الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة أولية مع إشكالية تدفق اللاجئين السوريين إلى البلدان الأوربية..

عيسى بن ضيف الله حداد

2015 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


مقاربة أولية مع إشكالية تدفق اللاجئين السوريين
إلى البلدان الأوربية..
(مقتطف من رواية في طريق التشكل- ولم تنشر بعد.. شاء لي، أن أحتفظ بطابعها الحواري.. توخياً لتنظيم الأفكار .. )
- ( بيسان) - لنتحدث عن مسألة اللجوء وبهدوء.. لنبدأ من هذا النص الذي قرأته على التو في صفحتك.: " هم يأخذون من شعبنا أحياء.. بدلاً من نقل الأعضاء.. ولو أرادوا لأفنوا من سبب هذا الوباء "- يعنّ لي أن توضحه أكثر..
- في نظري هذا القول من قبلي، ما هو سوى اختزال وتبسيط لمسألة معقدة، ذات جوانب عدة.. أبدؤها بما يجري، على نحو فعلي - كتوضيح لرؤيتي..
- كمدخل- شعاري الأول. " لا لخذلان الوطن مهما جار الزمن..” ..- الصامدون هم من ثبتوا في مواقعهم، حتى لو لم يحملوا السلاح.. "
- في المقام الأول- كنت قد عرضت موقفي، في جعل اللجوء منتظماً ومسيطراً عليه تحت إشراف مؤسسات خبيرة، لا أن يترك القارب على غاربه.. ونوهت إلى ضرورة وجود خبراء من الأمم المتحدة، والدول الصديقة للشعب السوري، وخبراء من المعارضة السورية، والدول العربية المهتمة ودول الجوار.. وذالك على سبيل تحريره من سيطرة المافيا، كي لا يكون حقلاً محتكراً أو بالكاد، للانتهازيين والمتسلقين والشبيحة، وذالك من خلال قدرتهم على العبور بطرق عديدة، لكونهم يملكون المال والنفوذ والعلاقات الخفية.. بينما يبقى المستحقون من أبناء الشعب على الهامش، يتعرضون لشتى أنواع المخاطر والكوارث الإنسانية..
من المؤكد أن الوضع الحالي يحمل في بواطنه الخطر على مصير أهل الوطن وعلى مستقبل الوطن أيضاً..
- ( بيسان).. حبذا لو جرى..- كما تعلم، هذا جزء يسير من المسألة، ولا يدانيها بكليتها..و الأمر يتعلق ببلدان اللجوء..
- صحيح - لنتحرى مجرى شروط العبور إلى مواطن اللجوء الأوربية.. - تحديدا الدول الثرية، المالكة للرفاه الاقتصادي، وأهمها.. الدول الإسكندنافية، ألمانيا، هولندا، فرنسا، بلجيكا- .. ما أعلمه - فرنسا كنموذج.. اسرد الآتي:
راسلني عدد من معارفي الفيسبوكيين، لمعرفة كيفية العبور إلى فرنسا لجوءاً- [ أنوه لم يكن يربطني بهؤلاء أية صلة أو منفعة شخصية - على نمط ما يجري في خفايا الكواليس.. ]
ذات يوم توجهت إلى دار المحافظة لمعرفة المنافذ النظامية لحال اللجوء إلى فرنسا..
قيل لي أن الباب النظامي مغلق.. أدركت من خلال المقابلة، أن من يعبر بتلك الطرق
غير النظامية- هم وحدهم أو بالكاد من يجني الغنيمة..
تذكرت حكاية عن الزمن القديم.. - كانت تروي لي جدتي:.. من اشتراطات الأميرة الجميلة على عشاقها.. أن يعبروا سلسلة من المخاطر.. من بينها مقاتلة التنين وعبور البحار.. وحده من يستطع اجتياز المخاطر المحدقة، تكون الأميرة حبيبة له...
على نسق ذالك بان لي: لمن يرغب اللجوء إلى أوربا الجميلة، عليه عبور البحر، باندفاعات أمواجه وتغيرات مزاجه..
من المؤكد، أن المماثلة لا تطابق بينها بشكل كلي.. بيد أن النتيجة في الحالين واحدة..- أما كان من الأجدى على المتباكين على الإنسان السوري.. أن يصونوا الوطن السوري.. من الدمار.. ولا يدخلوننا في مُر الخيار.. !!
المسألة لا تقف بحدودها هنا، فمن طرف شخصي وصدَفي.. علمت أن هناك من امتلك سطوة، وفرت له تمرير نفر من خاصته.. وهناك غيره على نسقه، من الذين اعتلوا الصهوة وتمتعوا ببعض من الحظوة.. التي أتاحت لهم التسلق إلى ذوي النفوذ في بلاد النجوع.. ولا شيء في المجان - ناهيكم عن هؤلاء، من أولياء الأمر، من الذين امتطوا جياد الثورة- من خارجها.. وأصبحوا من عداد سادتها.. إذ توفر لهم مليء اليد.. من دون كد..
كل الطرق تؤدي إلى اللجوء الانتقائي.. خرم الإبرة يتسع، حسب الطلب.. وما عجب.. الأرض ضاقت بسكانها، والمخلب في إثره مخلب..
- ( بيسان تعلق).. ما أراه إطلالة عامة على الواقع، ولكن ما هي الدوافع، من دول المواقع..
- قبل الولوج، أتداول مع مسألة الهجرة بشكلها العام... أذكر بصددها حكاية معبرة عن واقع حقيقي:-.
- تعرفت عن كثب على حالة تعبر عن ظاهرة شائعة... تتمثل بطبيب سوري يعمل في السعودية، حدثني عن نفسه وعن كثر غيره - وقد شاء له ولهم الهجرة إلى كندا-
تقدم بطلبه وأستطاع..
نظراً لصعوبة الحصول على التعادل لشهاداته الطبية، عمد على مواصلة العمل في السعودية وبشكل متناوب - مع قرينته - الطبيبة بدورها..
ففي الوقت الذي كان أحدهما يعمل في الرياض، كان الآخر يرعى الأبناء في
كندا، وبالتبادل- (عين العقل) -
ولتعلمي إن ما فعله، قد جرى على نسق كثيرين من غيره، أطباء وغير أطباء، سوريين وغير سوريين..
كهدف أساسي له ولعائلته، تقدم بطلب الجنسية الكندية، حصل عليها من دون أية صعوبات تذكر- سألته.. كيف تمكن من ذالك، لاسيما أنه لا يقيم بشكل دائم، هو وقرينته في كندا.. قال لي: هم لا يهمهم أمرنا أنا وزوجتي.. شأنهم مع أبنائنا وذريتهم القادمة..
أجل، لقد لخص بنظرة فذة، كيف يتم التعامل مع مسألة الهجرة، ودورها في حل المسألة الديموغرافية في بلادهم... ليس في كندا فقط، إنما في العالم الغربي قاطبة.. ديدنهم استقدام انتخابي لنوعية بشرية تتمكن من الاندماج السريع في المجتمع..
ولنعلم أنه لدى دوائر النخب الحاكمة في تلك البلدان، تحظى المسألة الديموغرافية باهتمام بالغ في الأذهان، نظراً لهبوط مستوى الخصب في الإنجاب، وخطر الترهل والتراجع في المنسوب الديموغرافي السائد فيها.. مما يدفع الأنظمة المسيرة لشؤون تلك المجتمعات، إلى الاستمرار في سياسة تطعيم السكان بوافدين جدد، على سبيل زرق البنية السكانية بمورثات جديدة من شأنها بعث أو تفعيل القوة الحيوية في النسيج السكاني الذي تهيمن عليه بوادر الترهل والشيخوخة..
ولندرك، أن هذه الدول قد اعتمدت - في الأحوال العادية، سياسة تحديد سيل الهجرة، وسبل الانتقائية في مجراها.. بحيث لا تؤثر على مستقبل ثقافتها وهويتها ومصالحها القريبة والبعيدة، بل وتعززها..
مهما يكن من أمر، نحن أمام ظاهرة استيراد نوعي، لطاقات بشرية مجانية، من عالم متخلف لا يقدر ثروته البشرية.. بل يتخلى عنها بكل غباء وهمجية..
- ( بيسان تسأل) - إن كان الشأن الديموغرافي يخص حالة الهجرة في زمن السلم، فكيف يمكن النظر لحالة اللجوء في زمن الحرب.. من المستحيل اختزالها في المسألة الديموغرافية من دون غيرها.. ؟
- تقصدين طبعا التعرف على الدوافع الكامنة لدى أصحاب القرار في مواقع بلدان اللجوء لقبول اللاجئين في زمن الحرب- كحالتنا.. وبالتحديد تلك البلدان التي تتمتع بنمط من الرفاه، وهي البلدان المشار إليها، آنفاً. أي دول الديموقراطيات الأوربية الغربية المرفهة.. على مثال.. الدول الإسكندنافية، ألمانيا، هولندا، فرنسا، بلجيكا.. - بنظري ثمة عوامل عدة متداخلة فيما بينها..
في البداية، يجب أن نقر، بأن التجربة التاريخية لتلك المجتمعات قد أدت إلى بروز قيم متقدمة في منظومة حقوق الإنسان، بحيث قد غدت نخب تلك المجتمعات تسعى لتعزيزها وتقوية مواقعها.. - والشريحة الحاكمة في تلك الدول، تسعى جادة أو غير جادة لإرضاء نخبها وشعبها.. هذا هو القاع القيمي للمسألة..
- ولنعلم أنه في أوربا الغربية - هناك فرق جلي بين النظام الحاكم والمجتمع المدني.. للمجتمع المدني تأثير على النظام الحاكم الغربي - لكن لا يسيره.. -- •
[ المحير في الأمر.. كان بوسع هذه الدول ممارسة دور أكبر في مسعى الإطاحة في النظام الحاكم في بلدنا، الذي هو قد سبب المشكلة..]
بيد أن الأمر، لا يمكن اختزاله بمنطلق القيم.. من حيث أن لكل من هذه الدول، مصالح حريصة على صيانتها..
على قاعدة القيم والمصالح، تتحدد دائرة الإقبال على استقبال سيل اللجوء - في مدى سعته وضيقه..
في وسط هذه الدائرة- وبعناية خاصة، تحضر المسألة الديموغرافية، وبكيفية معدلة عما كان معتمداً أحوال الصفاء العالمي..
في زمن الحروب، تتخذ تلك السياسة منعرجاً آخر، حيث تجد تلك الدول - ومن هم على نسقها، في وضع اضطرار لإجراء تعديلات ما في سياساتها، فيصبح اللجوء حالة مفروضة، استجابة للقيم المعلن عنها، في ثقافتها.. بيد أنها لا تدير ظهرها قطعاً لمجرى الضبط وانتخاب النوعية الموافقة لها..
لا يخامرني الشك بكون الدوائر المهيمنة في تلك الدول لها من الدهاء بحيث تدرك أن عملية الضبط والانتخابية تحفر قنواتها بكيفية أو بأخرى، من دون جهود تذكر..
لا شك، أن الحالة الاستثنائية تلك، تفرز جملة من الأدوات المنتمية لبلدان الكوارث والحروب، المنتمية للنخب والشرائح الاجتماعية العليا في تلك المجتمعات.. إذ تعمد تلك الدول لفتح أبواب اللجوء للأوساط المحيطة بها.. وهم بغالبيتهم من النخبة المهيمنة، ومن هم حولهم.. كنوعية اقتصادية ونوعية بشرية..
في المقابل تأتي المغامرات البحرية، كقناة انتقائية أخرى، من حيث أن المغامرين هم من يمتلك قدرة مالية معينة، واستعداد نوعي لعبور التجربة.. أي تنطوي على انتقائية طبيعية.. والأكثر غنى ومهارة يعبر.. والأقل قدرة قد يهلك..
وهكذا يتحقق نمط من الاصطفاء النوعي، ثم يأتي دور التحقيق وجمع المعلومات عن كل حالة على حدة.. لكي يعطي هذا الاصطفاء درجته القصوى..
من المؤكد، أن ثمة نظرة مسيطرة على العقول المسيرة للنظام السياسي بتركيبته المعقدة، بكون هؤلاء الذين قد عبروا البحار والصعوبات التي واجهتهم، ودفعوا المبالغ الطائلة للمافيا المسيطرة، هم على استعداد نوعي لبذل أقصى الجهد للاندماج بالمجتمع القادمين إليه.. وهذا بالضبط ما يوفر عملية الاصطفاء النوعي بشكل عفوي..
يذكرني دور البحر في حبكة الاصطفاء النوعي، بحكاية قديمة تروى عن قدماء الإغريق، حيث قد درجوا على غطس حديثي الولادة في دنان من الخمر.. من عبر، عبر.. ومن لا يعبر راح لسبيله... ها هو البحر يفعلها في بحر الإغريق - من يغرق غرق.. ومن يسلم له الطريق من دون معيق..
من المؤكد، أن المماثلة الكلية غير منطقية، بيد أن الاصطفاء قائم في الحالتين..
مهما يكن من أمر، إن مسألة اللجوء في دوافعها ومجراها ووصولها إلى مبتغاها لخاضعة لعوامل عدة متفاعلة جدلياً في أحوالها الكلية..
ولعل هذه العوامل المتفاعلة والمتباينة ما يؤدي إلى اختلافات ما في نتائجها على مستوى كل دولة مستقبلة..
على سبيل المثال- الدولة القليلة السكان أكثر استقبالاً من غيرها، كالدول الإسكندنافية وهولندا..- -
من المؤكد وجود عامل آخر، يتمثل بالقوة الاقتصادية للدولة، من حيث تجعل منها أكثر جاذبية واستعداد للقبول، كألمانيا..
في هذا الصدد لكل دولة من تلك الدول خصوصية تشكلها عوامل عدة.. يستطاع التحري عنها بيسر وسهولة.. يمكن إدراكها في كل دولة، يختلط فيها العامل السياسي الداخلي بالعامل الاقتصادي، والعامل الديموغرافي.. - ل
ا شيء يجري على عواهله..
وهم على مسافة قريبة لتنظيم الأدوار فيما بينهم.. فلننتظر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل