الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الانتفاضة الجماهيريه والمقاومة الشعبية
جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)
2015 / 10 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الانتفاضة الجماهيريه والمقاومة الشعبية
جمال ابو لاشين
في كل محطات النضال الوطني الفلسطيني يوجد دائما مؤيدون ومعارضون ومقيمون للتجربة, وفي المجمل تلك المساحة من التفاعل تعطينا حصيلة غنية من الافكار والمعاني والدلالات فالباب مشرع دائما لكافة التناقضات, واليوم ونحن في المنطقه الرمادية مابين الهجوم والإحجام باندلاع انتفاضة ثالثة في الاراضي المحتلة نشهد عصفاً ذهنياً في التوصيف والاستنتاج كما هي عادتنا على الدوام فهل هناك انتفاضة ثالثة ام لا؟ وهل هي انتفاضة ام هبة؟ وهل ستتواصل ام لا ؟ وماجدواها؟ تساؤلات كثيرة تحيط بنا ولا يوجد جواب شاف عليها.
في انتفاضة الحجارة ديسمبر 1987 اندلعت المواجهات عفوياً بدءا ببمخيم جباليا بعد دهس أربعة عمال من قطاع غزة داخل اسرائيل ولعفويتها بداية آثر الكثير من المحلليين وقيادات العمل الوطني اطلاق صفة هبة جماهيرية عليها كونها لم تنظم بعد, ولعدم تدخل الفصائل الوطنية في اندلاعها بشكل مباشر, ولكن بعد ان تم تنظيمها, ومشاركة فصائل م.ت.ف ضمن قيادة موحدة لقيادة الانتفاضة امكن مواصلتها بزخم وعنفوان وباسم انتفاضة الحجارة الذى اصبح يردد عالميا ، و استمرت حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينيه في حين اثرت حركة حماس العنوان الجديد على الساحة الفلسطينية وقتها, وحركة الجهاد الاسلامي ان يعملا كلاً بمفرده.
لقد نالت تلك الانتفاضة الشعبية السلمية تعاطفاً دولياً واسعاً مؤيدا للنضال الوطني الفلسطيني, وامكنها ان تحقق اعترافا دوليا بمظمة التحرير الفلسطينية .
في حين في اسرائيل تضرر العنصر الاخلاقي للجيش الإسرائيلي لنهجه في قمع المظاهرات بوحشية, وتعامله القاسي مع نساء, وأطفال، وفتية, وكبار في السن يقاومون من أجل التحرر.
ومع قدوم السلطة أرض الوطن في عمليه تسوية سياسية بدءا بالمرحلة الانتقالية لخمس سنوات تنتهي في العام 1998 كانت عمليا مرحلة بناء للمؤسسات الوطنيه بينما اسرائيل وقتها مرت بتغيرات بنوية في النظام خاصه بعد قتل رابين شريك الفلسطينييون فى عمليه السلام , هذا التغير ادي لوجود نظام في اسرائيل يمنح شرعية للعمل العسكري واستخدام القوة لحل المشاكل السياسيه خصوصا وان تلك الفترة شهدت وصول نسبه المتدينين الموجودة فعليا في الجيش الاسرائيلي الي 15% ونسبتهم في دورات الضباط والوحدات الخاصة وصلت من 30 الي 40% لذلك قادت انتفاضة الأقصى في سبتمبر / 2000 مع حجم الشهداء الكبير الذي ارتقى في الايام الاولي لها الي عسكرتها وكان حجم الدمار غير مسبوق باستخدام اسرائيل كامل ترسانتها العسكريه في قمع الانتفاضة بما فيها طائرات ال .اف 16 والاباتشى الخاصتين بالحروب التقليدية ممادفع الفلسطينيون للعمليات الاستشهادية ردا على حجم القتل المتزايد.
ادعى بعض الإسرائيليون وقتها ان ظاهرة الاستشهاد جين مزروع في الفلسطيني بينما ادعى آخرون ان تلك الظاهرة لها علاقة بالمعتقدات الدينيه الخاصة بتمتع الشهيد بحياة الآخرة وهذا ادعاء غير منطقي لان المجتمع الفلسطيني مجتمع متعلم ومحب للحياة وساهم مساهمة فعالة في الحضارة الانسانية وفي تطور العديد من الدول وكونه يجترح وسائل ادماء العدو لا تعني ما اراد الاسرائيليون الاشارة اليه خصوصا وان الفلسطينى يقع تحت ضغط المصادمات الحياتية المادية اليومية نتيجة احتلال ارضه وشعبه ومن وقتها وحتي تاريخه وشعبنا يقاوم بكل الطرق والوسائل محتلا غاصبا موغلا في الدم الفلسطيني ولايزال كل يوم يقضم الارض ويهجر ساكنيها ويبني الجدران والمعازل حول نفسه وبالتالي لم يعد هناك تسويه قائمه لعمليه السلام فالعنف الاسرائيلى وعدم قبوله بالتسوية بحدها الادنى قادا للمواجهة المستمرة.
فقد سئل حكيم يوناني ما الفرق بين الحرب والسلام ؟ فأجاب في الحرب يدفن كبار السن الشباب وفي السلام يحدث العكس، وهو ما لا ينطبق علينا فخيرة شبابنا يُشيعون يوميا للمقابر.
لقد استغل بنيامين نتنياهو البعد الديني الرمزي في الصدامات التي اشعلها في القدس بالسماح لمستوطنيه وجنوده ووزراء حكومته بالهجوم على الاقصي, والسعي الى تقسيمه مكانياً وزمانياً كما حدث في الحرم الابراهيمي, وكما لجأ لذلك سابقاً في احداث النفق في العام 1996 عندما فتح مدخل نفق الحائط الغربي بالبلدة القديمة في القدس وأشعل حينها مواجهات مع الشرطة الفلسطينية التى دافعت عن ابنائها امام آلة القتل الاسرائيلية والتى استشهد على أثرها العشرات من قوات الشرطة الفلسطينية وقتل قرابة 16 جندياً اسرائيلياً. في الاشتباكات المسلحة التي دفع بها نتنياهو بين الطرفين.
لقد أدت الأحداث منذ بداية أكتوبر 2015 وحتى تاريخه لاستشهاد 32 فلسطينياً وجرح 1500 مواطن منهم 33 صحفيا واعتقال 800 مواطن في حين قتل في الجانب الإسرائيلي خمسة وأصيب نحو 35 بجروح، وازدادت بالمقابل حالات الطعن الفردية بالأسلحة البيضاء حيث استشهد من منفذين عمليات الطعن 11، واعتقل آخرون بعد اصابتهم بجروح، وقد توسعت المواجهات لتشمل كل أراضي الضفة المحتلة، وقطاع غزة، والفلسطينيون داخل الخط الأخضر.
لقد شعر الفلسطينيون بالانتصار خصوصاً وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي صرح بعدم تمكنه من السيطرة على الأحداث، وقام بالمقابل بجلب سريات وصلت إلى 13 سرية من حرس الحدود إلى مناطق الضفة المحتلة خاصة في القدس.
لقد كان الاحساس بالانتصار مسألة عاطفية داخلية يحسها أي ثوري بغريزته أولاً، وبالضرورة المطلوبة لتعزيز صموده ثانياً، وبغريزة حفظ الذات ثالثاً فهو يقدم النضال بصورته الملائمة لقضية شعبه، ومع الانتصار النظري الذي أحسه شعر أيضاً بحريته الشخصية التي توفرت في العمل الجماعي داخل الميدان حيث يمكنه التعبير عن نفسه، وتطوير كفاءته، وبالتالي أسقط كل النظريات التي تتحدث عن (كي الوعي الفلسطيني) الذي أراده الاسرائيليون بحيث يفهم الفلسطينيون الحدود الجغرافية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي وضعتهم فيها إسرائيل.
لكن الفلسطينيين الذين تحدوا اسرائيل في جدار الفصل العنصري، وفي المقاومة الشعبية، والمقاطعة، وفي ثلاث حروب شنت على قطاع غزة تمكنوا بالمقابل من (كي الوعي الاسرائيلى) لأن كل نماذج الفلسطيني في مقاومته عكست باستمرار (قوة الضحية) حسبما سماها الراحل (ادوارد سعيد) بوصفها قوة مدعومة بالحق أمام جلاد مدجج بالسلاح يهاب الضحية الماثلة أمامه لأنها تجرده من قيمة الانسانية وتكسبه ضعفاً بعدما تعريه أمام نفسه وبدت امام تلك القوة الشوارع خالية منهم وباتوا عاجزين عن الحركة اليومية الاعتيادية.
واليوم والأحداث تتلاحق نجد تعبير (انتفاضة ثالثة) يتزايد بصفتها توسيع للمواجهة مع الاحتلال بشكل يفوق المقاومة الشعبية التى تطورت من سنوات فى الضفة الغربية وكان لها دوراً أكبر في التصدي للجدار ومصادرة الأراضي من خلال المسيرات الأسبوعية في بلعين ونعلين أو في إقامة قرى باب الشمس، وعين حجلة، والكرامة، والمناطير، وأحفاد يونس وغيرها من القرى التي تواجه قضم الأرض أو فى فضح التوسع الاستيطانى ومواصلة الجهود الشعبية والدولية لمقاطعة المستوطنات ومنتجاتها والمؤسسات الإسرائيلية التي لها فروع في المستوطنات في حين أن قطاع غزة، ولانسحاب اسرائيل منه أمكنه تقديم الرد العسكري على الفعل الشعبي رغم أنه كان حاضراً في مناسبات عديدة وبالتالي لم يتمكن أكبر فصيلين من الالتقاء على أسلوب واحد بعينه رغم أن الاثنان يؤمنان بالعمل المسلح والشعبي ولكن من يتقدم على الآخر؟ أو متى؟ هو باب الخلاف واليوم اصبح لزاما توحيد الجهود لتطبيق ما تم الاتفاق عليه فيما يخص الشكل المناسب للمقاومة بشكل واضح وغير قابل للتأويل .
وعلى مستوى الاراء الأخرى فهناك من يقلل من جدوى المقاومة الشعبية نظراً لحجم الرد الإسرائيلي المبالغ فيه على التحركات المسالمة، وآخرون يعلون من شأنها بصفتها منظومة متكاملة تستقطب في النهاية المجتمع الدولي.
وتبقى في النهاية الأسئلة المهمة، وهي كيف نحافظ على الخيط الرفيع بين توسيع المقاومة الشعبية إلى انتفاضة ثالثة وبين الخروج عن السيطرة والدخول في حالة من الفوضى؟، وكيف بالإمكان المحافظة على الدم الفلسطيني من الإراقة المجانية؟ ويمكننا بالتالي سرد النقاط التالية علها تكون إجابة على تساؤلاتنا وخارطة فلسطينية للعمل الوطني:
1- حصر المواجهات في نقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي والطرق إلى المستوطنات .
2- تشكيل قيادة فصائلية موحدة توجه العمل وتحافظ على زخمه .
3- المحافظة على الدم الفلسطيني، وعدم المواجهة المفتوحة مع الإسرائيليين فالمقاومة ليست بحجم الدماء التي تسيل انما بحجم الانجازات التي نحققها دولياً.
4- تجسيد الوحدة الوطنية واقعاً ملموساً فالمصالحة جزء من الأهداف التي وضعها
الشبان لأنفسهم، وهو ما يُعطي مؤشراً واضحاً لإمكانية التواصل في العمل على الأرض ولتوسيع الانتفاضة ورفدها بخبرة نضالية سبقتها.
5- دعم المواطن وتعزيز صموده على الأرض من خلال المشاريع التطويرية لتشمل كل المناطق حتى المنطقة " c " ولا ضير لو كانت بإشراف منظمات غير حكومية.
6- الإبداع الإنساني في وسائل المقاومة الشعبية، ومواصلة جتراح وسائل جديدة تراعي الدعم الدولي والتأييد من الوفود الدولية المشاركة.
7- الحفاظ على شكل السلطة الفلسطينية القائمة لحاجات الناس، وعدم الإنجرار للمحاولات الإسرائيلية التي تريد حرف الانتفاضة بالتركيز على (التنسيق الأمني)، فالسلطة في النهاية إحدى انجازات الانتفاضة الأولى وأبناءها هم أبناء الشعب الفلسطيني.
8- أن لا نبحث كثيراً في المسمى المناسب لتلك الحركة الشعبية فإن أردناها مقاومة شعبية فهي تشمل أيضاً العمل المسلح، وإن أردناها سلمية فهي تشير للصدامات الجارية بشكلها الحالي، وإن توسعت وشملت كل المناطق وأردنا تسميتها انتفاضة ثالثة لإسقاط الدلالة اللفظية للكلمة بسحرها الذي حدث خصوصاً في الانتفاضة الأولى لا ضير فالأساس في ذلك ليس البحث عن المسمى بقدر الاتفاق على الوسائل الناجحة فى إدماء العدو وتكبيده خسائر كبيرة دون تعريض أنفسنا للخطر المباشر، أو إلقاء أنفسنا للتهلكة.
9- ان يُشكل قطاع غزة رافعة سياسية للمقاومة في الضفة الغربية وهذا يتطلب أن تكون وتيرتها في القطاع أبطأ، ولا تستجلب حرب جديدة على غزة، وهنا يجب الحذر من إطلاق الصورايخ على إسرائيل، في حين يتم تعزيز المقاومة في الضفة كونها سترسم التحدي السياسي القادم، ومسار أي تسوية قادمة، بالإضافة للجم المستوطنين.
مركز عبدالله الحورانى للدراسات والتوثيق
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. Socialism 2024 rally
.. شولتس يسارع لتهنئة ترامب على فوزه بالرئاسة ويتحدث عن -تغييرا
.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي
.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم خراطيم المياه لتفريق محتجين في تل
.. هل سبّب ضغط اليمين المتطرف على نتنياهو في إقالة الوزير غالان