الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أليست المقاومة الفلسطينية الباسلة..هي الطريق الوحيد للإستقلال؟

محد المحسن

2015 / 10 / 19
القضية الفلسطينية


على هامش الجنون الصهيوني المتدحرج

أليست المقاومة الفلسطينية الباسلة..هي الطريق الوحيد للإستقلال..؟

"مختلفون على كل شيء،لنا هدف واحد:أن نكون..ومن بعده يجد الفرد متسعا لإختيار الهدف.."(محمود درويش)
في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول 2000 كان الزلزال الشعبي الهادر صدمة كهربائية قلبت موائد اللعب رأسا على عقب،فقد اشتعل لهيب الإنتفاضة وتأجّج كما قرّر الشارع العربي وبعد بدء الحريق بقليل،وفي لحظة مشرقة من التاريخ قلّما تجود بها الأقدار،إتخاذ قرار مغاير لحسابات واشنطن وتل أبيب وعواصم الدول الغربية،وبفطرة سياسية لا مثيل لها أعلن رفض الهزيمة..رفض الصلف الإسرائيلي بكل تمظهراته المخاتلة وأشكاله المخزية،وبدأ تبعا لذلك العقل الجمعي للشعب الفلسطيني يرى في الإنتفاضة رمزا نضاليا لهذا الرّفض،وتحرّك بشكل مباغت ليجسّد هذا الرّمز،وبذلك تجلّى الصّراع حاسما بين نقيضين:الإنتفاضة الشاملة من جهة والعربدة الإسرائيلية من جهة أخرى،وكان خط الدّفاع الأوّل:العقل العربي جاهزا للدّفاع عن قومية التراب العربي والوجدان الديني معا،كان الفكر حاضرا والضمير أيضا،وكان شعب برمته على إستعداد للشهادة من أجل ما يعتقد أنّه الحق.
إنّ ما وقع في التاسع والعشرين من سبتمبر2000 هو حصاد التراكمات الحاكمة لنضال الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية طيلة سنوات طوال،وهو كذلك نقطة لقاء الغضب الشعبي المتصاعد،وثأر الفصائل الفلسطينية لشرفها الكفاحي،وهو أيضا تأكيد الشارع العربي على إرتباطه العضوي بطموحات الشعب الفلسطيني المشروعة في الإستقلال والتحرّر والإنعتاق..
إنّ ما وقع في التاسع والعشرين من سبتمبر المجيد هو تجسيد راق لأسمى أشكال الصمود في وجه الطغاة،وهو إصرار إنسانيّ شامل ترجمه الشعب الفلسطيني وأمته العربية للعالم،وهو أنّ المساس بمقدسّات الأمّة وأهدافها الوطنية النبيلة أمر يهون دونه الموت،وأنّ الحسابات الوهمية التي يخطّط لها الأجنبي في عدائه لأمّتنا وحضارتنا،مصيرها الزوال،وأنّ كذلك معانقة الموت بروح استشهادية عالية سوف تستمرّ حتى ولو لم يبق في الأرض الفلسطينية غير شجرة زيتون واحدة ترنو بعنفوان إلى الآتي الجليل..
نقول هذا اليوم وبعد مرور سنوات طوال على إنتفاضة الأقصى،لأنّ بعضنا مازال يزخرف استراتيجية السّلام،زخرفة ميتافيزيقية ويؤسّس لسلام لا وجود له في عقلية توراتية جُبلت على إراقة الدّم والتخريب..
فالمفاوضات العبثية التي انطلقت من أوسلو وحطّت في شرم الشيخ،ثم عادت لاهثة إلى طابا واستراحت قليلا ب"أنابوليس"ما فتئت تترنّح وتلامس مهاوي الضياع..
وفي المقابل مازال الجميع يتجاهلون حقيقة أنّ القانون الدولي يكفل لأهل البلاد الواقعة تحت إحتلال عسكري حق المقاومة والدفاع عن أنفسهم بشتى الطرق الممكنة.
والسؤال:لمَ لا نحتكم للسّلاح؟
ولمَ الإتكاء على ركيزة الرأي العام العالمي وهو الذي وقف منذ 48 إلى جانب إقامة دولة يهودية في فلسطين،ومازال يعادي ضمنيا الطموحات العربية لإسترداد فلسطين أو قبول التقسيم إو إقامة دولة فلسطينية في القطاع(غزة) و(الضفة الغربية لنهر الأردن) تبعا بعض التنازلات العربية !؟
وفي الأخير لماذا نمضي،دون وعي منا في طريق مسدود ونتغافل عن حقيقة عارية وهي أنّ إسرائيل قد ضربت عرض الحائط بكل عملية السّلام وبكل الإتفاقات وظلّت تناور بأسلوب مخاتل بين التفاوض الماراطوني داخل الغرف المغلقة وبين تأجيج الصّراع على الميدان دون أن يتورّع قتلتها المحترفون عن التمثيل بجثث الشهداء والتنكيل بالأحياء منهم مثلما حصل في محرقة غزة..
إنّ العبارات التي تضمنّها القاموس "التفاوضي"وهي من قبيل-العودة إلى مائدة المفاوضات-أو"الجانبان يتفاوضان"أو"أنتَ شريك في عملية السّلام"لم تعد أجراسها الموسيقية تستساغ من قِبل الأذن العربية،وغدت نشازا يتماهى مع الأزمة دون حلحلتها وفقا لمقاييس الشرعية الدولية.
ومن هنا نتساءل:هل إنخدع العالم إلى حد بدأ يرى في خطاب السّلام بمنظوره الإسرائيلي السقيم خلاصا للفلسطينيين ونفيا لإحتلال عمره أكثر من نصف قرن ؟..
إن كان ذلك كذلك،فلماذا أصبحت الظروف المأسوية الفلسطينية،وفقدان بهجة الحياة،أكثر سوءا مما كانت عليه قبل توقيع اتفاقيات أوسلو في سبتمبر 93 ؟
ولماذا تضاعف عدد القوّات والمستوطنات الإسرائيلية وازداد أيضا عدد الفلسطينيين(حسب تقديرات البنك الدولي) الذين هم دون مستوى خط الفقر في غزة إلى 50 بالمائة،إلى حد الآن نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة يعيشون على أقل من دولارين في اليوم،علاوة على سياسة الإغلاق والحصار التي تسبّبت في منع آلاف الفلسطينيين من العمل !
كيف يمكن لشعب يتعرّض للتطويق والحصار والطرق المسدودة بالمتاريس أن يتحمّل وزر الحياة ويرى في المفاوضات طريق الخلاص !؟
ألم يتأجّج سعار المستوطنين الإسرائيليين مما جعل بعضهم يتصرّف بأسلوب دموي إلى درجة ترويع قرى بأكملها ومدن كبيرة في حجم الخليل؟
ألم تتوقّف حركة البضائع من وإلى الأرض المحتلة،علما وأنّ حجم التبادل التجاري مع إسرائيل وطبقا لمكتب التنسيق الخاص التابع لهيئة الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة،يبلغ 79.8 من مجموع التجارة الفلسطينية،ومع الأردن وهي الثانية من حيث حجم التبادل التجاري بعد إسرائيل يبلغ 2.39 فقط من مجموع حجم التجارة الفلسطينية،وصغر هذا الحجم يرجع بالأساس إلى الرقابة الإسرائيلية المفروضة على الحدود الفلسطينية-الأردنية،بالإضافة إلى الحدود السورية واللبنانية والمصرية.
فهل سيكتفي الشعب الفلسطيني-وهذا حاله-بفتات الموائد بدل ثورة الرغيف المرعبة؟..
ألم تزعم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من باراك وصولا إلى السفاح نتنياهو مرورا بأولمرت أنّها تناصر السّلام(وفقا لمزاجها المريض) فلماذا ضاعفت من معدّل بناء المستوطنات الإسرائيلية بما حدا بها إلى مصادرة الملكيات وشق الطرق،علاوة على تجريف الأرض الفلسطينية واكتساح بساتين الزيتون ومزارع الخضر عبر الحرق والإقتلاع بغرض توطين قطعان المستوطنين وفرضهم تحت تهديد السلاح على أهل الأرض!؟..
ألم نعد جميعا في مأزق تاريخي قد تلعننا بسببه الأجيال الآتية ما لم نسترد حقّنا بذات القوّة التي أُغتصِب بها ؟
إنّ مفاوضات السّلام ّأخذت فيما مضى من الوقت أكثر مما ينبغي ولا فائدة من استئنافها ذلك أن لا حل نهائي في الأفق لمأساة شعب يرزح تحت نير الإحتلال وتتجاوز معاناته حدود الصّبر والتحمّل.فإسرائيل التي ما فتئت تجرّد الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة لا ترغب في حل شامل لإحتلال بغيض دام أكثر من نصف قرن تُسترَدّ بموجبه كامل الأراضي المحتلة،وتتجسّد من خلاله السيادة الفلسطينية ويُطبّق تبعا له حل لمشكلة اللاجئين وتصبح بمقتضاه القدس الشرقية عاصمة لفلسطين المستقلة.
ولذا فإنّ تحقيق هذه المكاسب في ظل الصلف الإسرائيلي هو ضرب من المستحيل،وما على الفلسطينيين إلا أن يفتحوا عيونهم على الواقع بكل تداعياته الدراماتيكية ليصوغوه في شكل-مبدأ-لا يعترف بغير المقاومة كطريق وحيد للإستقلال،كما عليهم أن يدركوا أنّ حكّام إسرائيل لا يرومون وراء المفاوضات إلا حلا عاجلا لقضايا حرجة تتكيّف نتائجه وفقا لمصلحة تل أبيب.
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع:هل سيغيّر نتنياهو"جلده"ويهرول سريعا نحو مفاوضات"جديّة"مع الفلسطينيين ..والسوريين..!؟
وبسؤال مغاير أقول:هل سيجلس المفاوض الفلسطيني في المكان الذي يريد..أم في المكان الذي أراده له سفاحو تل أبيب؟!
بإمكانك-أيّها القارئ الكريم-وأنت ترى-المدية الفلسطينية-تمزّق الجسد الصهيوني المترهّل أن تصوغ الجواب المناسب..


محمد المحسن
(كاتب صحفي وعـــضو بإتحاد الكتاب التونسيين)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا