الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يكون مستقبل الوطن السوري ؟

لينا سعيد موللا

2015 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




يبدو أن التأخير في حل الأزمة السورية ناجم عن اختلاف في المصالح وتنوع في رؤى الحل، وخلط دائم للأوراق على أمل أن يسفر عن حالة تناسب دولة أو محور.

فبينما ترفض الكثير من الدول أن يكون الأسد جزءاً من الحل ويطالبون بتعطيل أي دور له في المرحلة الانتقالية، تعتبر كلاً من موسكو وإيران أن الأسد جزءاً جوهرياً من ذاك الحل، يروجان لذلك باعتباره رئيساً شرعياً يقاتل لأجل إعادة هيبة الدولة ضد المتطرفين وهي قصة باتت مشروخة لكنهما لا يملكان سواها، ولدى ضعفه كان يزيدون في دعمه حتى حان زمن التدخل العسكري المباشر، وهو ما عزفت عنه الدول الداعمة للمعارضة، بحجة أن الحل يجب أن يكون سلمياً لا عسكرياً، وخوفاً على أجهزة الدولة ومؤسساتها وبالتالي على وحدة الأراضي السورية .

الواقع أن وجود النظام - لا الأسد - يفيد مصالح بعض الدول، كما أن انتفاء وجوده يمثل مصالح لا يمكن أن تتحقق بوجود النظام السائد حالياً، فموسكو على سبيل المثال تطالب بأن يبقى الأسد مدة سنيتن أخريتين، وتراهن ضمناً بأن ترتب البيت السوري بما يكفل بقاءها وديمومة مصالحها، وهي اختصرتها في بادرة حسن نية إلى 18 شهر في آخر عرض منقطع السخاء، في حين يراهن الأسد على قدرته على خلط الأوراق خلال المدة المتفق عليها بحيث يقنع الدول المناوئة على ضرورة وجودة لمحاربة التطرف وتحقيق بعض مصالحها، وهو يدرك أن وجود الروس في مناطق قوته سيحد من بطشه وترويعه، لكنه سيجتهد في اختيار بدائل كما عودنا دوماً .
أما تركيا فهي تأمل في أن تبقى سوريا مستهلكة لبضائعها وجسراً حيوياً للوصول إلى البلاد الغنية . وهي تطمح لمساهمتها في ترتيب البيت السوري بحيث يحوي حلفاء لها يضمنون عدم حدوث هزات تقلق الاستثمارات، فرأس المال جبان كما تعلمون.

أما إسرائيل فهي تنام في العسل فمهما حدث لن يجد النظام القادم زمناً لممارسة أي نوع من أنواع الترف ومنها العودة إلى المطالبة بالجولان المحتل، وإذا تم فسيكون ذلك بعد زمن طويل، وبمكن حله عبر عقد صفقة شراكة أو استئجار لمدة 100 سنة تلي الاتفاق كما حدث مع الأردن، وهي تطمح ولا شك بأن تكون الدولة الجارة والتي ستحصل على قسط وافر من الاستثمارات حال توزيعها.

أما السعودية فموقفها من النظام موقف مشوب بالجروح الشخصية، لكنه ولا شك مؤثر، فالرياض التي تعتبر طهران خصمها اللدود في المنطقة تحاول جاهدة إلى وقف زحفها باتجاه دول تعتبر وحتى الزمن القريب منطقة استراتيجية استثمرت بها الكثير وهي تريد الحفاظ على سطوتها لكن بالأساليب القديمة التي لم تستطع أن تغير بها شيئاً رغم إعلانها دوماً عدائها للقاعدة وحركة الأخوان المسلمين وكل أنواع التطرف الديني .

الأوروبيين ومنذ مبادرة الرئيس الفرنسي ساركوزي المتوسطية، يريدون إعادة دفء العلاقات ما بين شمال وجنوب البحر المتوسط، وينظرون إلى الشرق المتوسط وشمال إفريقيا على أنها مناطق حيوية يمكن الاعتماد عليها للحصول على انتعاش اقتادي طال انتظاره . وهم بالتالي سيسعون وبالاعتماد على الجاليات التي وصلتهم من تلك البلاد على بناء علاقات اقتصادية جيدة وهو أمل لا يفرطون به، ب اعتبارهم ساهموا مجتمعين بدفع فاتورة باهظة للأزمات الناشبة عن الربيع العربي، ويجب اعتبار هذه الفاتورة كشراكة استثمار في بناء مستقبل لأوروبا الحديثة.

أما عن المجتمع السوري الذي تشظى ليبلغ أصقاع الأرض، فإن إرادة وطنية صادقة يمكن لها بأن تقوم بجمع كوادره لتبقي على تواصله مع الوطن الأم كمواطنين كاملي الحقوق، ومن المسيء جداً اليوم وفي كل يوم أن تتهم هذه الفئة الضخمة والغالية بتخليها عن أهلها ومواطنيها، فهؤلاء هم أملنا الكبير في أن نعلو معهم وفيهم لنصل إلى منابر الحداثة مشاركين وفاعلين كما كان دور السوريين دوماً .

مهما كان الحل المفروض علينا، ومهما جاء الموقف صعباً، أؤمن أن السوريين بإمكانهم الخروج من القاع إلى السطح والتنفس من جديد شرط عدم الاقصاء أو التخوين أو الانزلاق في مستنقع الأحقاد والكراهية، نعم هناك الكثير من المجتمعات التي أفاقت من كبوتها وانتقلت بحركة جماعية هائلة، لأن يكون لها دور في الحراك الحضاري الانسانيوللتذكير باتت اليوم تحتل مركز الريادة بعد أن سخرت ردة فعلها لأن تكون بناءة لمجتمعاتها .

إذاً السؤال :ما الذي يمنع أن نحذو حذوهم في الهدف .

لا وقت لجلد الذات، ولا وقت اليوم لاجترار الماضي، ما حصل كبير ومخز، لكنه لا يشكل نهاية الزمان، ستلد سوريا أجيالاً لم تعش ما رأيناه، ستجد نفسها محررة من أي قيد يحول دون عطائها وإبداعاتها وسنساعدها في أن لا نورثها الكراهية .. لأن هذه ستكبلها حتى تعجز عن أي عطاء.. إن الحداثة التي نرنو إليها هي في أن نتحرر وننعتق ومعنا أجيال ستلد ناصعة البياض وفاعلة في العطاء .

قادمون

لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر