الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
صلاح زنكنه
2015 / 10 / 13الادب والفن
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/23ed6910-9670-4088-9e3f-4c032127dd65.jpg)
فوجئت بالحاج سالار حاملا بندقية كلاشنكوف على كتفه المتهدل ، حاثا الخطى مسرعا نحو مدرسة كفري الابتدائية التي تأوى الجنود الذين سلموا انفسهم لمفارز البيشمركة خلاصا من قصف الطائرات الامريكية التي أمطرت مواقعهم و مواضعهم بالقنابل .
سألت الحاج عن وجهته ، فأشار بسبابته نحو المدرسة و هو يردد بعصبية
- عندي حساب قديم و أريد ان اصفيه الان
تساءلت مستغربا
- أي حساب تقصد يا حاج ؟ !
اجاب محتدا
- حساب عائلتي الذين دفنوا احياء على ايدي هؤلاء ، سأقتل الجنود ، سأقتل بقدر ما قتلوا من عائلتي .
و وجدته يرتعش و فمه يزبد و الشرر يتطاير من عينيه غضبا ، حاولت تهدئته فقلت
- لكن هؤلاء جنود مساكين ، و لا ذنب لهم في مأساة عائلتك يا حاج .
اجابني حانقا
- انهم جنود الحكومة ، و الحكومة ابادت عائلتي ، انت تعرف ذلك جيدا .
- اعرف ، اعرف
وكنت اعرف كما يعرف الجميع اهالي قصبة كفري ما جرى للحاج سالار قبل ثلاث سنوات في عمليات الانفال حين جرجروه مع زوجته و ابنائه و احفاده الى صحراء السماوة ليلقوا حتفهم مع مئات الالاف من سكنة قرى (( كرميان )) فيما اطلق سراح الحاج لكبر سنه الذي تجاوز الثمانين و ها هو يذكرني بهم .
- أ تذكر خاور زوجتي ، ما كان ذنبها ؟ و ما ذنب اولادي سامان و سوران و سردار و سرتيب و سيامند ، هل كانوا بيشمركة ؟
هل كانت بناتي شيرين و شيلان و شاناز مقاتلات ؟ و ما ذنب احفادي الصغار لكي يقتلوهم بدم بارد ؟
- اهدأ يا حاج سينتقم الله منهم
صرخ بوجهي
- لا ، انا سأنتقن لهم ، و دأب الله ان يتفرج على مأساتنا ، لقد توسلتهم ان يدعوا لي حفيدتي ميديا ، ميديا الصغيرة ذات السنوات الخمس ، الاوباش رفضوا كانت تبكي و تصرخ جدو لا تتركني يا جدو .
و راح يمسح الدموع من عينيه الكليلتين بباطن كفه و هو يتمتم
- دعني أكمل مشواري .
حاولت مجارته
- حسنا سأرافقك ، الى المدرسة ، كوني المسؤول عن الجنود المتميزين .
اجاب ساخرا
- مسؤول غير مسؤول هذا لا يهمني ، سأقتل عشرين جنديا منهم بقدر افراد عائلتي
د لفنا المدرسة فأستقبلنا عدد من رجال البيشمركة الذين تساءلوا عن سر زيارة الحاج سالار ، فأخبرتهم بالامر و اوصيتهم بالحذر خشية ان يقترف الحاج فعلته ، و ذهبنا سوية الى ساحة المدرسة و وجدنا مئات الجنود يجلسون مقرفصين جنبا الى جنب ، صامتين واجمين غير آبهين بشيء ، برؤوس مطأطئة و عيون زائغة حائرة ، و رأيت الحاج سالار يرنو لهم بأسى و ثمة حزن كبير يرتسم على محياه و شيئا فشيئا اغرورقت عيناه بالدموع ثم راح يجهش بالبكاء ، بكاء مر اشبه بالنحيب .
سألت بأستغراب
- ماذا دهاك يا حاج ؟ لماذا تبكي ؟
اجابني بحرقة و اسى .
- ابكي على هؤلاء المساكين ، لقد ذكرونا بأهلنا في نقرة السلمان ، لقد كنا مثلهم حزانى حائرين و عيوننا زائغة ننتظر الفرج من صاحب الفرج .
ثم اردف قائلا ..
- اطلقوا سراحهم بالله عليكم ، فهم مثلنا لهم اهل و احبة و لا ذنب لهم .
قلت له مؤكدا
- سنطلق سراحهم خلال اليومين القادمين نحن بأنتظار الاوامر فقط
رد غاضبا
- اللعنة على الاومر و الامرين ، اطلقوا سراحهم و ليذهبوا الى بيتوهم
نزع بندقيته من كتفه و رماها ارضا
- لست بحاجة لها بعد اليوم
كفكف دموعه بمنديله ثم استل سيكارة من جيبه و اشعلها و راح ينفث دخانها بعصبية و يقول
- لا تكونوا ظالمين مثلهم
ولم يدرك الجنود ابدا بكاء ذلك الرجل الطاعن في السن .. و لماذا اطلق سراحهم بعد ان ذهب الى حال سبيله .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال
![](https://i4.ytimg.com/vi/JNvEA9rriFA/default.jpg)
.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر
![](https://i4.ytimg.com/vi/Ex5MA29ir3g/default.jpg)
.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى
![](https://i4.ytimg.com/vi/gwGPPStL_jc/default.jpg)
.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا
![](https://i4.ytimg.com/vi/xlqpmMYeZgw/default.jpg)
.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح
![](https://i4.ytimg.com/vi/kdkMGJIMno8/default.jpg)