الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنكن جميعا في خدمة أهداف الإضراب

حزب العمال التونسي

2005 / 10 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يدخل إضراب الجوع الذي يشنه ثمانية من رموز أحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة أسبوعه الثاني. وقد حظي هذا الإضراب منذ أيامه الأولى بمساندة كافة قوى المعارضة السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة والشخصيات الديمقراطية التي بادر جميعها بتكوين لجنة مساندة وطنية تضم العشرات من وجوه المجتمع المدني والسياسي.

كما أثار هذا الإضراب موجة من التعاطف في معظم أنحاء البلاد حيث انطلقت عملية تكوين لجان مساندة. وكان له أيضا صدى إيجابي في أوساط النقابيين والشباب الطلابي ولدى عائلات المساجين السياسيين وكذلك في أوساط التونسيين المهاجرين في البلدان الأوروبية وفي أمريكا الشمالية حيث تعدّدت المبادرات لشدّ أزر المضربين ودعم مطالبهم.

ولم يتأخر العديد من الأحزاب الديمقراطية والتقدمية والجمعيات والمنظمات الدولية في أكثر من بلد من التعبير عن تضامنهم مع المضربين وتأييد مطالبهم المشروعة. كما اهتمت وسائل الإعلام العربية والأجنبية بالإضراب وأخبرت عن دوافعه وأهدافه والحركية التي خلقها.

وما من شك في أن هذا التعاطف الكبير الذي يقابل به الإضراب مرتبط بشدة الاحتقان الذي يميّز الوضع ببلادنا نتيجة استشراء القمع السياسي الذي بلغ في الأشهر الأخيرة، مع الهجوم على الرابطيين والقضاة والصحافيين والجامعيين حدا لا يحتمل، وكذلك نتيجة تفاقم الأزمة الاجتماعية التي يمثل انتشار البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للكادحين والأجراء وانتشار الجريمة عناوينها الكبرى. وهو أخيرا نتيجة لتفاقم ظاهرة الفساد التي أصبحت حديث الناس من شمال البلاد إلى جنوبها مؤججة نقمتهم. وقد جاء الإضراب في مثل هذا الظرف لتحريك الوضع وتغذية الأمل وفتح الآفاق.

ومن الأسباب الأساسية لهذا التعاطف أيضا طبيعة المطالب التي يرفعها المضربون وهى حرية التنظم والإعلام والصحافة وإطلاق سراح المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو التشريعي العام. فهذه المطالب تمثل الحد الأدنى الذي أصبح يجمع كافة الأحزاب والجمعيات والشخصيات الديمقراطية على تعدد مشاربها الفكرية والسياسية. إن الحرية السياسية تمثل مطمح الأغلبية الساحقة من التونسيات والتونسيين المتضررين من الاستبداد والدكتاتورية علاوة على أنها الشرط الأول لأي تحسن في الوضع السياسي ببلادنا وهو ما يفسر سرعة التفاف الجميع حول مطالب المضربين التي رأوا فيها مطالب وطنية في هذه المرحلة.

وأخيرا فإن من أسباب التعاطف أنه لأول مرة يحصل تحرك سياسي مشترك كهذا يجمع رموزا ينتمون إلي نزعات فكرية وسياسية وإلى تنظيمات مختلفة. إن الطابع الجماعي لهذا التحرك لم يعبىء أنصار الأطراف المشاركة فيه فحسب بل أسهم أيضا في تعبئة عدد كبير من المناضلات والمناضلين المنظمين وغير المنظمين بعيدا عن تلك الروح الفئوية القاتلة التي لا تزال تعيق إلى حد الآن العمل السياسي في بلادنا، وجمعهم حول هدف موحد.

ولئن أثار هذا الإضراب الحماس في صفوف الديمقراطيين ولدى عائلات المساجين السياسيين فقد ردّت السلطة بأسلوبها المعتاد أي المحاصرة الأمنية لمقر الإضراب والتعتيم الإعلامي المطلق. ثم جاء خطاب بن على في اختتام أشغال اللجنة المركزية للحزب الحاكم يوم السبت 22 أكتوبر، أي في اليوم الخامس للإضراب ليصف المضربين دون الإشارة إليهم بشكل واضح بـ"قلة من المناوئين" ويتهمهم بـ"اللاوطنية" وبـ"محاولة الإساءة إلى بلدهم وصورتها في العالم".

ومن النافل أن مثل هذه الاتهامات مردودة لا فقط لأن تحقق الحرية السياسية أصبح يمثل مطمحا أساسيا للأغلبية الساحقة من المجتمع التونسي باعتبار وأن هذه الحرية تمثل اليوم الشرط الأول للنهوض بالوطن، ولا فقط لأن كل الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة التي تعبر عن ذلك المطمح بأشكال ومن مواقع مختلفة، قد بادرت بدعم المضربين وتبني مطالبهم وأخذها على عاتقها من خلال إطلاق مبادرات عدة بل كذلك لأن نظام بن علي ليس مؤهّلا لإعطاء دروس في الوطنية للمضربين ولكافة القوى الديمقراطية والتقدمية في تونس وهو الذي فرط في ثروات البلاد للشركات والمؤسسات المالية الأجنبية ولحفنة من الأشخاص الذين لا تربطهم بالوطن سوى علاقة النهب، ودمر طاقاتها الثقافية وحرم شعبها من أبسط الحقوق بل حولها إلي سجن كبير مما أساء إلى سمعتها عالميا إذ لم يعد يصدر تقرير دولي من منظمة أو من مؤسسة تعنى بالحريات وحقوق الإنسان دون الإشارة إلى ما تتعرض له من انتهاك في تونس. وفوق ذلك فإن نظام بن علي هو الذي يسعى حقيقة بكل الوسائل إلى الاستقواء بالخارج وتحديدا بواشنطن وباريس على الحركة الديمقراطية في تونس ضمانا لبقائه ناهيك أنه انخرط في التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ أواسط التسعينات وهي اليوم يستدعي شارون لزيارة تونس منتهكا مشاعر شعبها الوطنية والقومية والإنسانية إرضاء للإدارة الأمريكية.

ومهما يكن من أمر رد فعل المسلطة، وهو رد منتظر ومعتاد، فإن المهم اليوم هو أن هذا الإضراب قد خلق حركية سياسية جديدة، يمكن أن تساعد، إن استمرت وتطورت وتعمقت، على تجاوز حالة التشتت والارتباك وحالة الإحباط الحالية. ولا يمكن أن يتحقق مثل هذا الهدف دون:

أولا: تفعيل مطالب المضربين خاصة، ومطالب الحرية السياسية عامة، ميدانيا على المستوى الوطني والجهوي والمحلي حتى يتسع الحراك حولها وتأخذ شيئا فشيئا بعدا وطنيا وشعبيا. وهي غاية المضربين عن الطعام إذ أنهم لا يضربون كما أوضحنا من أجل مطالب شخصية أو قطاعية أو فئوية بل من أجل مطالب عامة ذات طابع وطني، لذلك فإن أفضل مساندة للإضراب تتمثل في تبنّي مطالبه وتوسيع الحركة على قاعدتها.

ثانيا: التفكير من الآن في أفق ما بعد الإضراب حتى تتواصل الحركة حول المطالب التي أثارها وتتسع وتتعمق وترتبط رأسا بالهدف المرحلي الذي ينشده كل ديمقراطي حقيقي ألا وهو وضع حد للدكتاتورية الغاشمة وإقامة نظام ديمقراطي يفتح آفاقا رحبة للشعب التونسي ولتونس.

فلنعمل الآن ولنوتر قوانا من أحل إنجاح الإضراب ولنترك جانبا كل ما من شأنه أن يضر بسيره لأن ذلك لا يخدم إلا بن علي ونظامه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التبوريدة: فن من الفروسية يعود إلى القرن السادس عشر


.. كريم بنزيمة يزور مسقط رأس والده في الجزائر لأول مرة




.. بعد إدانة ترامب.. هل تتأثر فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية ا


.. لابيد يحث نتنياهو على الاستجابة لمقترح بايدن بخصوص اتفاق غزة




.. الوسطاء يحثون إسرائيل وحماس على التوصل لاتفاق هدنة في غزة