الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملابسات توقيت قرار التدخل العسكري الروسي في سوريا

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ملابسات توقيت قرار التدخل العسكري الروسي في سوريا
الدكتور جاسم الصفار
16/10/2015
قررت روسيا دخول الحرب ضد داعش وجبهة النصرة والمنظمات الارهابية الاخرى في سوريا وهي على عجلة من امرها، فمع انها كانت تستعد منذ زمن لخوض الحرب الا انها لم تكن قد استكملت بعد ارسال تجهيزاتها العسكرية التي تريد بها خوض الحرب الى ارض المعركة. كما انها لم تستكمل بعد انشاء التحالفات الاقليمية الضرورية التي تزيد من اسباب نجاح حملتها العسكرية. فما الذي كان وراء تلك العجالة الروسية؟
في الفترة التي سبقت ايلول 2015 بعدة اشهر، ظهر نوع من التوازن والاستقرار على جبهات القتال في سوريا، بدد احلام الدول الاقليمية الداعمة للمنظمات الارهابية بحسم عسكري في سوريا، خاصة وان داعش، أقوى تلك التنظيمات، اهتمت في الفترة الاخيرة بزيادة عائداتها المالية من النفط المهرب، كما انها كانت منشغلة بالقتال على جبهتين، هما الجبهة العراقية، في مواجهة القوات الامنية والحشد الشعبي اضافة الى البيشمركة الكردية، وعلى الجبهة السورية، في مواجهة الجيش السوري وقوات من الحرس الثوري الايراني اضافة الى مقاتلي حزب الله والمتطوعين العراقيين وقوى حماية الشعب الكردية.
فلم يعد امام الدول الاقليمية المتواطئة مع الارهاب الا ان تستعين بأمريكا والغرب من اجل ادخال عامل جديد له ان يغير معادلة الصراع لصالح المعارضة المسلحة في سوريا. وكان هذا العامل مشروع قرار تم تداوله بين امريكا وحلفائها في ايلول الماضي، يهدف لمنع الطيران العسكري من التحليق في الاجواء السورية. والذي في حال تنفيذه سيفقد النظام السوري عنصرا هاما من عناصر صموده ومقاومته. فالحظر الجوي لا يمنع فقط الطيران العسكري السوري من المساهمة في العمليات القتالية، بل وسيعيق امكانية تقديم اي عون لوحدات الجيش السوري وللقرى السورية المحاصرة في اماكن متفرقة من البلاد، ويعجل حصول انهيار عسكري يسقط على اثره نظام بشار الاسد، لا محالة.
انتبهت روسيا للخطر المحدق بسوريا فقررت على عجالة غير مسبوقة في السياسة الروسية، خلق غطاء قانوني للتدخل والبدء بما متوفر من الامكانيات، وهي ثلاثين طائرة حربية ستة منها فقط حديثة الصنع، في خوض معارك تجعل من تدخلها حقيقة يصعب تجاوزها. ففي يوم 29 ايلول اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ان روسيا ستقاتل الارهاب، وفي 30 ايلول يحصل الرئيس الروسي على تفويض رسمي من اعلى سلطة تشريعية في روسيا لدخول الحرب، وبعد ساعات من حصوله على التفويض يبدأ الطيران الروسي الحربي الموجود في اللاذقية طلعاته الجوية ضد معاقل الارهاب في سوريا.
في مثل هذه الظروف، لم يكن على روسيا انتظار نضج تحالفات او حتى تفاهمات تزيد من فرص نجاح عملياتها العسكرية، واهتمت بالتنسيق مع الاطراف التي تقاتل فعلا على الارض ضد الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، وهي النظام السوري والعراق وايران، اضافة الى تفاهمات مع الفصائل المسلحة المقاومة للتمدد الارهابي في سوريا، كمقاتلي حزب الله اللبناني والمسلحين الاكراد.
بهذا المعنى تحديدا تكون ما يعرف "بالتحالف الرباعي"، الذي لم يكن سوى هيئة تنسيق لمجريات العمليات العسكرية، غرضها تبادل المعلومات حول تحركات داعش واهداف الضربات الجوية والعمليات الاستكمالية الحربية التي تتبع تلك الضربات. وقد تشكلت هيئة المعلومات المشتركة، بتركيبتها المعروفة، بعد ان رفض التحالف الذي تقوده امريكا فكرة التنسيق الموسع الذي اشترطت روسيا ان يشارك فيه النظام السوري.
على ان الوصول بعلاقات التنسيق الحالية بين روسيا وايران وسوريا الى مستوى التحالف، يبقى مرهونا بالتغيرات التي يمكن ان تطرأ على ساحات القتال، كما يمكن ان ينظم الى هذا التحالف الصين ورابطة الدول المستقلة، التي ستتبنى في مؤتمر قمتها الاخير الذي تعقده، اليوم الجمعة 16/10/2015 في مدينة بوراباي الكازاخية، مشروع انشاء تحالف عسكري مدعوم من التحالف الأوراسي الاقتصادي.
أما بالنسبة للعراق، فالأمر يختلف تماما، والعلاقة معه، من وجهة نظري، سوف لا تتجاوز التنسيق، لأسباب تتعلق بتركيبة النظام السياسي العراقي بعد 2003 وملابسات علاقاته الدولية والاقليمية. على ان هذا لا ينطوي على التقليل من اهمية التنسيق بين موسكو وبغداد، والذي سهل لروسيا اطلاق صواريخها من بحر قزوين عبر الاراضي الايرانية والعراقية، كما رفع من كفاءة الضربات الجوية العراقية ضد فلول داعش في المناطق المحاذية لسوريا.
ختاما، لابد من الاشارة الى ان التدخل العسكري الروسي في سوريا، يعني بالدرجة الاولى ان روسيا في عصر بوتن قد تبوأت مركزها، كلاعب دولي قوي يحسب حسابه، سواء رضيت عن ذلك الولايات المتحدة الامريكية او لم ترضى. وان جيلنا اصبح شاهدا على وضع اللبنات الاولى لتغيرات مفصلية في طبيعة النظام الدولي القائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من


.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في




.. أصوات إطلاق نار خلال اقتحام الاحتلال بلدة قباطية بجنين بالضف