الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لزيارة الرئيس السوري الى روسيا

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2015 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس السوري بشار الاسد لروسيا، يوم الثلاثاء 20 أكتوبر/تشرين الاول الجاري، اكتسبت اهمية كبيرة في توقيتها وفي محاور المباحثات التي دارت فيها، ونتائجها المتوقعة. ففي توقيتها كانت رسالة للأصدقاء وللأعداء، مفادها ان سوريا بدأت تتعافى وان قيادتها قد استعادت الثقة بنفسها. علما بان هذه هي المرة الاولى التي يغادر فيها الرئيس السوري بشار الاسد بلاده منذ اندلاع الاحداث المأساوية، قبل اكثر من اربع سنوات.
اما بالنسبة لمحاور المباحثات فقد عبرت عنها الطريقة التي اجريت فيها تلك المباحثات. فحسب التصريح الذي ادلى به السكرتير الاعلامي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف في ختام المباحثات، انها كانت طويلة، وجرت على ثلاثة مراحل، في المرحلة الاولى منها التقى الرئيسان، الروسي فلاديمير بوتن والسوري بشار الاسد لوحدهما دون مساعدين، اما المرحلتين التاليتين من المباحثات، فكانتا بحضور وزراء الخارجية في احداها وفي التالية بحضور وزراء الدفاع. ومع ان التصريحات التي ادلى بها السكرتير الاعلامي ديمتري بيسكوف حول المباحثات، كانت مقتضبة، الا انها تسمح بوضع قراءة اولية لها.
فالترتيب الذي جرت فيه المباحثات، يتوافق تماما مع النهج الذي اعتمدته السياسة الروسية منذ بداية تدخلها في النزاع السوري، والقائم على محورين، الاول منهما هو تحقيق نصر عسكري يغير التوازن القائم بين اطراف النزاع لصالح نظام الرئيس السوري بشار الاسد، اما المحور الثاني فهو محور دبلوماسي يقوم على اقناع اطراف من المعارضة السورية، بما فيها المعارضة المسلحة، على المشاركة في عملية سياسية تضع حدا للقتال المدمر الذي فقد فرصه في تحقيق تغيير ينتشل البلاد من وضعها الحالي.
بالنسبة للمحور الاول، دارت المباحثات حول الوضع القتالي في حلب وامكانيات تطويره لحسم المعركة لصالح النظام بالقدر الممكن من السرعة. فالقتال الذي يخوضه الجيش السوري في حلب ضد منظمات الارهاب، يواجه صعوبات كبيرة، رغم الدعم الذي يقدمه سلاح الطيران الروسي. والمشكلة تكمن في صعوبة اختراق التحصينات القوية لعصابات الارهاب من قبل الجيش السوري، في ظروف ضعف الامكانيات التعبوية للجيش بعد حرب طويلة استهلكت الكثير من قدراته البشرية.
الطرفان في القتال، الجيش السوري من جهة وعصابات الارهاب من جهة اخرى، يهتمان بالتعبئة، فالإرهابيين بمسمياتهم المختلفة، فقدوا في الحرب الكثير من مقاتليهم، كما ان بعض من المقاتلين فضل الهرب من ساحات القتال الى اماكن اكثر امانا. وربما هذا ما يفسر لجوء الارهابيين الى السكان المحليين، فارضين عليهم حمل السلاح في مواجهة الجيش السوري، دون ان يستثنون من ذلك اطفال بعمر 14 عاما.
اما بالنسبة للجيش السوري، فان محدودية قدرته على التعبئة جعلته يعتمد على مساندة قوات من الحرس الثوري والمتطوعين الايرانيين، الذين وصل تعدادهم، وفقا للبيانات الامريكية، الى الفين مقاتل في حلب. ولا شك في ان النظام الايراني، بعد ان تشنجت علاقته بالنظامين السعودي والقطري، اصبح مهتما بتحقيق النصر على ركائز هذين الدولتين في سوريا، بدرجة لا تقل عن اهتمام النظام السوري نفسه، وان الحرب قد اصبحت حربه ايضا في سوريا الى جانب نظام بشار الاسد. اما حلفاء النظام الاخرين، كمقاتلي حزب الله فان دورهم المساند في معركة حلب لا اهمية له مقارنة بما يمكن ان يقدمه الجيش السوري المسنود بالقوة الايرانية الحليفة.
أما بخصوص المحور الثاني في نهج السياسة الروسية في سوريا، وهو الجانب الدبلوماسي من الحرب، اي اقناع اطراف من المعارضة المسلحة بالتخلي عن القتال كوسيلة للتغيير واعتماد الحلول السلمية والمفاوضات التي تضمن تحقيق نتائجها روسيا والدول الغربية. فان روسيا مازالت لم تحقق نجاحا ملحوظا في هذا السبيل. ونجاحها فيه يعتمد على مدى اقتناع الغرب والدول الداعمة للمنظمات المسلحة بتبني نهجا واقعيا يتعامل مع المتغيرات الناتجة عن التدخل الروسي في الشأن السوري، وحقيقة ان روسيا لم تأتي الى سوريا لتعود منها خائبة مهزومة، وانها عازمة على النصر سواء بالوسائل الحربية او بالوسائل السلمية.
وعلى اي حال فان المحور الدبلوماسي ليس متعثرا تماما. وهناك لقاءات وحوارات فيها اشارات ايجابية، بين الطرف الروسي واطراف من المعارضة السورية، كان اخرها اللقاء الذي حصل بين نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الخاص للرئيس الروسي في شؤون الشرق الاوسط وافريقيا ميخائيل بوغدانوف، واحد رموز المعارضة السورية احمد الجربة، الذي ترك الباب مفتوحا للتشاور.
ولكن، بما ان المحور الثاني في نهج السياسة الروسية يعتمد بدرجة كبيرة على ما سيحققه التحالف الروسي السوري على ارض المعركة، فان الطرفان سيسعيان لتحقيق انتصار عسكري يكون منعطفا كبيرا في مسار الحرب برمتها، يرسم مستقبلها. وبالتالي فان حسم معركة ذات اهمية استراتيجية لصالح الجيش السوري سيكون الركيزة الاولى في مسيرة انتصارات التحالف الروسي السوري. ويذهب اغلب المحللين الى ان معركة حلب هي المرشحة قبل غيرها لان تكون المنعطف الحاسم في مسار الحرب.
واخيرا لابد من الاشارة الى ان التحالف الروسي السوري، حقق منذ التدخل العسكري الروسي حتى يومنا هذا الكثير على الصعيدين، العسكري والسياسي، وقد يكون واحد من اهم انجازات هذا التحالف هي اعادة الاعتبار لقوانين الامم المتحدة والشرعية الدولية. ففي الوقت الذي خرقت فيه الولايات المتحدة الامريكية قواعد النظام الدولي بإجرائها لعمليات عسكرية على ارض دولة ذات سيادة دون اذن من السلطة الشرعة لتلك الدولة، كانت روسيا تلتزم من جهتها بإجراء عملياتها العسكرية في سوريا وفقا للقانون الدولي. كما انها عرضت على التحاف الذي تقوده امريكا وعلى جميع الدول المجاورة لسوريا، التنسيق من اجل تجاوز اي امكانية لاحتكاكات قد تؤدي الى زيادة التوتر مع دول الجوار السوري، وفي مقدمتها تركيا واسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله يرضى عليك طالع قبل أن تكتب
سوري فهمان ( 2015 / 10 / 23 - 15:25 )
عزيزي حج جاسم

أولا صاحبك المتعافي تم استدعائه إلى أسياده وتهريبه بطائرة شحن في الليل ذهابا وايابا وثانيا لم نسمع غير في سورية الأسد أن التوريث للهبلان يكون شرعيا لا داعي للدخول بباقي التفاصيل لذلك الله يرضى عليك طالع قبل أن تكتب

تحياتي


2 - سوريا الآسد
رياض الدمشقي ( 2015 / 10 / 24 - 03:49 )
الحرس الثوري الإيراني الباسيج وحزب الله اللبناني وعصابات أبو الفضل عباس والمرتزقة الأفغان كل هؤلاء لم يقدروا على حماية الأسد فجاء الروس ليؤمنوا نظام الأسد المطرود من الجامعة العربية
الصفار لم ير كل ذلك
ليت للصفار عيناً فيرى
كل دماء الشعب في الشام الجريح

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |