الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دُموع الفرح وألفيسبوك

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 10 / 17
سيرة ذاتية


دُموع الفرح وألفيسبوك
توفي والد زوجتي ، قبل أن أقترن بها أو تقترن بي، عاش عُمره وهو يُمنّي النفس بلقاء أخوته وابناء عمومته ، التي طوحت بهم الأقدار وفرقّتهم "أيدي عرب". إلى أن بلغت زوجتي سنّاً مكّنتها من اللغة العبرية ومن السفر إلى مقر الصليب الأحمر في تل –أبيب لتبعثَ برسالةٍ من خلاله، الى عمها الذي يتضح لها لاحقا، بأنه يعيش في مخيم لاجئين في لبنان، وعندها فقط عرفَ والدها بأنهم أحياءٌ، وكان ذلك كافياً .
تحتفظ زوجتي بالرسالة والصور التي بعثَ بها عمها ككنز ،وها قد مرّت أربعون عاماً وما من خبر .. خصوصا مع الحروب والتهجير !!
ويعودُ إهتمام زوجتي بكنزها هذا ، لأسباب شخصية ذاتية ، فوالدها عاش وحيدا في قريتهم ، لا عائلة ولا حمولة يتفيأُ في ظلها، حين كانت العائلة المُمتدة ، سنداً وعزوة ..
-أولُ مرةٍ في حياتي ، أسمع كلمة "بنت عمي " من فمٍ أحد....!! قالت زوجتي والدُموع تنهمر من عيونها وتشهق ببكاء مرير .. واستمرت قائلة بين شهقة ودمعة ..
-حُرمتُ من الشعور بأن لي أهلٌ وأبناء عمومة ...!!
نعم ، عائلتي المُمتدة كانت لزوجتي واولادي ، وما زالت عائلة داعمة ومُحبة ، رغم ما يحدثُ بين الاقرباء من خصام ، خاصةً إذا كانوا مُتجاورين ..!! ولا ينقص زوجتي الكثير ، فهي أُمٌ وزوجةٌ ، تحرص علينا كحرصها على بؤبؤ العين ، سعيدةٌ بالأولاد الذين كبروا ، وسوف ترى أحفادها (قولوا انشاء الله) ، عندما "يحصل النصيب" .. !! تعمل بلا كلل ولا ملل في وظيفتها وبيتها ، يعطيها العافية .
وكان أن تطور العالم بفضل تسوكربرغ ، وأصبحت الكرة الأرضية بفضل التكنولوجيا ، قريةً صغيرة .. فجدّدت زوجتي محاولاتها البحثية الدائبة ، عن عمومتها، بحثت لكن دون جدوى ، خاصةً وأنها لا تعرف أكثر من اسمها الرُباعي ، واسم عمها ..
وذات يوم ، أو قبل أيام معدودة ، تُخبرها صديقة طفولتها ، بأن لديها على الفيسبوك "صديق" يحمل إسم عائلة زوجتي ، ومن هنا تبدأُ الأمور بالتقدم فوق ما كانت زوجتي تتصوره .
وخلال ليلتين ، لم يداعب الكرى جفون زوجتي ... وهي أمام "حاسوبنا" المشترك!!
تكتشف بأن لها عائلةٌ موزعةٌ على وجه الكرة الأرضية ، وخصوصا أبناء وبنات عمها الوحيد .
ولتكتشف أيضا ، بأن أقاربها بالمئات ، بل ولديهم مجموعة على الواتس-أب ، بإسم العائلة ... فرحُنا مع الزوجة والأم لا يضاهيه أو يتفوق عليه سوى فرحها وسعادتها ..
فأبناء عمومتها أيضا ، يشعرون وكأنهم وجدوا "إبنا" ضالاً ، أو بالأحرى إبنة تاهت ردحا كبيرا من الزمن.
لقد ذُرفت "الدموع "عبر شاشات الحواسيب ،وتبودلت كلمات الشوق والمحبة ، ضحكات وابتسامات وفرحة كبرى ، بلم شملٍ إفتراضي ..
إنه الشعور بالتعويض عن حرمان طويل ، وحاجة نفسية للإحساس بأنكَ لستَ مقطوعا من شجرة ، دون جذور ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تهانينا و ليحيى الفيس بوك
عتريس المدح ( 2015 / 10 / 17 - 09:18 )
دعني بداية أتقدم بتهاني ومشاركتكم في الفرحة التي جاءت عبر الفيس بوك
نعم الفيس بوك وسيلة جيدةلاحياء علاقات قديمة أو لمعارف جديدة
قبل بضع أشهر اضطررت للسفر الى عمان لامور خاصة، و اردت أن أتصل ببعض الاصدقاء في بدايات الثمانينات من القرن الماضي حين كنت أعمل في الاردن، ولم يكن لدي أية معلومة أو رقم تلفون، فاستعنت بموبايلي وبالانترنت والفيس بوك الذي هداني إلى ترك رسالة الى أحدهم تركت فيها رقم جوالي وماهي الا ساعات قليلة إلا وموبايلي يرن حاملا صوتا لاحدهم وما هي الا بضع ساعات أخرى حتى كان اللقاء الذي رد لي قليلا من الروح لنتذكر بكل حب تلك الايام والمقالب والذكريات بساعاتها الحلوة والمرة
هذه هي التكنولوجيا بآثارها الحميدة التي جعلت من الكون قرية صغيرة


2 - الله يبارك فيك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 17 - 09:33 )
شكرا عزيزي عتريس
نعم الفيسبوك يقرب البعيد ويبعد القريب !!
خالص مودتي


3 - مؤثر
عبد القادر أنيس ( 2015 / 10 / 17 - 12:28 )
مقالك أبلغ من ستين خطبة عصماء للتعريف بمحنة الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية المداسة.
خالص تحياتي


4 - شكرا استاذ عبد القادر
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 17 - 13:39 )
تحياتي ومودتي وشكري الجزيل
نعم وبالتأكيد فهذه قصة مصغرة عن المحنة الفلسطينية .
تقبل احترامي


5 - الاخ العزيز ابو مهيب المحترم - من خانة الفيسبوك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 17 - 17:20 )
تحياتي وتشرفنا بمعرفتك
خالص مودتي ومحبتي


6 - العزيزةLoutfih Alchabti
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 10 / 18 - 05:08 )
صباح الخير وتحيات
شكرا

اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما