الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جثث لا تعنينا ... قصة قصيرة

صلاح زنكنه

2015 / 10 / 20
الادب والفن


عند نقطة التفتيش استوقفني شرطي لم يكن وحده كانوا شرطة عديدين منهمكين في تفتيش السيارات قال لي غاضبا :
_ افتح صندوق سيارتك .
قلت بهدوء .
_ حسنا لكنه فارغ .
قال مزمجرا .
_ كلكم تقولون هكذا هيا افتحه .
ترجلت من سيارتي وفتحت الصندوق .
ثمة جثة كانت راقدة في جوفه .
قال شامتا :
_ وما هذه ؟
قلت مذعورا :
_ صدقني لا أعرف عنها شيئا لابد ان احدهم وضعها هنا فأنا رجل محترم .
قال :
_ اركن سيارتك جانبا وانضم الى اولئك القتلة :
وأشار بيده الى جمهرة من الناس .
ركنت سيارتي جنب السيارات المركونة التي كانت تحمل هي الأخرى جثثا
وانضممت الى جمهرة الناس الموقوفين مثلي بتهمة القتل العمد وأنا كلي حيرة
وقلق وذهول بين هذا الجمع الذي راح يتزايد شيئا فشيئا وهم أكثر حيرة وخوفا مني حتى أن البعض منهم أجهش في البكاء وهو يندب حظه التعس ويقسم بأغلظ الأيمان أنه لم يقتل فأرة في حياته .
وما ان حضر المسؤولون من رجال الدولة وراحوا يتفحصون الجثث التي أزكمت روائحها النتنة أنوفنا , دب الهرج والمرج بينننا تجرأ أحدنا وقال محتجا بصوت عال .
_ لسنا قتلة .
رددنا بعده :
_ لسنا قتلة لسنا قتلة .
تجاسر أخر وقال :
_ أنتم القتلة .
رددنا بعده :
_ أنتم القتلة أنتم القتلة .
تبعه أخر وأخر :
_ فتشوا سيارات المسؤولين .
رددنا بحماس :
_ فتشوهم فتشوهم .
تقدم أحد المسؤولين الكبار وظل أبسامة على شفتيه وفتح بكل هدوء صندوق سيارته
وفي الحال تبدلت سحنته وارتسمت علامات الدهشة والتعجب على وجهه وهو يصيح استفزاز وعصبية .
_ غير معقول هذا غير معقول أبدا جثة في سيارتي لابد أن أحد المتأمرين
قد فعل هذا .
ثم صرخ بالمسؤولين الأخرين .
_ فتشوا سيارتكم يا جماعة .
انهمكوا في التفتيش وكانت كلها تحمل جثثا .
ورحنا نهتف :
_ قتلة .. قتلة .. قتلة .
ولم نهدأ حتى وصل مسؤول كبير, وكان كبيرا جدا ذا كرش كبير يحيط به نفر من المسلحين حماته وحراسه , تحدث معنا بثقة ووقار بالرغم من ارتباكه وتشنجه وقال
_ ثمة مؤامرة كبيرة تحاك في البلد ضد البلد ودون أدنى شك , بل بالتأكيد تقف وراءها القوى الغاشمة القوى الكبرى .
هتفنا :
_ فلتسقط القوى الغاشمة , فالتسقط القوى الكبرى .
بيد انه لوح لنا بيده ان اهدأوا ان أسكتوا ثم خاطبنا مباشرة :
_ أذهبوا الى حال سبيلكم وأدفنوا الجثث التي على عاتقكم انها بشكل أو بأخر تعنيكم وتعنينا بل وتعني الجميع دون أستثناء .
تفرقنا وذهب كل واحد منا الى حال سبيله ونحن في حيرة من أمر هذه الجثث التي ضاقت بها المقابر , لا ندرك تماما ان كانت تغنينا ام لا , ونخشى ان نسأل مجرد سؤال كيف حدث هذا في غفلة منا ولماذا ؟
2001








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان فضيل يتحدث عن جديد أعماله في صباح العر


.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال




.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا