الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلهة المقاومة

مصطفى حمدان
كاتب وشاعر

(Mustafa Hamdan)

2015 / 10 / 24
الادب والفن


كما للحُب والجمال إلهة ، وللحرب والقتال إله ، فللمقاومة لها إلهة أيضا
لتبقي نقاء الدَم ، وتحافظ على قيمة التضحية والهدف ، وتنفخ مِن روحها في شرايين المقاوِم ، لتعيش المقاومة ابدية الوجود
بين حينٍ وآخَر ، ومِن عامٍ الى عام
وبيْن تقلُب الفصول ، وما دارَ ولا زال يدور على مسرح الأرض في فلسطين مِن احداث وتغير
يبقى الجُرح ينزِف ، ولَم يلتئم منذ القصف الأخير قبل عام
ولا زال هناك في غرف العناية المركزة في المشافي ! ضحايا القصف الأخير قبل عام
لَمْ يجِف دمَ مَن رحلوا مِنا في آخِر قصف
وما زالَت الحيطان والأسقف مهدومة تحت الركام
مِن أثر عشوائيات صواريخ القصف المجنون الحاقد قبل عام
عام واحد فقط بين الموت القديم والموت الحاضِر
ولا زال الصدى يردد صراخ مَن هوَت عليهم حجارة الأبنية وحديدها
ولم ينطفئ بَعَدْ دخان قنابل العام السابق
عام واحد ، والأطفال كبُرت عاماً آخر
في العراء دون بيت ، دون مكان
بين قسوة القصف وآثاره
ووعود مَن يحلمون بصفقة سلام
بقيت الذاكرة شاهدة على الحدث
وتحتفظ بالصورة الأخيرة ، والتفاصيل الكثيرة
لآخِر قصف ، لآخِر اجتياح ، لآخِر صور للمكان والشهداء
ومنذ ذلك الحِصار الأخير ، ومنذ آخِر قذيفة سقطت على البيوت
لتخلِط الدَم واللحم مع الاسمنت ، التراب والركام
كان هناك وما زال مَن يحاول ان يلجِم غضب الضحية ، وأنين ألَمَها
وكان هناك مَن يتاجِر في جُرحِها
ومَن يحاوِل ان يقبض على مارِد المقاومة ، ليغتال النصر في صدره
عشرون اجتماع ، عشرون قرار ، ومئة مؤامرة
وألف واشي ، مُخبِر وجاسوس
ومزيد مِن الوعود ، كثيراً مِن المساومة
حتى تمردت الضحية وخرجت مِن تحت الأنقاض ، تحمِل جرحها .. دمَها .. لتنتفض مِن جديد
فمِن ركام الأبنية .. يخرج فدائي صغير
ومِن بين الدخان والأنقاض .. تخرُج أطفالاً .. تحمل حجراً وسِكين
لترسُم لوناً جديداً للمقاومة .. لحناً جديد للنشيد القادِم
لتشُق الطريق الوعِرة .. وتُزيل عقبات التأخير في طريق المقاومة .. نحو التحرير
***
يحمِل وجعه .. الآمه .. جرحه ويمضي نحو الهدف
بحجرٍ يلوِح بيدٍ بحجم دبابة
ليُعيد قداسة الأشياء .. لموْضِعها
ليمسَح العار عن جبين الجيوش التي فقدت بوصلة الاتجاه الصحيح نحو عدوِها الحقيقي
يحمِل سكين ويمضي بصدرٍ اكبر مِن نياشين جنرالات الحروب الوهمية
وأحَدَ مِن بنادِق الجيوش المُكدسة حوله
يمضي نحو الهدف .. وحيداً .. بدمِه وجلدِه نحو !
مَن اطال انتظاره.. وشق صدره للريح والعذاب
نحو مَن قتله .. ويقتله كل يوم
نحو مَن يعاقبه على صراخه .. على وجوده .. وبقاءه في الحياة
يمضي نحو الهدف .. ليزرَع سكينه في صدرِ قاتله .. ويسقط
يجتمعون حوْلَ قامته .. يبحثوا في ملابسه .. وطيات جلده .. عن سلاح
لا يجِدوا سوى حجارة صغيرة تملأ جيبه .. وسكين صغيرة في يدِه .. ووجه يملأه السخط
يجتمعون حوله .. ببنادقهم .. ليتركوه ينزِف حتى الموت
يسقط المارد ولا تنحني قامته امام الطغيان
فيسطر بدمِه .. خطوط الطرق المؤدية نحو الحرية .. والتحرير
ويزرَع الرعب في قلب قاتله .. سجانيه .. ومحتليه
***
يتجمع حوله المقايضون ، ويكثُر المساومون
تخرج مِن افواههم .. فقاعات هواء .. وكلمات عابرة
مزيداً مِن المؤتمرات .. طاولات اجتماع .. مياه غازية .. وكثير مِن الورق
ربطات عنق .. أجساد متخمة تملأ القاعات بكروشها الحبلى بالمؤامرات .. وأنواع المساومة ..والتنازل القادم
يختبئوا خلف ظِل الشهيد .. يتسللوا مِن خلفه .. ليخطفوا بطولته !
لينسبوها للفصيل .. والقبيلة
ليتاجروا بدمِه في مزاد المنح .. والخطابات الوطنية
مِن دمه صبغوا أوسمتهم .. وشعار المرحلة القادمة للخنوع
مِن جلده صنعوا .. خيمة المفاوضات القادمة
ومِن عظمِه .. بَنو جسور الدخول الى عواصم المؤتمرات .. وقاعات المؤامرات
وباسمه .. سيتنازلون .. سيوقعون على معاهدات لبيع ما تبقى مِن لحمه .. الى قاتليه .. وقاتل ابيه
***
يبقى الجرح ينزِف ويكبُر .. في طقوس مذابِح المقاومة العنيدة
وتأتي مواسمٌ لتأخُذ معها .. وجوه .. أسماء .. وذاكرة مِن انضموا الى قافلة الشهداء الطويلة
تاركةً خلفها لائحة أسماء الشهداء والجرحى القادمين
معلنة الرفض ..للخنوع ..الذل ..والمساومة
ما دام هناك على الأرض .. قاتلٌ مأجور .. يختبئ ويتحصن خلف الأكذوبة .. وصمت المتساقطين
وما دام هناك سياجاً .. سجون .. ومُحتَل وجنود
سيكون هناك مِن سيعيد للأرض نقاء دَمَ مَن سقطوا على ترابها .. ليصنع ملحمة للمقاومين
وما دام هناك على الأرض حجارة .. وفي الصدر غضب
سيكون هناك .. رجالاً .. نساءً ..وأطفال
سيكون هناك مقاومة
فالمقاومة إله يبقى ولا يموت

مصطفى حمدان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الليبي الطارقي أماكا جاجي يحدثنا عن ثقافة وموسيقى الط


.. فيلم ولاد رزق 3 يتخطى 12.5 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينما




.. نجم الغناء الأمريكي كريس براون يعلق في الهواء على مسرح أثناء


.. طرد كوميدي شهير وصف نتنياهو بـ-النازي- في فرنسا.. ما القصة؟




.. أحمد فهمى و أوس أوس وأحمد فهيم يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم -ع