الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية عسكريّة نوعيّة ذات أبعاد استراتيجيّة

محمود جديد

2015 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


" عملية عسكرية نوعية ذات أبعاد استراتيجية "
محمود جديد
تمّ مؤخّراً تشكيل الفيلق الرابع اقتحام من فرقتين : واحدة في اللاذقية والثانية في حماه لتلبية متطلّبات عمليّة عسكرية نوعية في المنطقة الوسطى ومحافظة إدلب ، وشمال شرقا اللاذقية ، والتي ستحدّد نتائجها أبعاداً استراتيجية تؤثّر بشكل حاسم على مجرى الحرب المجنونة الدائرة على امتداد الساحة السوريّة ، ووجهتها ومصيرها ..ومن المحتمل أن يضم الهيكل التنظيمي لهذا الوليد الجديد قطعات وتشكيلات سورية ، ووحدات من القوى الداعمة ،والوافدة إلى سورية لمناصرة النظام السوري وبشكل مختلف عن التلصيق الذي كان يتمّ في السابق ... وبعيداً عن العواطف والمواقف سأحاول جاهداً إلقاء الضوء على هذه العملية من وجهة نظر عسكرية مجرّدة ، ولا يعني ذلك متابعة أحداثها اليومية التي هي من مهمة المراسلين الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة ..

أهداف العملية العسكرية :
---------------------- يمكن تلخيص أهداف العملية العسكرية بالآتي :
- إعادة السيطرة على المنطقة الفاصلة بين حمص وحماه ، وفتح طريق حمص - حلب الدولي .
- تأمين أمن الساحل السوري بعمق أكبر من الشمال والشرق ، وخاصة أمن القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم ، وميناء مدينة اللاذقية ، وفتح طريق اللاذقية - جسر الشغور - حلب .
وفي سياق تحقيق هذين الهدفين لا بد من استعادة السيطرة على ريف حماه الشمالي ، وسهل الغاب ، ومدينة إدلب وريفهاالجنوبي ، والريف الشمالي الشرقي لمحافظة اللاذقية .. وشمال حمص..
- استعادة المبادرة للجيش السوري بعد اهتزازها الصيف الماضي ، وخلق معطيات ميدانية مهمّة صالحة للتوظيف في العملية السياسية ، وتعزيز موقف النظام السوري على طاولة المفاوضات في جنيڤ-;---;-- 3 ..
السمات العامّة للعملية العسكرية :
----------------------------
1 - وضوح أهدافها العملياتية ، والأطراف المشاركة فيها بعد اعتماد خيار اللعب على المكشوف ، سواء من خلال التدخّل الجوّي والصاروخي الروسي ، أم بالاعتراف العلني بوجود قوات من الحرس الثوري الإيراني في ساحات المعارك وإشهار ذلك من قبل قوى حليفة لإيران ، والافصاح عن أسماء الخسائر بالأرواح من الإيرانيين ..
2 - اتساع رقعة العملية العسكرية لتشمل أجزاء من ثلاث محافظات سورية في وقت واحد ( حماه ، إدلب ، اللاذقية ) وعلى امتداد حوالي 120 كم ، ويضاف إلى ذلك ، فتح معركة شمال حمص بعد أسبوع من بدء تنفيذ هذه العملية، وفتح معركة جنوب حلب ، وجميع هذه الجبهات متكاملة وتصبّ في مجرى واحد ..
وهذا الاتساع سيؤثّر سلباً على قوة الضربة ، على الرغم أنّه لأوّل مرة يتم التخطيط لهجوم على مستوى فيلق مدعوم بغطاء جوّي فعّال .
3 - توّفر معلومات استطلاعية دقيقة للقوات السورية المهاجمة أوّلاً بأوّل من خلال الأقمار الصناعية والاستطلاعات الجوية الروسيّة .. وهذه المعلومات تساعد القوات الأرضية على اكتشاف الأهداف المعادية مبكّراً ، واختيار الطريقة الأفضل للتعامل معها في الوقت المناسب .
4 - الدعم الجوي الروسي المركّز والفعّال المرافق للهجوم البرّي ، وما له من أثر معنوي إيجابي على القوات المهاجمة ، وسلبي على المجموعات المسلّحة المدافعة .. كما حلّ عقدة تأثير صواريخ التاو الأمريكية على مدرعات الجيش السوري إلى حدّ كبير من خلال الحوامات مي : 24 ذات التصفيح الخاص ( 80مم ) الذي يحميها من نيران الأسلحة الرشاشة ، وطائرات السوخوي 24 ، وسوخوي 25 التي يُعتبرالدعم الأرضي إحدى خصائصها ، وسوخوي 34 الأكثر تطوّراً .. وتعريض مقاتلي المجموعات المسلّحة لخسائر إضافية عند إجراء مناورة بالقوات في الميدان ،أو تنقّل وقدوم مسلّحين جدد من قطاعات مجاورة ، أو عند القيام بالهجمات المعاكسة خلال المعارك ..وفي الوقت نفسه ، عرقلة وتعقيد التأمين الإداري والطبي والتسليحي لهذه المجموعات ..
5 - بطء التقدّم النسبي المنجز حتى الآن بسبب :
ا - طبيعة وهويّة وقوة المسلّحين والعقيدة القتالية التي تحرّكمهم ،وتباينها من منطقة إلى أخرى.
ب- الطبيعة الطبوغرافية المتباينة بين قطاعات الهجوم ، فالريف الشمالي لمحافظة اللاذقية
يُعتبر أصعبها نظراً لوجود مرتفعات جبلية وعرة ، وغابية ، ممّا يصعّب رصد أماكن تمركز المسلّحين ، وتحرّكاتهم ، و يخلق الظروف الملائمة لتحقيق المفاجأة ونصب الكمائن ضدّ الجيش السوري .. وتعقيد عمل الدبابات بسبب ضيق مجال الرؤية وخسارة الكثير من مزاياها الداعمة للمشاة ، وإجبارها على التحرّك خلف القوات المهاجمة لتقليل خسائرها ..ولذلك تبرز أهميّة المشاة والوحدات الخاصة في مثل هذه المناطق ...
ج - تباين الكثافة العمرانية بين منطقة وأخرى ،ومدى انتشارها .. ولذلك قد تضطر القوات المهاجمة أحياناًإلى عزل المدن والبلدات الكبيرة ، واستمرار التقدّم في أريافها ، وفي مراحل لاحقة قد تدخلها القوات المهاجمة .. أو تعقد صفقات أمنية مع الفصائل المسلّحة المتواجدة فيها بهدف تقليل الخسائر بالأرواح والعتاد والبنية التحتية ..
د - بروز عمليات كرّ وفرّ بين القوات المهاجمة والمدافعة ممّا يُضعف وتيرة الهجوم .. غير أن هذا العامل الميداني قد يخفت بالتدريج لصالح المهاجمين عند استمرار المعارك إذا لم يصل دعم إضافي إلى المجموعات المسلحة ، وبمعنى آخر ستزداد سرعة التقدم مع تواصل الهجوم في الأيام التالية ،وذلك بسبب التفوّق الناري الكبير لصالح القوات المهاجمة ، ووحدة القيادة والتوجيه التي لا تتوفّر بالمستوى المطلوب بين صفوف المسلّحين ، والدعم الجويّ الروسي الفعّال ..

الانعكاسات والنتائج المحتملة للعملية العسكرية :
--------------------------------
- رفع معنويات القوات السورية في مناطق أخرى ، وشحن عزائمها ، ومساعدتها على استعادة المبادرة في الميدان ، وهذا مايتجسد في الغوطة الشرقية وحلب ودرعا ومحافظة القنيطرة ..مع دفع الرصيد العسكري المتبقّي للنظام في الميدان دفعة واحدة على مختلف الجبهات بهدف تحقيق صدمة استراتيجية على مستوى القطر بعد اطمئنانه على جدّية الروس والإيرانيين في الاستمرار بدعمه ..
- قد يزيد من غرور وغطرسة النظام ورفع سقف شروطه للحل السياسي ، والتمادي في استبداده ... ولذلك يترتّب على حلفائه مسؤولية تاريخية في لجم جموحه ...
- تشجيع المصالحات ، وتسوية الأوضاع ، وكثرة الوساطات الفردية والجماعية من شخصيات وهيئات المجتمع المدني ورجال الدين ..
- تخفيض نسبة احتمال الانشقاقات العسكرية الجديدة والفرار من الخدمة ، والتواطؤات والبيع والشراء على الحواجز أثناء سير المعارك ..
- خلق الأجواء المناسبة لموالاة النظام للشعور بنشوة (النصر القادم ) ، والمبالغة في هجاء المعارضة السياسية والتقليل من دورها وشأنها ، وبالتالي سيكشف زيف مواقف البعض تجاه الحلّ السياسي ، واستمرار مراهنتهم على الحل العسكري ...
- إرباك وحيرة وتردّد الأشخاص والأطراف التي راهنت على الفصائل المسلحة في إزاحة النظام،
ومحاولة بعضهم التكيّف مع المعطيات الجديدة ، أو اختيار الصمت المؤقّت ريثما تنجلي الصورة بشكل أوضح ..
- سيرغم الأطراف الإقليمية والدولية على إعادة تقييم الموقف في سورية بعد التطورات الميدانية الأخيرة ، مهما كابرت ...
- إنّ الدخول الروسي المباشر سيزداد طرداً بتعثّر العملية العسكرية البرية بعد أن كشفت القيادة الروسية أوراقها ، وينسحب الأمر على موقف القيادة الإيرانية ..
- إنّ المراهنة على دور أمريكي فعّال يغيّر موازين القوى على الأرض ويقف بشكل مباشر في وجه القيادة الروسية غير صائبة ، لأنّ أوباما (الحاصل على جائزة نوبل للسلام ) ، والذي وقف ضدّ غزو العراق عام 2003 ، وأخرج أمريكا من ورطتها هناك ، وعاد إليها مؤخٰ-;---;--راً من الباب العريض ، ويحاول الآن إنهاء ورطتها الأخرى في أفغانستان ، ويمضي الربع الأخير من فترة ولايته الثانية ، لن يدخل في مغامرات جديدة ضدّ الروس . وأعتقد أنّ معظم جنرالات الجيش الأمريكي يشاطرونه هذا الرأي، وخاصة أنّ حلفاءه وأدواته المعروضة في السوق على الساحة السورية لا يشجّع أحداً على خوض معركة بهم ، وهو يعرف سلبياتهم في أدقّ تفاصيلها ...

وأخيراً ، وعلى الرغم من كلّ ما تقدّم عرضه ، فإنّنا نستطيع القول :
إنّ رجحان كفة النظام السوري في الميدان محتملة ، وسيكون موضوع تدقيق عند إعادة السيطرة على المنطقة الفاصلة بين حمص وحلب ، وذلك قبل التقدم باتجاه الريف الشمالي من حلب وإدلب.. وستصعد أسهم بورصة الحل السياسي من قبل التحالف الروسي قبل الانتقال إلى تنفيذ مرحلة جديدة ..
- وعلى كلّ حال ، فإنّ المراهنة على المكاسب الميدانية بأنّها ستحلّ الأزمة السورية خارج العملية السياسية الانتقالية هي مجرّد وهم ، لأنّها ستعيد الأوضاع إلى درجات دون مستوى المربع الأوّل الذي انطلقت منه الانتفاضة عام 2011، فدحر الإرهاب ، والتصدّي للاستبداد والفساد بمختلف أشكالهما لن يتم بدون حلّ سياسي وفق تفاهمات جنيف2012 ، وفي ظل تفاهم أمريكي - روسي وبضمانات دولية حازمة ،ومن هنا، يصبح من واجب القوى الوطنية توحيد جهودها وقواها وصبّهما في هذا الاتجاه بعيداً عن التدجين والاحتواء ، ورفع صوتهاعالياً ، وإيصاله للقوى الفاعلة في مسرح الأحداث ، والتصميم الراسخ لاستمرار نضالها السلمي من أجل التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل ، ولمّ شمل سورية وإعادة بنائها من جديد بعيدة عن الإرهاب والاستبداد والفساد ... ( يتبع )
في : 18 / 10 / 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء تقارب السودان وروسيا؟


.. الاحتجاجات الداعمة لغزة: رئيسة جامعة كولومبيا تهدد بفصل طلاب




.. بلينكن: أمام حماس عرض -سخي- من قبل إسرائيل.. ماذا قال مصدر ل


.. الانتخابات الأميركية.. شعبية بايدن | #الظهيرة




.. ملك بريطانيا تشارلز يستأنف مهامه العامة | #عاجل