الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستدك أسوارك يا دمشق!!

عادل مرزوق الجمري

2005 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حسناً، أولاً: ستطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دمشق بمزيد من التعاون والليونة والمساهمة في التحقيق الدولي الخاص بإغتيال الرئيس الحريري، ثانياً: ستقدم سوريا إشارات تعاون واضحة لكنها من المؤكد لن تصل حد تسليم تلك الأسماء الكبيرة من الوزراء ومسؤولي أجهزة الأمن السورية وصولاً للمتهم الأهم "زوج أخت الرئيس بشار الأسد"، ثالثاً: سيطالب مجلس الأمن بتفعيل المادة السابعة في قانونه والمتضمنة بإستخدام القوة، رابعاً، ماذا بقى، ستهتز القواعد العسكرية السورية في شرقها على الحدود العراقية وربما الإسرائيلية!!.
كانت زيارة بشار الأسد قبل تقديم السيد ميليس للسعودية ومصر حاسمة، فالرد على ما يبدو كان واضحاً "إذهب أن وجندك فحاربوا، إنا هاهنا قاعدون"، لذلك تبقى دمشق بلا حليف أو معين، فتدفع جراء حماقتيها الكبيرتين، حماقة بيروت –بإغتيال الحريري- وحماقة بغداد –دعم المجموعات الإرهابية- الثمن غالياً، والولايات المتحدة في الغالب ستنتظر بهدوء إجراء الإنتخابات العراقية في منتصف ديسمبر القادم، ومن ثم ستطالع بعينين حمراوتين دمشق!.
الأمريكيون فطنوا هذه المرة لضريبة التحرك العسكري دون إجماع دولي، وهذا ما جعل من الأمريكيين هذه المرة يخططون بشكل أكثر إتقان، فالجميع ينظر لدمشق نظرة ريبة وتشكيك، وعديد الدلائل هنا وهناك تذهب إلى أن دمشق وحيدة في مرحلتها التاريخية اليوم، فلن تلقي طهران بثقلها لصالح دمشق، وأعتقد أن نصر الله في لبنان لن يراهن على رهان خاسر، سواء في لبنان داخلياً، أو في العالم ككل خارجياً. هذا وإن مارس حزب الله خطابه التقليدي الرافض للتدخلات الخارجية فإنه بالتأكيد لا يعني ما يقول..
لا تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى بذل المزيد من الجهد في سبيل صناعة متخيل عالمي جديد حول دولة إرهابية تسمى "سورية"، لم تستطع خطابات الرئيس السوري بشار الأسد منذ أوائل حكمه حتى اليوم أن تصنع منه رئيساً قادراً على إدارة مقتضيات "المرحلة"، فلم يعد أحد بين ظهرانينا يستطيع أن يسوق الرئيس بشار الأسد رئيساً شاباً إصلاحياً، فليس من المعقول أن نعرف الدول المشغولة بتنفيذ الإغتيالات السياسية في دول أخرى بدول مهتمة بإصلاح أحوالها وتطوير تجاربها السياسية، لم تعد دمشق تمتلك القوة الكافية سياسياً على إقناع المجتمع الدولي بأنها تنحو نحو الديمقراطية والتعددية والحرية، ولعل ميليس كان في الحقيقة آخر من كتب فصول المسرحية، وهذا ما يحيل ببساطة إلى أن المشهد السياسي بين واشنطن ودمشق يكاد من سخونته أن يحرق الخبز.
سوريا الأسد، الجمهورية التي لا تتغير، والتي لم تتعرف عاصمتها حتى اليوم على أسماء كبريات الشركات متعددة الجنسيات، التي يزين عاصمتها جهازين يتيمين للصرف الآلي، هي أمام أخطر مراحلها التاريخية، ولعمري ليست الحال سوى فصل من فصول ذكرى هولاكو المغولي، إلا أن نصر الله ليس بالضرورة هو الظاهر بيبرس، وليست مصر اليوم تدار سياسياً من قبل قطز، وعين جالوت -على ما أظن- هي اليوم أرض إسرائيلية!!.
لازالت الثقافة السياسية لحزب البعث السوري تراوح الرهان على الشارع السوري الداخلي، فها هي تسوق المظاهرات الجماهيرية ضد تقرير ميليس، وكأن قرارات مجلس الأمن ستتأثر بالسوريين تظاهروا أم قبعوا في منازلهم، هذه العولمة السياسية الجديدة معادلة لا تحسن الكثير من نظمنا السياسية فهمها فضلاً عن التعامل معها.
وهكذا فإن الدول حين تعبث بأقدار أبناءها وأجياله وحين تتلاعب بمصير الملايين، فإنها تراهن على الإهتزاز والترنح، والدول العربية ما بقت عاجزة عن مسايرة المنظومة السياسية العالمية الجديدة وما ترنحت ثملة أمام هذا العالم الذي تحكمه منظمة التجارة وقوانين السوق، فإنها لن تنتج أفضل من كابول وبغداد ودمشق، وهي في رهانها هذا تسير تباعاً لحتفها.
لابد أن يتفهم الجميع أننا لا نعتقد أن الولايات المتحدة هي ذلك المخلص الرسولي لمعاناة الشعوب العربية، بالطبع هي المصالح الإقتصادية والإستراتيجية تلعب بالقرار الأمريكي والدولي إلا أن قليلاً من الفطنة كفيل بأن نفهم ببساطة، ما نريد؟، وكيف نحقق ما نريد؟، دون أن نكون في موقع القابعين أعلى التنوير تحرقنا نار العالم ونحن في غفلة، ولعلنا لا نتنبه في كل مرة إلا حين يحترق الخبز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية