الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الأخبار مجرد آراء؟.. الريموت كونترول تجيب

نورالدين هميسي

2015 / 10 / 14
الصحافة والاعلام


"الحياة لا تأتي مع الريموت كونترول، كلما لم يعجبك ما ترى.. تغيّر القناة".
لوريلي روزانو.

هل مازالت نشرات الأخبار نشرات للأخبار فعلا؟ يعني بصيغة أخرى، هل ما يعرض في النشرات أخبار فعلا أم شيء آخر؟. قد نكون ملزمين بالحذر الشديد قبل تقديم أي إجابة جاهزة للسؤال وإلا فإننا سنقع في مطبّ التفكير الأسطوري. كانت السنوات الأولى لتطوّر الصحافة كعلم وكمهنة ترفع شعارا براقا يقول بأن "التعليق حر وبأن الخبر مقدس"، غير أن القداسة تهاوت في كلّ المجالات، بعد أن ضحت عائقا أمام فهم هذا العالم فهما عقلانيا على رأي ماكس فيبر.
لا زالت وظيفة الإخبار l’information تشكل الهمّ الأساسي لوسائل الإعلام بقديمها وجديدها، وإن نافستها وظيفة التوجيه والتفسير وقولبة الرأي العام إلى حد ما في ظل تعقيدات الحياة المعاصرة وحاجة الناس لفهم ما يحدث، وليس معرفته فقط. ولكن قد يكون ملحّا التساؤل عن طبيعة التحول في وظيفة الإخبار هذه في ظل انفتاح السماء على مختلف قنوات بث الأخبار مرئية، مقروءة أو إلكترونية.
إن هذه التعددية في مصادر الخبر، والتي سحبت معها تعددية أخرى في رواية الخبر، كرست سلوكا في غاية العمق ولا يحظى بأي أهمية، وهذا السلوك هو تغيير القناة zapping الذي لا تتوقف حدوده عند التلفزيون وتلك العادة السيئة في الإمساك بالريموت كونترول والتعريج على كل القنوات دون مشاهدة أي قناة.
يمكن توسيع نطاق هذا المفهوم إلى التداول على مختلف وسائل الإعلام المتاحة للمتلقي وتعريجه على مختلف مضامينها، وهذا السلوك لا يمس التلفزيون فقط، وإنما ينطبق على الصحف كذلك وعلى ما يتدفق من الأنترنت من مضامين إعلامية. من الخطأ تصوّر بأن لكل صحيفة جمهورا مختلفا عن جمهور صحيفة أخرى، الناس تقرأ أكبر عدد ممكن من الصحف كلما توافرت لها فرصة ذلك.
على صعيد الخبر، يقود تغيير القناة zapping إلى صدمة: يكفي أن تغير الوسيلة لتكتشف رواية ثانية ومختلفة للخبر، بل وحتى مناقضة، للرواية التي سبق لك أن اطلعت عليها في وسيلة أخرى. لهذا السبب، لم يعد بإمكان المتلقي أن يستوعب ما يحدث، فإما أن ما يحدث في مكان ما ليس حدثا واحدا، بل كتلة من الوقائع المتناقضة، وإما أن الحدث واحد والصحفيون الذين يكتبون الأخبار لا يملكون نفس المستوى من قوة الرؤية والسمع.
إن تعدد روايات الخبر في وسائل الإعلام حاليا في مواضيع عديدة يضرب مقولة "الخبر المقدس" في صميمها، بل إنه يكشف عن شيء مهم: أن الخبر لا يعدو أن يكون إلا رأيا في حادث لا يمكننا أن نستوعبه إلا إذا كنا طرفا فيه. إن الريموت كونترول ليست وسيلة فقط لتغيير القناة كما في التلفزيون، بل هي وسيلة لتحصل على رواية أخرى للخبر، رواية أقرب لرأي متنكر في شكل خبر يبحث عن قداسته التي لم نسمع بها إلا في الأحاجي الأسطورية للصحافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي