الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتهم صدام حضوريا

جاسم هداد

2005 / 10 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


امنية كنت اتمناها ، وخشية كنت اخشاها ، الأمنية ان يطول بي العمر وارى نهاية الطاغية صدام ، والخشية ان يموت صدام ميتة طبيعية او بفعل فاعل ، وعندها يتم تشييعه رسميا بإعتباره رأس الدولة العراقية ، ويشارك في مراسيم التشييع رؤساء الدول تنفيذا لألتزاماتهم البروتوكولية ، ومثله لا يستحق او يستاهل ذلك ، وتحققت امنيتي ورأيت الطاغية مختبئا في حفرة تليق به كالجرذ ورجل المارينز يعبث بشعره المنفوش ، وفي مشهد آخر احد الجنود باطحا إياه كالنعجة ، الطاغية صدام حسين الذي ادخل الرعب والهلع في قلوب الملايين من العراقيين مقادا مكبل اليدين في احد قصوره ، كان ذلك في 13 كانون الأول 2003 ، ورأيت قاضيا عراقيا يحقق مع الطاغية ويستجوبه ، وهو الذي كان لا يسمح لأحد ان يحدق في عيونه فقط .

في 19 تشرين الأول 2005 اذاعت الفضائية العراقية محاكمة صدام حسين على الهواء ، حقا انها كانت لحظات تاريخية كان ينتظرها كل العراقيين بإستثناء ازلام النظام وبقايا البعث الفاشي ، كان بإنتظارها كل الأمهات الثكالى ، وكل اخواتنا وبناتنا الأرامل ، وكل أبناء وبنات الشهداء .

تسمرت امام شاشة التلفزيون لأرى المتهم صدام حسين ، وقبل ان تبدأ وقائع المحاكمة ناديت رفاقي واحبائي واصدقائي : علي حسين بدر ، عبدالحسين كريم كحوش ، قاسم عبدالأمير مشل ، كاظم وروار ، وصفي وروار ، زهير عمران ، بشرى عباس صالح ، محسن شنيشل ،تركي دحام لمشاركتي فرحتي بهذا اليوم ، بعد ان صافحتهم واحدا واحدا ، هنأتهم بهذا اليوم الذي جلس فيه جلادهم في قفص الأتهام ،لمحاكمته عن جرائمه التي كثر تعدادها ، وليلقى المصير الذي يستحقه لأقترافه جرائمه تلك ، وقلت لهم ان تضحياتكم لم تذهب سدى ، وان استشهادكم مهد الطريق لهذا اليوم.

هنيئا لكم يا شهداء وطني بأختلاف انتماءاتكم السياسية ، يا من ضحيتم بحياتكم من اجل هذا اليوم ، وقرت اعينكن ايتها الأمهات والزوجات والأخوات والبنات والأبناء لكل شهداء هذا الوطن .
هنيئا لك ايها الهور الجميل الذي حاول الطاغية تجفيفك ، هنيئا لك يا سيدة الأشجار ايتها النخلة العراقية التي حاول الطاغية قلعك من ارض الرافدين ارض النخيل ، من العراق الذي تشابكت فيه عروقك ، وسوف تكتمل الفرحة عندما يصدر القضاء العراقي حكمه العادل بالطاغية ، هذا هو مصير الطغاة فلقد سبقه هتلر وموسوليني ، والطاغية سبق له وان افلت من الجلوس في قفص الأتهام ، حيث تمت محاكمته غيابيا لأشتراكه في جريمة محاولة اغتيال الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم ، ولكن لن تسلم الجرة في كل مرة كما قيل قديما ، وهذه المرة تتم محاكمة الطاغية حضوريا .

لم يثر الأستغراب وقاحة وصلافة الطاغية وزمرته ، فهذا هو ديدنهم ، والأناء ينضح بما فيه كما يقال ، ولم يثر الأستغراب تأبط الطاغية نسخة من القرآن الكريم ، للتظاهر بأنه هو مؤمن وكتاب الله لا يفارقه ، حتى في قفص الأتهام متغافلا عن ان قفص الأتهام لا يليق بكتاب الله كمكان ، وكان على القاضي ان لا يسمح له بذلك ، فأي قرآن هذ الذي يحمله مجرم قتل الآلاف لا بل الملايين من العراقيين ، وهو لا يستطيع خداع العراقيين واصحاب الضمائر من غير العراقيين بهذا التظاهر الأستعراضي ، وانما يمكن ان يمرر ذلك على من تلوثت ضمائرهم بكوبونات النفط والسحت الحرام .

رئيس المحكمة قرأ نصوصا تتضمن حقوق المتهمين ، وكان للطاغية وزمرته محامون يدافعون عنهم ، في الوقت الذي لم تشهد محاكم الطاغية محامين يدافعون عن ابناء شعبنا المناضلين ضد طغيانه بل كانوا يطلبون الرحمة والشفقة لهم ، ويؤكدون بذلك التهمة عليهم ، بينما لم يسمح حكام البعث الفاشي للزعيم الوطني عبدالكريم قاسم بالدفاع عن نفسه ، وتم اعدامه ورفاقه الشهداء خلال دقائق ، هل يمكن المقارنة بين اخلاق العراق الجديد واخلاق البعث ؟ بالطبع لا .

بعض الملاحظات لا تقلل ابدا من عدالة المحاكمة ، ان صدام حسين عندما دخل قاعة المحكمة ، دخلها متهما لكي تتم محاكمته ، ولذلك كان مكانه الحقيقي قفص الأتهام ، فلا ندري السبب الذي دفع القاضي رئيس المحكمة بمناداته " سيد صدام " وهو في قفص الأتهام

قبل اشهر كتبت مقالة طالبت فيها بعدم اعدام صدام حسين لأن في إعدامه خلاصا له ، والمطلوب ان يعدم يوميا ، أي يرى الموت يوميا لابل كل ساعة ولا يناله ، ويحضرني قول لأحد الأخوة الفلسطينيين وكان مديرا للمشروع الذي عملت فيه في الكويت في اوائل الثمانينات ، حيث قال ان صدام يجب ان لا يقتل بل يتم وضعه داخل قفص زجاجي ، ووضعه في حديقة الحيوان للفرجة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدمة في طهران.. لماذا يصعب الوصول لطائرة رئيسي؟


.. نديم قطيش: حادث مروحية رئيس إيران خطر جديد على المنطقة




.. البحث مستمر على طائرة رئيسي.. 65 طاقم إنقاذ وكلاب خاصة| #عاج


.. تحديد موقع تحطم طائرة رئيسي -بدقة-.. واجتماع طارئ للمسؤولين




.. مسيرة تركية من طراز- أكنجي- تشارك في عمليات البحث عن مروحية