الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سأقتل الجنود ... قصة قصيرة

صلاح زنكنه

2015 / 10 / 13
الادب والفن


فوجئت بالحاج سالار حاملا بندقية كلاشنكوف على كتفه المتهدل ، حاثا الخطى مسرعا نحو مدرسة كفري الابتدائية التي تأوى الجنود الذين سلموا انفسهم لمفارز البيشمركة خلاصا من قصف الطائرات الامريكية التي أمطرت مواقعهم و مواضعهم بالقنابل .

سألت الحاج عن وجهته ، فأشار بسبابته نحو المدرسة و هو يردد بعصبية

- عندي حساب قديم و أريد ان اصفيه الان

تساءلت مستغربا

- أي حساب تقصد يا حاج ؟ !

اجاب محتدا

- حساب عائلتي الذين دفنوا احياء على ايدي هؤلاء ، سأقتل الجنود ، سأقتل بقدر ما قتلوا من عائلتي .

و وجدته يرتعش و فمه يزبد و الشرر يتطاير من عينيه غضبا ، حاولت تهدئته فقلت
- لكن هؤلاء جنود مساكين ، و لا ذنب لهم في مأساة عائلتك يا حاج .

اجابني حانقا

- انهم جنود الحكومة ، و الحكومة ابادت عائلتي ، انت تعرف ذلك جيدا .
- اعرف ، اعرف

وكنت اعرف كما يعرف الجميع اهالي قصبة كفري ما جرى للحاج سالار قبل ثلاث سنوات في عمليات الانفال حين جرجروه مع زوجته و ابنائه و احفاده الى صحراء السماوة ليلقوا حتفهم مع مئات الالاف من سكنة قرى (( كرميان )) فيما اطلق سراح الحاج لكبر سنه الذي تجاوز الثمانين و ها هو يذكرني بهم .


- أ تذكر خاور زوجتي ، ما كان ذنبها ؟ و ما ذنب اولادي سامان و سوران و سردار و سرتيب و سيامند ، هل كانوا بيشمركة ؟
هل كانت بناتي شيرين و شيلان و شاناز مقاتلات ؟ و ما ذنب احفادي الصغار لكي يقتلوهم بدم بارد ؟
- اهدأ يا حاج سينتقم الله منهم

صرخ بوجهي

- لا ، انا سأنتقن لهم ، و دأب الله ان يتفرج على مأساتنا ، لقد توسلتهم ان يدعوا لي حفيدتي ميديا ، ميديا الصغيرة ذات السنوات الخمس ، الاوباش رفضوا كانت تبكي و تصرخ جدو لا تتركني يا جدو .
و راح يمسح الدموع من عينيه الكليلتين بباطن كفه و هو يتمتم
- دعني أكمل مشواري .
حاولت مجارته
- حسنا سأرافقك ، الى المدرسة ، كوني المسؤول عن الجنود المتميزين .
اجاب ساخرا
- مسؤول غير مسؤول هذا لا يهمني ، سأقتل عشرين جنديا منهم بقدر افراد عائلتي
د لفنا المدرسة فأستقبلنا عدد من رجال البيشمركة الذين تساءلوا عن سر زيارة الحاج سالار ، فأخبرتهم بالامر و اوصيتهم بالحذر خشية ان يقترف الحاج فعلته ، و ذهبنا سوية الى ساحة المدرسة و وجدنا مئات الجنود يجلسون مقرفصين جنبا الى جنب ، صامتين واجمين غير آبهين بشيء ، برؤوس مطأطئة و عيون زائغة حائرة ، و رأيت الحاج سالار يرنو لهم بأسى و ثمة حزن كبير يرتسم على محياه و شيئا فشيئا اغرورقت عيناه بالدموع ثم راح يجهش بالبكاء ، بكاء مر اشبه بالنحيب .

سألت بأستغراب

- ماذا دهاك يا حاج ؟ لماذا تبكي ؟

اجابني بحرقة و اسى .

- ابكي على هؤلاء المساكين ، لقد ذكرونا بأهلنا في نقرة السلمان ، لقد كنا مثلهم حزانى حائرين و عيوننا زائغة ننتظر الفرج من صاحب الفرج .



ثم اردف قائلا ..

- اطلقوا سراحهم بالله عليكم ، فهم مثلنا لهم اهل و احبة و لا ذنب لهم .

قلت له مؤكدا

- سنطلق سراحهم خلال اليومين القادمين نحن بأنتظار الاوامر فقط

رد غاضبا

- اللعنة على الاومر و الامرين ، اطلقوا سراحهم و ليذهبوا الى بيتوهم

نزع بندقيته من كتفه و رماها ارضا

- لست بحاجة لها بعد اليوم

كفكف دموعه بمنديله ثم استل سيكارة من جيبه و اشعلها و راح ينفث دخانها بعصبية و يقول

- لا تكونوا ظالمين مثلهم

ولم يدرك الجنود ابدا بكاء ذلك الرجل الطاعن في السن .. و لماذا اطلق سراحهم بعد ان ذهب الى حال سبيله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال


.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر




.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى


.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا




.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح