الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن حلم الديمقراطية

رفعت السعيد

2015 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



ونبدأ الحديث عن هذا الحلم بعبارة لمفكر إنجليزى هو روبرت داهل أوردها فى كتابه «الديمقراطية » يقول فيها «إن طريق الديمقراطية منذ العصور القديمة يتبدى كصحراء جرداء وممتدة، تسير فيها الشعوب، بينما تتخللها واحات صغيرة تستقر فيها الشعوب والحكومات لأمد زمنى ما، وقد تعود إلى التيه مرة أخرى» وهو يلفت نظرنا إلى حقيقة جوهرية كثيراً ما تغيب عنا فالديمقراطية ليست شيئاً يجرى اختراعه فيبقى على الدوام، فهى تخترع، تنمو، تزدهر فإذا لم نستمر فى منحها مقومات الحياة لا تلبث أن تذبل أو حتى تختفى. إنها ليست آلة تخترع وتستقر وتطور نفسها من خلال ممارسة الإنسان لإدارتها، لكنها معركة اجتماعية مستمرة تعيش فى خضم متناقضات قد تتقدم بها أو تتراجع بسببها. والنموذج واضح تماماً ففى 25 يناير كان ميدان التحرير وغيره من الميادين موطناً لصخب جارف يتبدى وكأنه حرية بلا حدود ثم تحول على أيدى عدد محدود [مدفوعين أو مدفوع لهم] إلى فوضى أو شبه فوضى، وانعكس ذلك كله مجتمعياً على مناخ اجتماعى فيه قدر من التمرد على أى انتهاك للديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم هدأ الصخب وها نحن نخوض انتخابات بلا مذاق ويعلوها صخب صاخب ويكسوها غبار متأسلم وتغلفها أموال بلا حدود. وأتذكر حكمة إغريقية قديمة تقول «كل مواطن يعشق الديمقراطية وكل منا يتعلق بسحرها الأخاذ، يتنازعونها فتتمزق بين أيديهم». وتعانى ديمقراطيتنا مما أسمية تبادل أزياء. ففى القرن الماضى كان المصريون يخوضون معارك التحرر الوطنى ومساندة الشعوب الساعية للتحرر [الدور الناصرى فى إفريقيا] وكانوا يصرخون دفاعاً عن الحرية وعداءً للمستغلين والمستعمرين الإمبرياليين ناهبى أقوات الشعوب وحريتها واستقلالها، ثم تبدلت الأزياء فالدول التى حصلت على استقلالها دخلت فى متاهات الصحراء التى تحدث عنها روبرت داهل وتحكم فيها وعلى المدى الأفريقى حكام كسروا قيود الإمبرياليين عن شعوبهم ثم وضعوا مكانها قيوداً أخرى محلية الصنع. ويتمادى تبادل الأزياء المفتعل فالإمبرياليون القدامى تخلوا شكلياً عن أشكال الاستعمار المباشر والذى لم يعد ملائماً للعصر، لكنهم ظلوا ينهبون ثروات أفريقيا عبر آليات تجارية تمتص مواردها ويفرضون بالعولمة استغلالا صعباً لأسواقنا وحقوقنا حتى فى ثورتنا ويعرقلون تطورنا الصناعى والزراعى عبر آليات غير متكافئة سواء فى التجارة أو الجات أو الديون. ومن ثم فإنهم يمارسون ضغوطاً شرسة بزعم أنهم يمتلكون الحق فى إقرار ما هو حق فى بلادنا، وليس فى بلادهم وأن الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات أصبح مهمة إنسانية يمتلكون صلاحية التدخل للدفاع عنها فى كل العالم.

والمثير للدهشة أن منظمة الأمم المتحدة قد استيقظت ووعت هذه الحقائق منذ زمن فأصدرت تقريراً بعنوان «الديمقراطية فى عالم مفتت» جاء فيه «إن المشاركة السياسية الديمقراطية تتطلب ما هو أكثر من التعددية ومن الانتخابات، فالسياسة الديمقراطية تتطلب حقوقاً مدنية وسياسية تتيح للشعوب إمكانية المشاركة الفعالة، وتعطى هذه الشعوب القدرة على بناء نفسها دون عوائق آتية من الخارج»، ثم يمضى التقرير فى صراحة مثيرة للدهشة مدينا الضغط الخارجى على المجتمعات الفقيرة والتى تحاول الإفلات من الفقر بمزاعم العولمة وحرية التجارة قائلاً: «إن الجمهور فى هذه البلدان يصبح أكثر ميلًا لتأييد إجراءات لتقييد الحريات والحقوق المدنية والسياسية بأمل الإسراع فى تحقيق التقدم».

ونضيف إلى هذه الأسباب إحساس الشعوب بأن المستغلين الأجانب يسعون – وقد نجحوا بالفعل – فى تفتيت عدد من الدول وتحويلها إلى كانتونات صغيرة متناحرة وطاردة للسكان ليصبحوا أجراء مستعبدين وبلا حقوق فى أسواق العمل الأوروبية، وتصرخ بعض الدول الأوروبية صراخاً مفتعلاً من عبء اللاجئين (النسخة الحديثة لأرقاء الزمن القديم) بينما هم يمارسون السياسيات التى تزيد من هجرة المهاجرين. ونعود إلى تقرير لجنة التنمية البشرية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لنقرأ عبارة شديدة الصراحة تقول «إن العالم لم يكن فى أى وقت مضى أكثر حرية فى المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية ولكنه أيضاً لم يكن أبداً أكثر ظلماً مما هو عليه الآن».

ونعود لنؤكد نحن نريد حرية لأننا نستحقها، وليس لأن البعض يزعم أنه يريدها لنا، ونحن نريدها لنبنى أنفسنا ومؤسساتنا التشريعية بما يمكننا من مواجهة محاولات الهيمنة الأجنبية التى هى معادية لنا بالأساس ونرفض طروحاتها التى تحاول خداعنا، ونريد بناء وطن حر، ديمقراطياً وعادلاً.. ويقيم المجتمع العادل مجتمع الحرية والمواطنة والمساواة والعدل الاجتماعى نريده ليس لأن الغرب يضغط علينا وإنما لكى نضغط نحن عليه ضد محاولاته لافتراسنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا ديمقراطيه مع الاسلام
على سالم ( 2015 / 10 / 18 - 18:10 )
السيد الكاتب , تحليلاتك وتفسيراتك خاطئه للاسف الشديد ولامحل لها من الاعراب فى العالم العربى الاسلامى , انت تتجاهل اصل كوارث العالم الاسلامى الا وهو عقيده الاسلام ,الاسلام لايعترف بالديمقراطيه ابدا ,انا جبتها لك من الاخر , سيبك من اللف والدوران والعالم الانجليزى المفسر الفرنسى والقرع والباذنجان وابو جلمبو , لماذا تتجاهلوا الحقيقه التى هى سبب تخلفكم وانحداركم وردتكم الفكريه والحضاريه ,الحقيقه تقول ان العائق الاول للديمقراطيه والتقدم والازدهار فى بلاد اولاد عربان هو الاسلام والشريعه والسنه والازهر الغير شريف ,الواجب تشخيص الحاله بطريقه علميه عقلانيه ولاداعى لكل هذا الدش


2 - حلم ليلة انتخابات
هانى شاكر ( 2015 / 10 / 19 - 04:07 )

حلم ليلة انتخابات
__________

عجبى عليك يا زمن .. تعمل كده فينا
دا رفعت السعيد .. كان شيخنا و مربينا
بقى يكتب كلام مرصوص .. ما عاد يغذينا
قال إيه : امم متحدة؟ .. دا القرع هارينا
عيالنا فى الشوارع .. و لصوصنا فى مارينا

و عجبى

....

اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش