الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الجدلية بين التفاهة والتوريث

محمد أحمد الزعبي

2015 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


العلاقة الجدلية بين التفاهة والتوريث
15.10.2015
محمد الزعبي
تعني العلاقة الجدلية بين ظاهرتين أو فكرتين التأثير المتبادل عمودياً وأفقياً بين طرفي هذه العلاقة ، وهما هنا التفاهة والتوريث .
أحفظ منذ صغري مثلا إنكليزيا يقول " ابن النجيب لا ينجب ، وإذا نجب فاق أباه " ، تذكرت هذا المثل في إطار هذه المقالة التي سأحاول فيها أن أطل إطلالة سريعة على مدى انطباق هذا المثل الشعبي البريطاني على حالتنا السياسية السورية . وأبدأ إطلالتي هذه بالتذكير بمقولة الإمام علي (رضي)
"لاتلزموا أولادكم على أخلاقكم فلقد ولدوا لزمان غير زمانكم " ، أي أن تغير الزمان لابد أن يؤدي إلى تغير البيئة الاجتماعية التي يرضع منها الفرد مع حليب أمه العادات والتقاليد ومنظومة القيم الاجتماعية ، وبالتالي فإن لكل فرد منا وراثتين ، واحدة بيولوجية وأخرى اجتماعية ، أي أن المثل البريطاني إذا ما انطبق على الوراثة البيولوجية ، فإنه لا ينطبق بالضرورة على الوراثة الاجتماعية ، إلا إذا كانت المسافة الزمنية بين الأب والإبن متقاربة ومتداخلة بحيث تصبح الوراثة الاجتماعية بدورها متقاربة ومتداخلة ، ويصبح بالتالي سلوك الإبن قريباً من التماهي مع سلوك الأب .
وفيما يتعلّق بالحالة السورية ،فان المسافة الزمنية المتداخلة بين الأب(حافظ ) والإبن ( بشار) تبلغ34 عاما، وهكذا يكون بشارالأسد قد أخذ عن أبيه كلا الوراثتين البيولوجية والاجتماعية ، قبل أن يتبعهما بالوراثة السياسية التي أوصلته إلى كرسي الرئاسة عام 2000.
و فيما يخص العلاقة الجدلية بين "التفاهة " و "التوريث"، فلابد من الإشارة:إلى أن مفهوم التفاهة إنما يشير من الناحية اللغوية إلى قلة الصفات الإيجابية في الشيء أو الشخص ، أو ربما أنعدامها ، فنقول شخص تافه أي أنه قليل العقل والفهم من جهة ، وعديم أو قليل الصفات والمواقف الإيجابية ( المروءة مثلاً ) من جهة أخرى . إن ما دفعنا إلى اختيار عنوان هذه المقالة ( العلاقة الجدلية بين التفاهة والتوريث )هو ارتباط هذين المفهومين ( التفاهة والتوريث ) ببشار الأسد ، من حيث وصوله إلى السلطة في سوريا توريثاً ، أي عن غير طريق صندوق الاقتراع ، من جهة ، ومن جهة أخرى، من حيث تأييده التدخل والاحتلال الخارجي ( الإيراني والروسي خاصة ) لبلده سوريا (!!) والتي يعتبر نفسه رئيساً لها ، وهو مايدخله ـ برأينا ـ في خانة التفاهة . إذ من غير المعقول أن يؤيد شخص احتلال بلده ، بل يستدعي هو بنفسه القوى الأجنبية لكي تحتل بلده ، ألاّ يكون تافهاً .هذا وتبدو تفاهة " صاحبنا " واضحة للعيان إضافة إلى مسألتي التوريث واستدعاء التدخل الأجنبي ، بصورة أساسية ، فيما يلي :

1. إطلاقه على الشعب الذي يدعي أنه رئيسه الشرعي صفة " العصابات المسلحة " و " الإرهابيين " والذين حدد عددهم في خطابه الأول بعد الثورة ( 30آذار 2011 ) ب 64 ألفاً ، أي بعد أسبوعين فقط من بدء المظاهرات السلمية الشعبية المطلبية ، التي انطلقت في 18 آذار2011 ، ثم رفع هذا العدد في خطاب لاحق ( أذار 2015) إلى الملايين (حرفيا : وإن كان مليون منقول ملايين ) وكان يقصد أبناء الشعب السوري تحديدا ، حسب ما قاله بعظمة لسانه في خطابه إيّاه ( أنا لاأتحدث عن أي إرهابي أتى من الخارج ، أتحدث عن إرهابيين سوريين ، أبناء هذا المجتمع !! ) .
2. لجوئه المباشر إلى " الحل الأمني " في مواجهة المظاهرات الشعبية السلمية المطلبية التي انطلقت في محافظة درعا ( حوران ) تطالب ببعض الإصلاحات التي أقر هو في أحدى تغريداته الإعلامية بمشروعيتها ، حيث تم إطلاق الرصاص الحي على هؤلاء المتظاهرين السلميين واستشهاد السيدين محمود قطيش الجوابرة وحسام عياش يوم 18.03.2011 ، ثم تبعهما في اليوم التالي وخلال عملية دفن هذين الشهيدين، إطلاق الرصاص الحي أيضاًعلى المواطنين المشاركين في الجنازة مما أدّى إلى سقوط شهيدين آخرين ( لقد وثّق سميح شقير هذه الواقعة بأغنيته الرائعة والمعبرة " يا حيف " ) .
3. سكوته على احتلال إسرائيل لهضبة الجولان عام 1967 ( إبّان حكم أبيه ) ، وعلى انتهاكها ( إسرائيل ) حرمة الأجواء والأراضي السورية عدة مرات ، والادعاءات الكاذبة بالممانعة والمقاومة للتغطية على هذا السكوت . هذا مع العلم أن تفسيرنا الخاص لهذا السكوت ، هو وجود علاقة استراتيجية بين النظامين الطائفيين في كل من سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة ، وهي تشمل مرحلة كل من الأب والإبن ، حيث كان يتم دائماً ترحيل الرد السوري على الانتهاكات الصهيونية المستمرة جواً وبرّاً وبحراً الى. " الزمان المناسب " الذي لم يأت خلال أربعة عقود !! . ولمن يرغب أن يذكرنا بحرب تشرين " التحريرية !!" فإننا نذكره بأن هضبة الجولان ماتزال بيد إسرائيل حتى كتابة هذه المقالة .، ونقول له : لقد كانت حرب تشرين / حرب أكتوبر ، حرب زيارة السادات للقدس ، وليست حرب تحرير لاالجولان ولا سيناء ، كما ونذكره بالبلاغ العسكري رقم 66 الذي أصدره حافظ الأسد عندما كان وزيراً للدفاع عام 1967، والذي أعلن فيه سقوط مدينة القنيطرة بيد إسرائيل ، قبل أن تطأها قدم أي جندي إسرائيلي !! .
4. إصراره على الحل الأمني وتشبثه بالكرسي الذي ورثه عن أبيه ، حتى بعد أن بلغت ضحايا هذا التشبث أكثر من مليون مواطن سوري بين شهيد وجريح ومفقود وسجين ، وأكثر من عشرة ملايين مواطن سوري بين مهاجر ومهجر ولاجئ ونازح . وحده الرئيس الوريث كان ( لايرى ولايسمع ) ، بل ولا يمل من وصف هؤلاء المواطنين السوريين الشرفاء بـ " العصابات المسلحة " و " الإرهابيين " . وتخطر لي الآن عبارة كنا نستخدمها مع بعضنا ونحن صغار هي " الكلام صفة المتكلم " ، نعم ياسيادة الوريث ، الكلام صفة المتكلم ، أي أنك أنت الإرهابي الأكبر في سورية ، وأن صفة " قاتل الأطفال " هو الإسم واللقب الذي تستحقه بجدارة من الشعب السوري .
5. استعانته بالغرباء ( إيران وحزب الله اللبناني ونظام السستاني في العراق وأخيرا وليس آخراً بروسيا بوتين ) على أبناء شعبه الذين يزعم أنه رئيس جمهوريتهم !! . بل إن ما يدعوه النظام إعلاميّاً ب " العدو الإسرائيلي " قد دخل على الخط الروسي الآن عبر التنسيق العسكري مع القوات الروسية المتواجدة في سورية برا وجوا وبحرا ، وعلى المكشوف ، وهكذا اصبحت " سوريا الأسد " مفتوحة الأرض والسماء لكل من هب ودب،( بما في ذلك إسرائيل ) يدخلها من يشاء، متى يشاء ، وكيف يشاء ، وما زال " سيادته " !! وياللعجب ، مصرا على أنه هوالرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية دونما خجل أو وجل . إنها التفاهة بشحمها ولحمها ياسيادة الوريث !! .
6. ممارسته الكذب والتضليل الإعلامي ،في قتله مئات الألوف من السوريين وتهجيره الملايين منهم خارج الوطن ، ووضعه الشعب السوري بين خيارين ( أحلاهما مر) "الأسد أو تدمير البلد " ( ياللتفاهة !! ) ولقد كان " التدمير" على مابدى ويبدو ،هو خياره المفضل ، سواء بيده ، أو بيد ( عمرو ) ممن جاؤوا لنصرته من خارج الحدود، وذلك للقضاء على ثورة الربيع العربي في سورية ، الرافضة لديكتاتورية الوريث ومواقفه التافهة .
لقد تبدى كذبه المضحك والفاضح في عدد من مقابلاته الصحفية التي أنكر فيها حتى معرفته بالبراميل المتفجرة، وبقتل الأطفال، أما تهجير الناس وتجويعهم وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والبنايات السكنية ، فقد حملها " سيادته " ( لافض فوه ) ل " العصابات المسلحة " و " للإرهابيين " و لقد أصر على الكذب رغم تذكير الصحفي له بأنه المعارضة، لاتمتلك أية طائرات تستخدمها في إلقاء هذه البراميل المتفجرة !!. إنها الوقاحة بشحمها ولحمها ، ياسيادة الوريث !!. ويبدو أن علينا أن نستحضر هنا مقولة
( إللي استحوا ماتوا ) .
7. إن سوريا ليست مفتوحة لكل من هب ودب من زبائنك ، ياسيادة " الوريث !! " وإن شعبها الصامد والصابر ، لن يقبل برئيس طائفي عنصري حاقد مثلك ، وصل إلى السلطة على ظهر الدبابة وجناح الطائرة ، وهو يقبع اليوم في مكان ما من سورية بحماية القوى الأجنبية ، ويتفرج عبرالتلفاز على مآسينا ودمائنا ، وعلى موتنا تحت التعذيب ، بل وعلى موتنا جوعاً وعطشاً وغرقاً وكمداً .
إن ماينبغي أن نذكرك به ياسيدة الوريث ، ونحن على أبواب السنة الخامسة من الثورة ،هو أن شعار الثورة كان وما يزال ،(وبعد أن رفضت أنت مطالبهم المشروعة بالإصلاح وحفظ الكرامة ) " الشعب يريد إسقاط النظام " . ولكن مضمون هذا الشعار بات اليوم يتجاوزشخص " الرئيس الوريث "، ليشمل نظامه برمته ، ويشمل معه أيضاً كل زبائنه ومرتزقته ، الأقربون منهم والأبعدون ، بدءا بحسن نصر الله وانتهاء ببوتين ، مرورا بقاسم سليماني وبقية الرهط الطائفي المعروفين للجميع ، والذين أحضرتهم ، لقتل أطفالنا واغتصاب حرائرنا وذبح شبابنا . إننا نقول لك ولزبائنك من شبيحة الداخل والخارج ، من شبيحة الأرض وشبيحة السماء ،و بلسان عربي مبين : ياسيادة الوريث ، ويامناصريه القادمين من خارج الحدود ، إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، وإنه " على الباغي تدور الدوائر " ، وإن التفاهة لاتعفي من المسؤولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل