الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الاعتداء الذي تعرض له في شوارع دمشق: أنور البني سلامتك

محمد منصور

2005 / 10 / 27
حقوق الانسان


لأن الأفكار النبيلة أقوى من المنع والقمع والإرهاب ومحاولات الإسكات يكبر الرجال الذين يحملونها وتكبر معهم... وكلما تقدم الزمن بتلك الأفكار وأولئك الرجال، كما أصبح من المستحيل اغتيال الفكرة، أو النيل من الذين يؤمنون بها.
ومشكلة أنور البني أنه يؤمن بفكرة الحرية، وأنه يؤمن بالعدالة قولا وفعلا وممارسة وسلوكا... وهو مؤمن بهذه الأفكار لأنه – مثل الكثير من السوريين- عاني خلال العقود الثلاثة الماضية، من غياب الحرية وانعدام العدالة، لكن مشكلة أنور الأكبر، أنه بحكم مهنته كمحامي يظل على تماس يومي مع مفهوم العدالة، بل مع حالها المزري الذي تعيشه اليوم على كل الصعد.. ولهذا فإيمانه هو وليد تجربة عملية يومية، وليس تنظيرا مترفا لشخص يريد أن يوجع رأس السلطة كي يحصد بعض الشهرة!
إيمان أنور البني هو إيمان الذين أيديهم في النار لا الذين أيديهم في الماء.. وعزيمته التي لا تلين صنعتها سلطة جائرة لا تستحي ولا تخجل من الكذب والافتراء والمداورة والمناورة لكي تبرر ظلمها للمواطن واستباحتها لخيرات الوطن وحقوق أبنائه!
ولهذا فلا فائدة ترتجى من أنور النبي هذا!!
أريحوا أنفسكم يا أزلام السلطة ونعالها، ووفروا جهودهم في اتجاه آخر، ومع أشخاص آخرين أقل إيمانا، وأوهن عزيمة، وأضعف قدرة على الصبر والالتزام النظيف!
منعتم أنور البني من السفر، فلم يتقدم لكم بطلب استرحام طالبا موافقتكم العلية، ضايقتموه في عمله وطالما منعتموه من دخول محاكمات أو الترافع في جلسات فلم يخضع لمتطلبات لقمة العيش، ولم يرتدع عن اللعب بنار الديمقراطية التي تحرق الأصابع في سورية.. اتهمتموه بالعمالة في جريدة الثورة وعلى صدر الصفحة الأولى بتاريخ 22/ 6/ 2005 ، وبأن موقفه (ومن معه) من توقيع اتفاقية الشراكة ينسجم مع قوى الضغط الأمريكية والصهيونية، فلم يطلب منكم شهادة حسن سلوك، ولم يخش مواطن الشبهات، مادام من يطلق نار الشبهات على وطنيته أناس ضالعون في النفاق والتزوير ولعب دور الأبواق.
أزعجكم في انتخابات نقابة المحامين، وظل صوتاً قوياً وسط الظلام الدامس، لا يريد أن ييأس ولا ينسحب، ولا يترك الساحة.. فلفقتم له قضية الاعتداء على امرأة، على طريقة أفلام الأبيض والأسود، وسيناريوهات يوسف وهبي عن شرف البنت الذي مثل عود الكبريت (مايولعش غير مرة واحدة) وأخيرا قررتم أن تفشوا غلكم بالاستعانة بفتوات وبلطجية الأفلام ، كي يلقنوا البطل الذي أعيا الأشرار درسا قاسياً، لكنكم لم تتذكروا أن هذا الدرس يزيد من تعاطف المشاهد عادة، عوضا عن أن يرضى مخططات الأشرار في الأفلام إياها!
فهل تتوقعون أن يتوب أنور البني عن معاصيه بحق السلطة، وتطاوله على قانون الطوارئ، وفجوره في الدفاع عن الحرية والعدالة وحق هذا الشعب المسكين في أن يرفع صوته ليقول لا للاستبداد، ويفتح النافذة لكي يتنسم الهواء النقي النظيف الذي هو علامة الحياة الحرة الكريمة!
وحتى لو فكر (وطني غيور على سمعة بلده من افتراءات أنور البني) اغتياله.. وتصفيته وفق سيناريو عجائبي شبيه بسيناريوهات جند الشام، فهل تتوقعون أن تموت الأفكار النبيلة التي كان يدافع عنها؟!
أريحوا أنفسكم يا من يهمكم الأمر أو لا يهمكم.. الأفكار النبيلة لا تموت إن وجد رجال أشداء كأنور البني مؤمنين بها حتى النخاع.. والزمن لا يعود إلى الوراء حين ينطلق الخوف من الصدور ليجتاز بوابة الحجاب الحاجز!
التغيير قادم.. قادم.
وفروا جهودكم وأكاذيبكم وسيناريوهاتكم الخائبة وبلطجة أزلامكم، فأنور البني وأمثاله الذين يكثرون يوماً بعد يوماً لن يتوبوا.. وليس هناك من يصدق شعاراتكم وتبريراتكم ومبادئكم المشوهة في العالم اليوم.. فعلى أي جانب تميلون؟!
الأفكار النبيلة لن تموت... والاعتداء بالضرب الذي طال الشاعر بدوي الجبل في شوارع دمشق يوما، وفي ظل حكم البعث نفسه، لم يمنع قصيدته العظيمة (من وحي الهزيمة) التي ضرب بسببها، أن تنتـشر.. بل وأن يخلدها التاريخ، وخصوصا وهي تخاطب الطغاة قائلة:
كل ُحكم له – وإن طالت الأيام- يومان: أول وأخير
كل طاغٍ – مهما استبدّ- ضعيفٌ كل شعبٍ مهما استكان قدير!
ونداء الحرية الصارخ سيرغمكم – طال الزمن أم قصر- أن تنصاعوا له.. أو أن تعيشوا في زمن آخر.. زمن لن ينفع فيه الندم ولا تغيير المواقف والأقنعة والسياسات.. فهل من يعي دروس التاريخ وقوانين عالم يتغير بسرعة بعيدا عن المراهنة على الصفقات على الطريقة القديمة التي عفا زمنها واندحرت توازناتها؟!
أنور البني.. سلامتك من هذا الاعتداء الآثم... الذي يستحيل وساما على صدرك، وعلامة صِغار وخسة على جباه من فبركوه ونفذوه ومطوا شفاههم عجباً من سرعة حدوثه والقدرة على إنجاحه!
 دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محاكمة غيابية في فرنسا لـ 3 مسؤولين سوريين بتهمة ارتكاب جرائ


.. الحكم بإعدام مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بالمنصو




.. بايدن يهاجم طلب الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت.. -أ


.. المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: نزح 40% من سكان غزة




.. رئيس مجلس النواب الأميركي: الكونغرس يدرس معاقبة -الجنائية ال