الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة التوحش و إدارة البكاء

محمد محسن عامر

2015 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


خرج اليوم حسن نصر الله في تجمع خطابي مباشر بمناسبة احتفالات عاشوراء على غير العادة ؛ على غير العادة العادية ؛ نعم فهذا الرجل معروف دوما بمفاجآت الغير متوقعة التي تربك دوما الخصوم بصلفه و قدراته الخطابية الإستثنائية . ليطلق صليات من الحديث الطائفي المشحون حد التخمة بالدعاية وسط الجموع الغاضبة .خطاب ذا دلالات سياسية مهمة حول الأزمة السورية و إيران و الوضع اللبناني الداخلي . هذا ما يبدو في هذا الظهور المباشر المليء بالتحدي و العناد ليتناغم مع وضع جبهته الإقليمية التي يقاتل في خنادقها و هي تحقق انتصارات على الأرض ظاهرة للعيان فوق سماء مكتضّة بالطائرات المقالة الروسية و الأمريكية . الخطاب المركب لحسن نصر الله شكله بمعجم "عاشورائي" مشحون بمفردات الفكر الشيعي و أيديولوجيا ولاية الفقيه يطرح السؤال لا عن الغايات السياسية لخطاب نصر الله و لكن الأهم من ذلك طريقة تكوين الخطاب "الحزب اللهي " أي بنيته و عناصره و ميكانيزما تشكيله .
أيدلوجيا الإسلام السياسي بخطيه الشيعي و السني تتحرك بنفس النغمة و أحيانا تتقاطع ؛ كما تقاطعت أفكار الإسلامي السياسي مع أفكار الثورة الإيرانية في الثمانينات ما جعل إسلاميي تونس يلقبون بالخمينيين. يتأسس هذا الخطاب على منطق التوظيف الأيديولجي للدين . أي داخل سياق استحضار سردية المظلومية التاريخية , و تحويل الأسطورة إلى ساعق مفجر للفعل السياسي الراهن .
كلا المساريين يتأسسان على فكرة البكاء ؛ أي تلك التراجيديا الحزينة التي يشكل مشهد الحزن أساسها. فمثلما تأسست القاعدة على تراجيديات النساء المغتضبات ابان الفتح و الغزو السفياتي شعارات الجهاد المقدس ضد المغتصب الملحد لأرض مسلمة ,عاشت قبلها حركة الإخوان المسلمين داخل الألم و الإستحظار الدائم لمظلومية اغتيال الأب المؤسس حسن البنة و من ثم اعدام السيد قطب و تاريخ السجون و الإقصاء السياسي ؛ تغذى الاسلام السياسي الشيعي من الإحباط و الحزن و الهزيمة , مظلومية بخس ال البيت لحقهم التاريخي في وراثة السلطة الحق التاريخي المدعى و المسنود بالنسب بادئ الأمر و المدعم بمدونة أيديولوجية لاحقة تثبت حقا تاريخيا مقدسا في الحكم . المسألة المحورية هو كيفية إدارة البكاء و تحويله إلى شحنات غضب توجه في إطارها السياسي الذي بحكم نشأته يكون محدود الأفق و مرتبطا بطبيعة نشأته البنيوية . محدود الأفق بمعنى كونه يبقى أسير الكنتون الطائفي المؤسس للوعي الجعمي للإسلام السياسي الشيعي , أي بمنطق ولاية الفقيه "الأممية" الغير دولتية , و أساسا منطلقاته الإجتماعية و الفكرية التي تحصر الحق داخل المجموعة الشيعية بهوية فرعية غير مواطنية لا يمكن تأسيس تعاقد سياسي لبناني حولها . بالتالي تبقى في تناقض أيديولوجي و سياسي مع مجموعات تتأسس معها على نفس القاعدة بطريقة طبيعية أو كرد فعل عنها أحيانا تمنع إمكانية التعايش داخل المجتمع أو في أحسن الحالات تعيش على تمزق مجتمعي هو منطق الأمر الواقع في لبنان .
ما قاله حسن نصر الله اليوم أمام تجمعات النواح الحسينية كان فصلا في هذا المشهد . بحر من الغاضبين و الحزانى على واقعة سنة واحد و ستون هجري الدموية يقوم شيخ الحزب بتحويل المناحة ؛ الحرارة التي قال عنها النبي محمد في روايات المدونة الشيعية أنها لا تزول أبدا إلى خطة سياسية هي رغم كونها لا تخرج عن سقفها الطائفي تبدو لدى الحسينيين و الزينبيات الحزانى مواصلة للواقعة القتل التراجيدية و طريقا للثأر للحسين ؛ كيف لا و أعداء حزب الله هم ذاتهم أعداء الحسين بل و أعداء لله و هكذا نعود إلى مربع قداسة الدم و قداسة الحرب . هكذا تركب الأسطورة و تأدلج لتدمج سياسيا ضمن الصراع . إنه تشكيل للغضب و إدارة للبكاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا