغ.
لوحة الفنان السوداني (أحمد شيبرين 1931) المؤرخة عام 1960 التي إستخدم فيها عدة مواد مختلفة على ورق ، ويستلهم بها جماليات الخط العربي مع تكوينات بالأسود والأبيض تنهل من سحر الطقوس الأفريقية ومع ذلك ظلت اللوحة وفية لتجريدها، كم ذكرتني لوحته بلوحات الفنان الإسباني أنتوني تاباز (1923-2012).
ثلاث لوحات للتشكيلي المصري الشهير محمود سعيد( 1897- 1964) وهو من مؤسسي المدرسة المصرية الحديثة للفنون التشكيلية، تظهر تأثره بالإنطباعية، لوحته المعنونة (القطة البيضاء/ 1948 ) تظهر فيها ثنائيات نسوية يقفن بطريقة مغرية، متلفعات بالعباءة والخمار المصري ومنشغلات بالحديث وفي خلفية اللوحة صيادو السمك، الكل مشغول بأمره عدا قطة بيضاء وحيدة تحتل مركز اللوحة وتنظر مباشرة في عين المشاهد كأنها طفل ضائع.
طفحت في عيني دمعة وأنا أتأمل لوحة (عشرة خيول متعبة /1965 ) هذه اللوحة التي قرأت عنها وعن صاحبها الكثير، الفنان العراقي الرائد كاظم حيدر( 1932-1985 ) وهي جزء من لوحات ملحمة الشهادة التي تستلهم واقعة الطف بإسلوب تعبيري تجريدي يقترب من التكعيبية والإختزال، عشرة خيول تنوح وتناجي الأفق المعتم كما أرضية اللوحة المعتمة بينما قمرأً أحمراً كأنه شاهد على نواح الخيول. يا له من مزج فريد للأساليب في تناول الموروث الشعبي.
لوحتان للفنان العراقي الرائد ضياء العزاوي، مزيج من الألوان الداكنة والسوداء أعادتني الى الألوان الباروكية، ضربات الفرشاة تقترب من خطوط المشرط وأشكال غير واضحة المعالم لها أقدام وأيدي ثقيلة غليظة ، ضياء العزاوي يعتبر من أبرز الفنانين العراقيين.
لوحة صغيرة للفنان العراقي الرائد جواد سليم غير معنونة مؤرخة 1951 تظهر بنتان بعيون واسعة تذكرنا بعيون النساء في الحضارة العراقية القديمة. لوحتان للفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد تظهر أحدهما ولعه بالطلاسم وعلم الحروف بينما أختلفت الثانية بالاسلوب تماماً، حيث الالوان البراقة لديك في حالة الصياح.
خمس لوحات من الحبر على الورق للفنانة المصرية إنجي إفلاطون( 1928-1985 ) تُظهر تأثرها بالسوريالية. لوحتان للفنان المغربي الرائد أحمد شرقاوي. لوحتان كبيرتان للفنان السوري مروان يقترب بها من السوريالية في تناول أشخاص معروفين. لوحة إمرأة وجدار للفنان الجزائري الرائد أحمد أسيخام( 1928-1985 ) تصور إمراة بالملابس الأمازيغية التقليدية وملامح صارمة وخلفها جدار مكتوب عليه كلمات تمثل إحتجاجات أو شعارات.
شيخ سلطان القاسمي ومؤسسة برجيل للفنون وكالري الوايت جابل يمثلون تلاقي نادر، ليس لأن هذا العرض الفني الجميل يتيح للزوار والمهتمين بالفن في العالم العربي فرصة نادرة لمشاهدة لوحات أبرز الفنانين العرب الطليعين في مختلف البلدان العربية فقط، لكنه يسلط الضوء ايضاً على عرض وطلب وسوق الفن العربي الحديث وكيف يمكن أن تُسوقْ وتزيد قيمة هذه اللوحات الفنية بتلاقح جهود جامعي اللوحات والمؤسسات التي تعنى بالعروض الفنية وجهود قاعات العرض العالمية. شكراً لكل الجهود الخيرة التي إقتنت ْوحفظتْ وعرضتْ هذه الأعمال الفنية التي تؤرخ بطريقة فنية لنهضتنا العربية المعاصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس