الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.

جعفر المظفر

2015 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الولاء الوطني لامحل له من الإِعرابِ بين الأَعرابْ.
جعفر المظفر
يرفض إتحاد القوى الوطنية, وهو التجمع النيابي الذي تكون في البرلمان العراقي من تآلف قوى (سنية), التدخل الروسي في الساحتين السورية والعراقية على السواء دون أن يقف أمام العوامل المختلفة التي تجعل من وحدة الموقف إزاء هذا التدخل مسألة متهافتة .
رغم أن داعش تمثل خطرا إقليميا متصاعدا في كلا الساحتين السورية والعراقية مما يفترض وجود شركاء مضادين لهذا التنظيم يفترض أن تجمعهم وحدة الهدف على وحدة الصف, إلا أن الأمر لا يتحدث عن نفسه على هذه الشاكلة, وهو أمر طبيعي نظرا للتباينات السياسية في كلا الساحتين.
في السياق الطبيعي سيبدو موقف هذه التجمعات من قضية التدخل الروسي منسجما مع نفسه لو أنه خضع أيضا إلى ذلك التباين, فصار مع الموقف الروسي في الساحة السورية وضده في الساحة العراقية, جاعلا نفسه بمنأى عن الإتهام بتبعيته للموقف السعودي والقطري والتركي.
يفسر المتحدثون عن التنظيمات العراقية الرافضة للتدخل الروسي في الساحة السورية موقفهم هذا كونه ناتجا سياقيا لرفضهم نظام بشار الأسد القمعي وكأنه ذا طبيعة أخلاقية عابرة للمكان والزمان. ونفهم أن هذا الولع المبدئي الأخلاقي الصوفي العذري الذي يقدم نفسه من خلال تأييد مطلق لقضايا الشعوب هو الذي يمنعهم عن تأييد التدخل الروسي في سوريا بغض النظر عن ما يمكن أن يؤدي إليه هذا التدخل من فوائد على صعيد المواجهة مع داعش في العراق.
نحن نعلم أن داعش تحتل المناطق (السنية) في العراق وعلى رأسها محافظات اساسية كالأنبار ونينوى وصلاح الدين, وهي الآن تشبع أهلها قتلا وتدميرا وتهجيرا وتخلفا ووحشية بما يرتب النضال ضدها كأولوية ويجعل أهل إتحاد القوى وغيرها من التنظيمات (السنية) في مقدمة المستفيدين من أية سياقات أو معطيات من شأنها أن تضعف هذا التنظيم الإرهابي المتوحش.
هكذا سيبدو الأمر حينما يتم حسابه على ضوء المعقول السياسي والأخلاقي الذي يهتم كثيرا بترتيب الأولويات. لكننا سنلمس العكس تماما حينما نستمع إلى تصريح رئيس تجمع إتحاد القوى في البرلمان العراقي (أحمد المساري) وهو يفسر لنا ماهية رفض الإتحاد للتدخل الروسي في سوريا فنفهم أن هذا الرفض قد تأسس على غيرة إنسانية على الشعب السوري لأن التدخل الروسي أتى لنجدة نظام الأسد القمعي.
لنتذكر جيدا أن (المساري) يمثل جماهيره العراقية (السنية) التي هي الآن الضحية الأساسية لهيمنة داعش على ثلث الأراضي العراقية بما يجعله أخلاقيا وقانونيا مع اي جهد يستهدف أو ينتج منه, تخليص هذه الجماهير من مظلمتها الكبيرة, سواء, بشكل مباشر أو كنتيجة عرضية . معنى ذلك ببساطة أن على المساري أن يرتب إنحيازاته, لهذه القوة أو تلك, على الساحة السورية أو العراقية, على ضوء ما يمكن ان تقدمه تللك القوة من فوائد لصالح حركة تحرير المناطق العراقية التي تحتلها داعش, وهذا يعني تماما أن يتعاطف المساري مع تدخل روسيا في سوريا دون أن يوجب عليه ذلك إنحيازا مثيلا على الساحة العراقية, خاصة إذا ما أُرْفَق مع ذلك الموقف نصفه الآخر الذي يشير إلى التضامن مع نضال الشعب السوري في موقفه الرافض لقمع النظام والمتطلع للحفاظ على الدولة السورية بغياب حاكمها بشار الأسد.
عراقيا الأمر مختلف دون أدنى شك. هنا القوة (الدولية) التي تتصدى لداعش هي قوة أمريكية بشكل رئيسي. دخول روسيا على خط الصراع سوف يزيد الموقف تعقيدا. ومع كل التحفظات التي تنال من مصداقية وحماسة الموقف العسكري الأمريكي بشأن القتال ضد داعش فإن الضغط العراقي للحصول على مصداقية وحماس أمريكي أكثر لا يتم من خلال دعوة قوة دولية أخرى للدخول على خط الصراع العسكري, لأن المسألة الدولية, بكل تناقضاتها, لا يمكن مطلقا تجاهلها بهذا المنحى وبالتالي تجاهل تأثيراتها على المعركة ضد داعش, ولهذا فإن اي تدخل روسي في العراق سوف يزيد الموقف السياسي والعسكري تعقيدا, وتكون أضراره أكثر من فوائده إن لم يأتي في سياق التنسيق المسبق مع التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا.
من ناحية أخرى, سيكون من السهولة جدا إستيعاب شرعية وقانونية موقف إتحاد القوى الرافض للتدخل الروسي في العراق كونه متأسس أيضا على الموقف الرافض للتدخل العسكري والسياسي الإيراني في الشأن العراقي, وهو موقف سنرى تفسيره معكوسا إزاء تأييد (التحالف الوطني الشيعي) للتدخل الروسي في العراق كونه يتأسس أيضا على تبعية بينة للموقف الإيراني المتحالف مع روسيا.
إن مأزق القوى (الشيعية والسنية) العراقية في موقفيهما من التدخل الروسي في الساحتين السورية والعراقية ينطلق من ذات الخلل السياسي والأخلاقي, ألا وهو التبعية والذيلية الإقليمية والدولية على حساب الموقف الوطني. ففي حين يمكن فهم موقف القوى الشيعية العراقية من التدخل الروسي في سوريا على أساس ما ينتجه هذا الأخير على صعيد إضعاف قوة داعش فإن إسقاط هذا الموقف ميكانيكيا على الساحة العراقية, اي من التدخل الروسي, لا يمكن تفسيره بمعزل عن وجود ولاءات إقليمية إيرانية متعدية على الولاء الوطني. وكذلك هي الحال مع إتحاد القوى, الذي لا يمكن تفسير موقفه المعادي للتدخل الروسي في سوريا بمعزل عن تبعية بيِّنة للمحور السعودي التركي القطري.
أما الولاء الوطني فالواضح أنه لم يعد له محل من الإِعراب بين الأَعراب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني