الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو أعادة بناء حركة نوادي المسرح (5) الدعم اللوجستي

عبد الناصر حنفي

2015 / 10 / 25
الادب والفن


العمر الرسمي لعرض نوادي المسرح هو في افضل الاحوال ليلتين فحسب، الأولى في المهرجان الاقليمي، والثانية – إذا ما كان العرض ناجحا- في المهرجان الختامي (والبعض قد يضيف ايضا ليلة العرض –بلا إنتاج- أمام لجنة المشاهدة التي اصبحت جزءا أساسيا من نظام الانتاج فيما بعد 2006 برغم أن هذا الإجراء لم ينفذ كاملا قط) أما ما قد يزيد على ذلك فيعتمد على حظوظ "فريدة" ومتباينة بشدة من عرض إلى آخر، وبين موقع وآخر. وبرغم أن بعض القواعد والضوابط اللائحية القديمة كانت تحدد نصابا قدره ثلاثة ليالي لكل عرض ينبغي تنفيذهم داخل موقعه الإنتاجي قبل أن يسمح بمشاركته في المهرجان الاقليمي، فضلا عن تخصيص مكافأة يومية للمشاركين في العرض، إلا أن ذلك نادرا ما تم تطبيقه، باستثناء موسم وحيد (2001-2002) والذي شهد مضاعفة ميزانية إنتاج عرض النوادي من ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه.
وطوال العقود السابقة كانت مشكلة ضآلة وقصر عمر عروض النوادي تثار بين الحين والآخر، إلى أن قامت الهيئة (قبل محرقة بني سويف) بإطلاق سلسلة من الاجراءات التي قيل أنها مؤقتة ولن تدوم وأن هدفها الوحيد هو علاج اختلالات مخصصات مسرح الثقافة الجماهيرية والقضاء على مشكلة تراكم المديونيات المستحقة عليه (أزمة السنوات السابقة)، وعبر ذلك تم خفض ميزانيات الانتاج وتقليص نصاب عروض الشرائح وخفضها بنسبة تصل إلى 40%، ومنذ ذلك الحين تلاشى تقريبا اي حوار أو نقاش حول تطوير أو حتى إعادة إحياء الاهتمام بقضية نصاب عروض النوادي!، وكأن رأس الذئب (أو الشرائح) الطائرة قد حولت هذه الموضوعة بالكامل إلى جزء من أفق الوعي المكبوت أو المسكوت عنه.
وفي هذا الإطار كان، ولا يزال، الاقتراح الذي تناولناه في المقال السابق والذي تم بحثه في نهاية موسم 2005، يمثل نقلة نوعية شديدة الاهمية للنوادي، سواء على مستوى التفكير فيها، أو على مستوى وجودها في الحركة المسرحية إذا ما قدر تنفيذ هذا الاقتراح البرنامجي الذي يتمحور حول حصر ساحات العرض الممكنة والمتاحة والتفاوض مع القائمين عليها بغية فتح ابوابها أمام عروض النوادي، وبرغم أن هذا الاقتراح قد وأد في حينه ولم يدخل قط مرحلة التنفيذ الجدي، إلا أنه يظل جزءا من الأفق المستقبلي الذي ينبغي أن تطرحه حركة النوادي على نفسها.
فبداية يفتح هذا الاقتراح بوابة جديدة لحضور الهيئة العامة لقصور الثقافة على نحو يتجاوز عقيدتها التقليدية حول نفسها بوصفها مجرد منتج مسرحي، وأن أقصى حدود الدور المنوط بها هو كفالة عمليات الانتاج بالمقام الأول، مع احتماليات إنفاق جهد موازي، ضئيل ومحدود الطموح، في توزيع هذا الإنتاج ونشره وإتاحته لمتلقيه المفترض، أما هذا الاقتراح فقد كان يمنحها فرصة تاريخية لممارسة دورها الحقيقي بوصفها الكيان الثقافي الأول الذي يمثل حضور الدولة في المجال العام، مثلما يتيح لها أن تتجاوز الحدود التي تفرضها عليها الميزانيات لتتنقل بين دور المنتج/الممول، ودور الراعي الذي يستهدف تقديم الدعم اللوجستي على نحو يؤدي إلى تعظيم حجم الخريطة المتاحة أمام تنفيذ النشاط ودمج مكوناتها معا عبر استغلال ذلك الرصيد الرمزي –أينما وجد- والذي راكمته "الثقافة الجماهيرية" عبر تاريخها الطويل، فضلا عن أن مثل هذا التطور كان سيسد فراغا لا يجد من يملأه في حركة مسرح الهواة في مصر (وبالمناسبة فالنجاح الذي حققته منظومة مهرجان آفاق في نطاق مسرح الهواة قائم بالدرجة الأولى على الدعم اللوجستي لا المالي!)
ومن ناحية أخرى، وبرغم أن احتمالات نجاح تنفيذ مثل هذا الاقتراح حاليا قد اصبحت اقل مما كانت عليه منذ عشر سنوات، نتيجة لأن بعض الجهات المستهدفة فيه قد تحولت إلى التفكير في الاستغلال الاقتصادي للمسارح التي تملكها، بعدما كانت تعتبرها مجرد مبانى ذات طبيعة إحتفالية تتصل بالتجمعات أو المناسبات الخاصة بالمقام الأول، ألا أنه حتى مع هذا التطور لا زال هناك ندرة في استخدام هذه الأماكن كمسارح، ناهيك عن أن أغلبها يظل مظلما لفترات طويلة وممتدة كل عام، ولذلك فربما كانت الفرصة لا تزال قائمة ان بعضها سيرحب بعروض تتيح له تقديم خدمة ثقافية وفنية لرواده وتحيي موات المكان وتضخ فيه بعض من حيوية النشاط، خاصة وأن تكلفة هذا الأمر برمته زهيدة للغاية وتكاد تكون منعدمة، ومهما تضاءلت هذه الفرص وقلت نسبتها، فهي لا تزال قادرة على أن تعدنا بما يستحق المحاولة.
ومن ناحية أخرى فقد كان الرهان الذي يقوم عليه هذا الاقتراح هو تجميع شتات نشطاء النوادي والمهتمين بها حول إدارة معركة جماعية مشتركة ذات أهداف واضحة لا يمكن التنازع حولها، مصحوبة بضغط منظم من الكتل المسرحية المحلية أصحاب المصلحة الحقيقية في توسيع قاعدة النشاط، مما قد ينتج عنه الفوز بعدد من الليالي الإضافية لصالح عروض النوادي، داخل الهيئة أولا (وهو الأمر الذي لا زال حتى الآن بعيدا عن المنال)، ثم خارجها ثانيا، بكل ما سيصاحب ذلك من إكساب حركة النوادي شكلا مغايرا ومتماسكا يمتلك القدرة على طرح متطلباته الخاصة والدفاع عنها والسعي لتحقيقها.
ملحوظة: مع التسليم بداهة بأن فتح هذه المساحات الجديدة أمام استقبال العروض المسرحية إن تم فلن يبقى قاصرا على عروض النوادي أو حتى الهيئة فحسب. ففي العام الماضي قدمت لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة مشروعا لصالح المسرح المستقل تتضمن بعض بنوده نسخة تكاد تكون مطابقة للاقتراح الذي طرحناه منذ عشر سنوات، أي حصر كل مساحات العرض والليالي غير المستخدمة فيها (ومنها، أو على راسها بالطبع مواقع الهيئة العامة لقصور الثقافة) وضمها في إطار برنامج ممتد طوال العام على مستوى الجمهورية ككل ومخصص على نحو حصري لعروض ما يسمى بالمسرح المستقل!! وهذا الأمر –وغيره كثير مما يماثله- ليس سوى مجرد حلقة في سلسلة من التحولات القائمة داخل وخارج قصور الثقافة، على ايدي مسئوليها أحيانا، وبواسطة مؤسسات اخرى حينا، والتي قد تفضى في النهاية إلى سحب البساط تماما من تحت اقدام مسرح الثقافة الجماهيرية، وخفض مستوى حضوره في المسرح المصري إلى مجرد وعاء إنتاجي يكاد هدفه يقتصر على حفظ فرص تشغيل بعض المسرحيين الذين قد لا تستوعبهم الأوعية الإنتاجية الأخرى، وهو ما قد يمثل حال حدوثه (الذي يقترب أكثر فأكثر) انزلاق هذا المسرح من حالة الانهيار التي يعانيها منذ سنوات تجاه الإعلان النهائي لموته!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا