الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتنة الابداع

محمد الخالدي
كاتب وباحث مغربي

(Mohammed El Khaldi)

2015 / 10 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


صعب أن تزيل حجاب الصور النمطية، خصوصا عندما يتعلق الأمر ببلدان تسعى إلى تسويق نفسها بشكل معين، أو يسعى خصومها لترويج صورة أخرى، لذلك كل واحد منا يحمل صورة عن بلد عربي تنسجم مع صورة نظام هذا الأخير أو مع موقف نظام بلده. لكن البحث و القراءة النهمة يكشفان لك دوما عن صور أخرى تفاجئك فتدفعك إلى تغيير كل قناعاتك و هدم كل منحوتاتك النمطية.
تحاول السعودية و حلفائها تقديمها باعتبارها جنة الله في الأرض و امتدادا لنهج المسلمين الأوائل و لا يدخر خصوم نظامها جهدا في وسمها بكل السمات القبيحة بشكل ينال حتى من سيرة مواطنيها، لكن قليلون أولئك الذين سنحت لهم الفرصة لاكتشاف شعب تلك البلاد الذي يستحق وصفا أكبر من ذلك الذي يربطه بأسرة.
لما قرأت أول رواية لعبد الرحمن منيف لم أصدق أنه سعودي الجنسية، و مع توالي القراءات بدأت التساؤلات تتناسل بخصوص حقيقة الرجل و مدى ارتباطه فعلا بتلك البلاد لكن الأكيد أنه غير شيئا من قناعاتي بخصوصها. بعد سنوات أعدت اكتشاف الأدب السعودي من خلال عبدو خال و الكثير من الكاتبات السعوديات(مثل: زينب حفني، رجاء عالم، سمر المقرن، رجاء الصانع..)، لأجد نفسي أمام عوالم جديدة تكشف أكثر من بعد داخل المجتمع السعودي المتعدد، تعدد لم يجد غير الأدب و الفكر ليكشف عن نفسه في ظل منظومة مجتمعية و سياسية خانقة. تقرأ للمفكر الفريد أحمد القاصمي فتصاب مداركك بالتعب، جراء لقاء قامة فكرية نادرة تم تغييبها بكل الوسائل المتاحة. إنه نيتشه الاسلام و العروبة. من بدأ حياته شيخا وهابيا راسخا في مذهبة لحد مواجهة كبار علماء الأزهر في زمانه، زمن كانت الوهابية تلتمس طريقها و كان الأزهر هرما شامخا. فيكمل الرجل حياته و قد تحول إلى النقد العميق المزلزل الذي جعل الكثيرون يصفونه بملحد القسيم.
تدرس قليلا عن الطوائف الدينية فتكتشف تعددية دينية ثرية ببلاد الحرمين خصوصا على مستوى الحضور التاريخي و الجغرافي للشيعة، فتبدأ تلك الصور تتهاوى خصوصا عندما يخبرك أحدهم، ممن درس بإحدى الجامعات هناك، أن هذه الأخيرة تحتضن كل الأراء و المذاهب.
مناسبة هذه التدوينة اكتشافي اليوم بالصدفة ،و أنا أتبحر في العوالم العنكبوتية الجميلة، لبرنامج رائع و مبدع، يقدمه شاب سعودي متألق.
إنه برنامج "فتنة"، الذي خلق الحدث بجرأته و عمقه-;- جرأة لا يمكن إدراك أبعادها ما لم نستحضر المصير الرهيب الذي ينتظر كل صاحب رأي مخالف في السعودية فما بالك ببرنامج يشرح اختلالات عميقة يعانيها المجتمع السعودي، و ذلك من خلال عمق يتحدى الضحالة و السذاجة اللتان تهيمنان على الاعلام العربي.
تحية لمقدم البرنامج و فريق اعداده
تحية لكل العقول الحرة و المستنيرة، تلك العقول التي تصنع نضارة المجتمعات و بهاء الشعوب.
سودان الطيب صالح، و مصر نجيب محفوظ و نصر خامد أبوزيد، و عراق البياتي و الجواهري و منير بشير، و تركيا ناظم حكمت و إيران علي شريعتي و هاشمي أغاجاري،و مغرب الجابري و العروي، و جزائر أركون، و اسبانيا لوركا و فرنسا سارتر و كامي،و شيلي بابلو نيرودا...و اللائحة تطول في كل بلد و في كل زمن..
رغم الحصار ستنبثق الحرية قصيدة شعر تخترق الجدران
رغم القهر سترتفع الهامات أبية تراقص الزمن لينكسر أمام إرادة الانسان..تردد كلمات الشاعر الثائر: تستطيعون قطف الزهور ، لكنكم أبداً لن توقفوا زحف الربيع .
و ليس أجمل ،لختم هذه التدوينة المحتفية بالصوت الحر و الفكر الخلاق في أي زمن و مكان، من كلمات المناضلة المغربية، سعيدة المنبهي، التي استشهدت في إحدى السجون المغربية، في سبعينيات القرن الماضي: "تذكروني بفرح فأنا وإن كان جسدي بين القضبان الموحشة، فإن روحي العاتية مخترقة لأسوار السجن العالية، وبواباته الموصدة، وأصفاده وسياط الجلادين الذين أهدوني إلى الموت. أما جراحي فباسمة، محلقة بحرية، بحب متناه، تضحية فريدة، وبذل مستميت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ