الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يستوجب مناداة كلّ من اسمه حسين ب: -حسين عليه السلام تعال أحجي ويّاك-؛ مثلًا؟

طلال الصالحي

2015 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


للإصلاح أبواب كثيرة وأهمّها النقد البنّاء ,وهو طريق حسيني صرف ..هنا نتناول موضوع ترهّل القدرة على الاكتفاء المعنوي الّلازم بالمسمّى لذاته, كان نقول كربلاء "المقدّسة".. فاسم المدينة هنا كاف للدلالة من دون تلوين آخر ,وإن حدث فذلك يعني شعور ضمني "بعدم قناعة" لا كما يتصوّر مضيف اللقب.. لم نسمع في الماضي القريب "المقدّسة" على مدينة كربلاء ولا حتّى النجف من المدى الأبعد قليلًا أو الأزهر "الشريف" ولا حتّى مكّة "ببلاد الحرمين", ألقاب تتضخّم وتتوالد في نفس الموقع, ولو ترك الحال هكذا وسط خلوّ "الساحة" لهذا النوع من "السجيّة الدينيّة" دون تروّي أو الدعوة لمراجعتها ولا حتّى عن طريق "لجان متابعة مصلحة اللغة" مثلًا, ستتحوّل المسمّيات إلى أعباء وأضرار غير منظورة منها حتّى أضرار اقتصاديّة ,طبعًا وفق أسقف حسابات ماليّة "المطبوعات ورقيّة وغيرها" لدول متطوّرة.. في الحقيقة مثل هذه لم تكن قد دخلت لتصبح وكأنّها فرائض تجاه رموز بشريّة أسبغت بالألقاب بينما هي مهما كانت يبقى لها ما لها وعليها ما عليها, رموز يكفيها أنّها اشتهر عنها بالتواضع لأقصى حدوده وبلبس السمل من الملبس والخشن منه ورفض المناداة بغير اسمه "الوقوف مع يهودي بين يدي قاض" وبشظف العيش, فبها وحدها تلك المناقب ارتفع شأن الرموز الّتي كُهّنت اليوم ويا للأسف ,فلم يقلّل بساطتهم المتناهية تلك من شأنهم شيء بين العرب بل ازداد؛ وبها لا "بألقابها تُقدّس" اليوم ,على عكس ما هي ضحّت لنزع ألقاب من سبقها!.. ما يدفع الناس اليوم ولوج أبواب "البدائل" الّتي أوجدها الناس بأنفسهم لم يوجدها أحد غيرهم ,وبحسب رأي الكثيرون: للشعور العميق تجاه الخالق "بالتقصير" وازدياد نسب وساوس الخوف منه بدل الثقة برحمته ( ومن دون وسيط ) ,حتّى تراكم "المقدّس" بأمل منح الرمز الثقة بذلك "الصلح" فوجدوا فيهم ذلك المقدّس ما دام ,بحسب مدركاتهم, قد منحهم الله الثقة الأبديّة ,وذلك أيضًا ما سيثخن في لغة العرب ما ليس بحاجة إليه, وستنكمش زيادة ما هي تعاني ضعف تفاعلها مع العصر, يزيدها بلّة بين لقب وبين مقدّس بين لفظ وآخر؟ سيتوجّس الابداع لدى المثيرون له بكلّ ما ستعتبر لازمة وقيود للكلمات عند الحوار أو النقاش ..ففلان "قدّس الله سرّه" وذاك "آية الله" وبين باشا و"بيگ" وسعادة؟.. الرسول نفسه "وهو المصطفى من بين جميع الخلق" وآخر عنقود النبيين وصاحب التزكية الإلهيّة: (وإنّك لعلى خلق عظيم) لم يسبغ عليه القرآن لقب أو مجموعة ألقاب على أساس من خصوصيّة مغلّفة لا معنى لها بل اهتمّ القرآن بسلوكه, وهي رسالة مباشرة لأتباعه تذكّرهم دومًا أنّ "محمّد" بشر مثلكم عظمته في أخلاقه وعلى الأصحاب وعلى "الآل" السعي للوصول إلى ممستواها لا الوصول للقب أو عنوان: (ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك) ..الألقاب ,وكما هو واضح من لغة المخاطبة القرآنيّة ,هي ضمن من استدعت أصلًا لظهور الإسلام للقضاء على ظاهرتها ,لا "الاعتناء بالشكليّات الدينيّة" مجدّدًا ..كما والاعتناء بالالتزام بذكر الألقاب يُبعد من يمارسها الالتزام بأسس جمال مضمونها المبسّط ..ولذا نرى "المتوجّس" يظنّ بالحسين أو بآل البيت" بحاجة لتقديم أفضل!.. هنا كأنّه يطعن بمصداقيّة ما اشتهر عنهم!.. تذكّرني هذه العلاقة "ذات المردود العكسيّ" بزمن أصبح امتلاك السيّارة فيه عندنا حينها أمر ميسور بعد الطفرة الاقتصاديّة "التأميم" أحسنت استغلالها الدولة آنذاك ,والسيّارة مثلًا سلعة الأغنياء قبل التأميم ,وإذا بالسيّارة فجاةً وقد أصبحت بمتناول الجميع! ,لذا تهافت التوّاقون لها على تزيينها من الداخل ويتمّ بحماس اعتمادًا على معايير ذائقة متوارثة حدّدت على ضوئها ذائقتهم الفنّيّة يزيّنون على خلفيّتها "الدشبول" ويذهبّون علبة "الكلينكس" ويهتمّون بنمنمتها وبتعليق التمائم وآية الكرسي والمعوّذتين ,والخ ,فيضيّع على صاحبها من حيث لا يعلم تصميم داخل السيّارة الأنيق في أصله.. الألقاب لا تزيد من الشخص قيمة عند الله ,بل عند الناس الخائفون المُهجّسون, فالناس جميعًا يأتون الله "يوم القيامة" بلا ألقاب وبلا ملبس, "ربّ كما خلقتني" ..
في الحقيقة أظنّ إذا ما بقي الحال على ما هو عليه من استدراج لمزيد من الألقاب الدينيّة ", إنّما لاستدرار المزيد من الأرباح" بعلاقة طرديّة, وعلى حساب يسر الدين أيضًا.. فليس بمستبعد أن تتطرّف مجتمعاتنا "المتديّنة" ليدخلوا الألقاب "وهي أصلًا خارج أوامر الدين ونواهيه" من مثل "عليه السلام صلّى الله عليه وسلّم رضي الله عنه" تداولها الناس وتعودوا عليها حتّى اعتبرت في عصور متأخّرة من الملزمات بدل ان يقال كما تعوّد الناس في بداية الإسلام أن ينادوا "يا أبا الحسن", وناس اليوم ليسوا بأقلّ شأن من الناس أولئك.. ولأنّ بمثل هذا التراكم الكمّي المفرّغ من النوعي ,من الألقاب قبل الاسلام ,فبهذه الطرق والأساليب تراكمت أعداد الآلهة! وعندما يقال لهمآنذاك قبل الإسلام: لماذا لا تدعون الله مباشرةً ,فيجيبون (إنّما ليقرّبونا إلى الله زلفا) في تهكّم واضح من القرآن لمثل أولئك الظانّين بالله لا يسمع ولا يرى إلّا بواسطة! ..
كلّ ما ذكر في القرآن بسياقات ظرفيّة زمانيّة أصبحت شائعة , فيصبح اسم "عقيل" الشائع اليوم يحمّل بالقداسة أيضًا "إذ كيف يترك اسم عقيل سائبًا هكذا دون تبجيل"؟ هذا ما يردّده في نفسه من أراد ذكر رمز دون ذكر اللقب أو العنوان!" وذلك سيصبح هاجس سرعان ما يتحوّل إلى وسواس "يستوجب" القضاء عليه ذكر "اللقب" معه "عليه السلام" على سبيل المثال: "شتگول أخويه عبّاس عليه السلام لو اشترينا ربطة الخبز من مخبز أبو وسام عمر رضي الله عنه"؟..
الإسلام جاء من ضمن ما جاء لأجله إزالة عبارات التقديس ,فمحمّد نفسه كان يُنادى "يا محمّد" أو "يا أبا القاسم" ,فهل تشكّك في أدائك الأخلاقي فتستعير هذه الإضافات الدارجة اليوم؟.. الرعيل الأوّل كانوا واثقون من أدائهم الأخلاقي فلم يضيفوا ..فما أجمل كلّما ذكر الحسين اليوم دون ألقاب. فيقال "أبا عبد االله" كما كان يُذكر في السابق..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة