الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة فلسطينية ثالثة بكل المقاييس وليس مجرد هبة شعبية

عليان عليان

2015 / 10 / 18
القضية الفلسطينية


انتفاضة فلسطينية ثالثة بكل المقاييس وليس مجرد هبة شعبية
بقلم : عليان عليان
من يتأمل الحراك الثوري الشعبي الفلسطيني وأساليبه وأدواته وأهدافه منذ ثلاثة أسابيع يكتشف بسهولة ، أن ما تشهده القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عموماً ليس " فورة غضب " أو " هبة شعبية " عابرة وفق وصف قيادات معظم الفصائل الفلسطينية ، بل انتفاضة فلسطينية بكل المقاييس المتعارف عليها .
ولا داعي لأن نشغل أنفسنا كثيراً بالتنظير حول أسباب اندلاع الانتفاضة الثالثة فهي في معظمها ذات الأسباب التي وقفت وراء انتفاضة الحجارة (1987- 1993) وانتفاضة الأقصى (2000- 2005) ممثلةً باستمرار الاحتلال الصهيوني وباستمرار سياسات التهويد والاستيطان في القدس والضفة ، واستمرار مجازره الدموية ضد أبناء شعبنا وزجه بالألوف من أبناء شعبنا في معتقلاته وزنازينه الرطبة .
لكن هنالك سبب جذري لا يقل أهمية عن جملة الأسباب الموضوعية سالفة الذكر ممثلاً في رفض جماهير شعبنا على امتداد الوطن ، من رأس الناقورة حتى رفح ومن النهر إلى البحر ، لمسار المفاوضات البائس الذي أوصل شعبنا إلى كارثة حقيقية ، خاصةً وأن شعبنا أكتشف وبالملموس أن هذا المسار الأوسلوي البائس شكل غطاءً حقيقياً لسياسات التهويد والاستيطان الإسرائيلية.
هذه الأسباب وصلت كما في الانتفاضتين السابقتين " نقطة التأزيم " بانتظار الشرارة أو الصاعق الذي يفجرها ، فكان صاعق إحراق عائلة الدوابشة والتصعيد ألاحتلالي في المسجد الأقصى هو الذي فجر الانتفاضة الراهنة ، وأطلق المارد الانتفاضي مجدداً في وجه الاحتلال.
لقد انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة بقوة هائلة وبتسارع كبير لم تعط للعدو فرصةً لالتقاط الأنفاس ، ما دفعه إلى نشر قواته في مختلف أحياء القدس والضفة الغربية ، واستدعاء سرايا من الاحتياط ، في محاولة يائسة منه لمنع استمراريتها وانتشارها في بقية أرجاء الوطن الفلسطيني .
وباتت محاولات العدو وأساليبه لمنع حرب سكاكين الانتفاضة محل تندر القيادات الأمنية الإسرائيلية ، لدرجة وصلت إلى حد مخاطبة وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون لوزير المواصلات في حكومة العدو بقوله : لم يبق سوى أن ندخل كل بيت من بيوت القدس وأحيائها وقراها لجمع السكاكين من مطابخها ، في حين ذهب موقع "والاه" الإسرائيلي إلى حد القول "الأزمة الكبرى أن المارد خرج من القمقم ومن الصعب رؤية من يعيده إليه".
اللافت للنظر أن الدوائر الأمنية الإسرائيلية وصلت بعد تقص أمني مستفيض أن ما يدور في الأراضي المحتلة ، هو انتفاضة شعبية لا تقف ورائها السلطة الفلسطينية ولا الفصائل ، بل قيادات شبابية غير معروفة للاحتلال ، توظف مهاراتها النضالية واستخداماتها المتطورة لوسائل التواصل الاجتماعي من أجل إدامة الانتفاضة وتنويع أساليبها الكفاحية ، ما يعقد مهمة أجهزة الأمن الصهيونية في الكشف عنها ومعرفة خططها.
ورغم اعترافات العدو بأن ما يجري في فلسطين ينطوي على مناخات انتفاضة ثالثة نرى الفصائل الفلسطينية في معظمها ، تتلكأ في التعامل معها بأنها انتفاضة ثالثة ونرى قياداتها تعوج ألسنتها بالقول بأنه هبة شعبية قد تقود لانتفاضة ثالثة.
قيادات الفصائل لا تريد التعامل مع الحراك الثوري بمسمى " الانتفاضة " حتى لا لا تتحمل الاستحقاقات المترتبة عليها من نوع :
أولاً : مغادرة مربع الرهان على خيار المفاوضات البائس وطرح البديل المقاوم.
ثانياً : خسارة الامتيازات المالية والوظيفية المترتبة على الاندغام في خيار الانتفاضة
ثالثاً : عدم القطع مع منظمات " الأنجي أوز " والتمويل الأجنبي .
رابعاً : عدم القطع مع الدول الامبريالية والرجعية المانحة.
لا بد من مصارحة قيادات الفصائل بالقول : أن ما يدور في فلسطين حالياً انتفاضة توحد الوطن الفلسطيني بالدم ، وهي انتفاضة جماهيرية بكل المقاييس ، فهي ( أولاً) انتفاضة شعبية عفوية ضد الاحتلال بمقياس الانتشار الجغرافي ، حيث باتت تغطي العديد من مدن وخيمات وقرى الضفة الغربية (الخليل وبيت لحم والبيرة ورام الله وقلقيلية وجنين ونابلس وغيرها) ومعظم المدن والقرى العربية في مناطق 1948 وخاصةً في الناصرة وسخنين وأم الفحم وطمرة ويافا وحيفا والرملة وغيرها، ناهيك عن الحراك الجماهيري الهائل والمنتفض في قطاع غزة ، على نقاط التماس الشرقية مع قوات الاحتلال شرق خان يونس وشرق غزة " معبر ناحال عوز وجنوباً قرب حاجز بيت حانون .
وهي ( ثانياً ) انتفاضة شعبية بمقياس الانتشار الديمغرافي وبانخراط متدرج لفئات شعبنا الاجتماعية فيها ، وخاصة جيل ما بعد أوسلو الذي لم يتلوث بأموال الدول المانحة ، ولا بأموال السحت الممنوحة من منظمات الأن جي أوز ، ولا بأموال دين البنوك أل ( Credit) التي ورط سلام فياض- رئيس وزراء السلطة الفلسطينية السابق – قطاعات واسعة من شعبنا فيها ، وهي (ثالثا ) انتفاضة شعبية بمقياس الأساليب الكفاحية المستخدمة فيها من الحجارة إلى السكاكين إلى المظاهرات والمواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين .
قد يجادل البعض بأنها هبة شعبية وليست انتفاضة ،بزعم أنها لا تغطي كل شبر من أرض الوطن ، متجاهلاً حقيقة أنها ككرة الثلج المتدحرجة تكبر رويداً رويداً ومتجاهلاً حقيقة أن انتفاضتي الحجارة والأقصى اللتين تغنينا بهما ، سبق وأن اتسعتا بالتدريج ووصلتا إلى ذلك الحجم في سياق عملية تراكمية ومتصلة في المواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين .
أما قيادة السلطة فهي معذورة في موقفها البائس من الانتفاضة ، حين تتهم في بيانها الرئاسي (إسرائيل ) بالتسبب في الانتفاضة وإشعالها ، حتى تتجنب العزلة الدولية التي فرضها عليها خطاب عباس في الأمم المتحدة ، نعم قيادة السلطة معذورة لأنها تدرك جلياً بأن الانتفاضة الراهنة في توجهاتها لا تستهدف الاحتلال فحسب بل تستهدف السلطة الفلسطينية ذاتها – راعية التنسيق الأمني مع الاحتلال – وتستهدف تصفية أوسلو ومخرجاتها.
إن إدامة الانتفاضة مسؤولية وطنية للكل الوطني الفلسطيني وتستدعي ما يلي :
أولا : أن تقوم الفصائل الفلسطينية الرافضة لاتفاقات أوسلو ونهج التسوية البائس بالالتحاق بركب الانتفاضة ، وأن تعمل على إدامتها عبر مدها بأسباب الاستمرار مادياً وسياسياً ، وأن تدفع الأمور باتجاه تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة يلعب فيها شباب الانتفاضة دوراً مركزيا إلى جانب بقية المؤسسات الوطنية .
ثانيا : العمل فورا على تشكيل لجانها وقياداتها الميدانية على مستوى الوطن لبرمجة فعالياتها ولتنويع أساليبها الكفاحية ، ولاشتقاق أساليب انتفاضية جديدة.
ثالثاً : أن يلعب الشتات الفلسطيني دورا هاماً في إسنادها عبر مظاهرات متصلة ترفع شعاراتها ، وتضغط باتجاه إلغاء المعاهدات والاتفاقات الموقعة مع الكيان الصهيوني ، وإغلاق سفارات العدو الصهيوني ومكاتبه التجارية المنتشرة في هذه العاصمة أو تلك في العديد من البلدان العربية.
رابعاً : أن تتحمل القوى القومية والتقدمية في الدول العربية مسؤولياتها في دعم الانتفاضة ، عبر دعمها مادياً وسياسياً ، وعبر تسيير المظاهرات التضامنية معها وعبر تظهير أهدافها السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام