الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة الطريق الأوروبية

لينا سعيد موللا

2015 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أشارت بعض التقارير الأميركية أن 55 عضواً من الكونغرس قد طالبوا في كتاب وجهوه للرئيس أوباما بالاجتماع بالرئيس الروسي بوتين، والاتفاق معه على خطة طريق لحل سياسي في سوريا يكون الإيرانيون والسعوديون والأتراك طرفاً فيها . كان هذا قبل اجتماع الرئيسين في نيويورك الشهر الفائت الذي تم على هامش اجتماعات اللجنة العمومية للأمم المتحدة.
يدرك الروس أن أي مبادرة تحمل توقيعهم لن يكون لها أي صدى بعد تدخلهم العسكري المباشر كطرف في الحرب السورية، لذلك فقد اتفق الطرفان بأن تكون مبادرة التسوية أوروبية وبقيادة المانية.
ومنذ أيام تحركت الديبلوماسية الأوروبية مخاطبة طهران، عارضة عليها وقف دعمها للنظام ووقف تدخلها مقابل المضي بوقف العقوبات الاقتصادية والتي مورست ضدها خارج نطاق الاتفاق النووي، والتي ستمكن طهران من إعادة بناء دولتهم .. وهي عقوبات متنوعة أصابت الاقتصاد الإيراني بالكساح وكانت لأسباب عدة.
وفي هذا الاطار قدمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل وباسم المجموعة الأوروبية لنظيرها التركي مبلغ 3 مليارات يورو كمساعدة، كما الموافقة على تمكين الأتراك للسفر إلى أوروبا من دون تأشيرة دخول. مقابل تليين موقفها من المبادرة الأوروبية .. وقد أعلنت أنقرة مؤخراً أنها تقبل بمرحلة انتقالية يكون الأسد طرفاً فيها شرط أن لا يتجاوز وجوده فيها مدة 6 أشهر، وهو موقف يمكن اعتباره تغيراً هاماً لتسهيل سير خطة الطريق التي ستنطلق في المرحلة القادمة .

السعودية التي تشكو من القرارات الفردية بعد وفاة ملكها عبد الله ومرض ملكها الحالي سلمان بن عبد العزيز بمرض الزهايمر، تعاني من نزيف حاد ومكلف في اليمن، خاصة أن طيران التحالف لم يتمكن من حسم المعركة ضد الحوثيين وهو تسبب بدمار رهيب، ومعروف ان طبيعة اليمن القاسية قد حالت تاريخياً دون نجاح الجيوش الجرارة من تحقيق أي نصر على أرضها، فالعثمانيون الذين وقفوا على أعتاب فيينا عجزوا عن البقاء في اليمن، كما أن عبد الناصر لم يتمكن من البقاء في اليمن لفترة طويلة كما لم يحقق هدفه في الحسم العسكري .
أما مصر التي تعتمد على مساعدات الخليج وخاصة السعودية منها في دعم اقتصادها المتعثر، فقد بقيت قريبة من النظام وتقيم معه تعاوناً أمنياً حيوياً لاستيعاب الحركات الجهادية المتطرفة، مما شكل مفارقة غريبة .. تبدو اليوم متعاونة أيضاً مع المبادرة الأوروبية كطرف عربي فاعل.

أما روسيا فهي حريصة هي الأخرى في أن تبقي على مصالحها الاستراتيجية، وتحاول من خلال مباحثاتها الأميركية والأوروبية مراعاتها، خاصة أن نفقات تدخلها تثقل كاهل ميزانيتها، وهي تتمنى سراً وجهارة التوقف عند حد معين دون التورط بتدخل بري غير محمود العواقب.

أما الأسد فهو غير مستعد لمناقشة أي خطة تفرض مرحلة انتقالية، وهو يرفض تماماً أي مشاركة فعلية في قيادة البلاد، لكنه ولا شك لن يقو على مقاومة توافق دولي فيما لو تحققت أركانه.
أما حظوظ المبادرة في النجاح فهي مرهونة بتجاوب الأطراف وقدرة الخارجية الأوروبية العريقة في صياغة خطة طريق تحقق الحد الأدنى من التوافقات الدولية والإقليمية.

لن يكون الحل السياسي الدولي على إنجاح المبادرة، فهو يحتاج بالمقابل إلى برنامج عمل وطني واضح وسياسات تنفيذية قادرة على إنجاحه، ومن دون هذا البرنامج الحيوي والذي يطال جميع القطاعات السورية، لن تتمكن الحكومة المؤقتة من معالجة أي من المشاكل المستعصية التي أصابت الجسد السوري، وهو أمر يبدو في غاية الحساسية.
لذلك فإن دولاً أوروبية قامت وخلال الفترة الماضية بدعم برنامج واضح لإعادة تأهيل القطاعات السورية التي تضررت بفعل الأزمة السورية، شارك فيه خبراء سوريين من كافة الاتجاهات والميول السياسية، برنامج سيشكل خطة ترشد السلطة المؤقتة المتوافق عليها، على سلوك سياسات تشكل خطة طريق وطنية قادرة على تجاوز المحن السورية المتعددة والمتراكمة. وهو يتضمن التحديات التي تواجه جميع القطاعات المتضررة في المرحلة الانتقالية، ويحدد الأهداف التي يجب تحقيقها خلال زمن هذه المرحلة في كافة المحاور، ويقترح الأدوات الأفضل التي يجب توفيرها لتحقيق مضمونه بنجاح وسلاسة. وكذلك طبيعة القرارات الاسعافيه والأولويات التي يجب اتخاذها للحد من الانهيار المتزايد ضمن كل قطاع، ومن ثم المضي في تنفيذ برنامج تنموي لدولة سورية مستقرة.
يبقى أن نجاح هذا الحراك الدولي محفوف بالمخاطر، خاصة أن مصالح الدول ما تزال متضاربة ومتعارضة، لكن وفي المقابل .. يبدو أنها الفترة الأنسب التي يحتاجها اللاعبون الدوليون والإقليميون لإنجاح مساعي الوساطة، وفي حال نجاح الديبلوماسية الأوروبية في إقناع جميع الأطراف بتسوية ما، فإننا سنكون على أعتاب مرحلة جديدة ستحمل انفراجات قد تؤدي على حل سياسي وعملي لوقف الحرب وإعادة الاعمار، أما التفاصيل فستفصح عنها المرحلة القريبة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا