الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامجان للتغيير الديمقراطي في سورية

معقل زهور عدي

2005 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بمقدار ما يطرح التحالف التفتيش عن القواسم المشتركة واظهارها والتوافق عليها ، يطرح أيضا معرفة الفروقات الفكرية والسياسية وتحديدها وعدم اللجوء الى طمسها وتمييعها .
في المرحلة الراهنة تعيش سورية حالة مخاض وتجري فيها اعادة تشكل التيارات الفكرية والسياسية ، ويهدف هذا المقال الى القاء الضوء على برنامجين رئيسين للتغيير الديمقراطي بدأت ملامحهما بالتبلور :
البرنامج الأول : هو برنامج الفئات الاجتماعية الفقيرة والوسطى ( الكتلة الشعبية ) تلك الفئات التي تريد التغيير الديمقراطي من أجل تمكينها من الدفاع عن مصالحها المهددة سواء بفعل النهب والفساد أو بفعل ازدياد الفروقات الطبقية ( ازدياد الأغنياء غنى والفقراء فقرا ) أو بفعل تراجع الدولة عن وظيفتها في النظام السابق كراعية لتلك الفئات ولو بصورة ناقصة ومشوهة أو بفعل نظام العولمة القادم كرياح هوجاء.
انهم يريدون الديمقراطية لتمكينهم من انشاء نقابات حقيقية فعالة لاتشبه في شيء النقابات الموجودة حاليا التي يسيطر عليها ويشلها الحزب والأجهزة الأمنية .
ومن أجل أن تعمل تلك النقابات ويكون لعملها أثر في الدفاع عن حقوق الفئات الاجتماعية التي تمثلها يتوجب ان يتوفر في البلاد مناخ من الحريات العامة كما يحتاج الأمر الى انشاء تعبيرات حزبية وسياسية طالما أن السياسة هي الميدان الذي يتقرر فيه صراع المصالح والأفكار.
أما الضرورة الثانية التي لاتقل أهمية عما سبق بل ربما تزيد فهي تنبع من الخوف من مخاطر التدخل الخارجي وما جلبه على العراق من تدمير وتفكيك والرغبة في اطلاق الطاقات الشعبية المعطلة في عملية الدفاع عن وحدة البلاد واستقلالها وسيادتها.
اذن فمصالح الكتلة الشعبية لاتتلاقى مع مشروع الهيمنة الأمريكي على المنطقة وهي تريد التغيير الديمقراطي لبناء قواها الذاتية الاجتماعية والسياسية وتطهير البلاد من الفساد والنهب وحماية لقمة عيشها ومستقبلها والدفاع عن الوطن .
أما البرنامج الآخر فهو برنامج الفئات الاجتماعية التي استطاعت في المرحلة السابقة مراكمة الثروات من الصفقات والعمولات والنهب والتجارة غير المشروعة واحتكار السوق ومشاركة أجهزة الدولة واغراقها بالفساد، اضافة لجزء محدود من الطبقة الوسطى تمكن من وضع قدم واحدة في سلم الارتقاء الاجتماعي وهو ماانفك يحلم بوضع الأخرى لذا يطمح الى تحويل المجتمع الى اقتصاد السوق .
هذه الفئات الاجتماعية أصبحت ترغب أيضا في الانتقال من الوضع الحالي للنظام الاقتصادي- السياسي المتأرجح الضعيف الى وضع أكثر استقرارا وتناسبا مع مصالحها.
وهي في تطلعها نحو التغيير ترغب في تحقيق الأهداف الآتية :
1- حل الصراع مع مشروع الهيمنة الأمريكي بالتكيف التام مع متطلباته السياسية الخارجية والداخلية والاقتصادية والثقافية ، وتلك مقدمة بدهية لأصحاب هذا البرنامج فهم لايرون مستقبلا لهم سوى بالتكيف مع السياسة الأمريكية والخضوع لها .
2- وينتج عما سبق القبول بالاستراتيجية الأمريكية للهيمنة المرتكزة على الديمقراطية- الطائفية وتفكيك المجتمع الى مكونات عرقية وطائفية.
3- كما ينتج أيضا ابدال الانتماء العربي بانتماء سوري يشكل غلافا هشا لكيانات عرقية –طائفية ( ربما فدراليات ) وانهاء أي دور عربي لسورية ( مثال الاردن ) .
4- طمس التناقضات الاجتماعية عن طريق تسعير المشاعر الطائفية والعرقية لتحجيم وتقييد دور وقدرة الكيانات السياسية الشعبية والنقابية والمدنية على التأثير والفعل .
5- اعادة هيكلة الاقتصاد والدولة بحيث يصبحان في خدمة رأس المال العالمي وتابعه المحلي.
6- تحقيق تسوية نهائية مع اسرائيل والتطبيع على قاعدة القبول بما يمكن استعادته من الجولان أو تحويله الى بيئة مشتركة غير محددة الهوية بما يعني بقائه فعليا تحت الهيمنة الاسرائيلية .
تلك باختصار أهم أهداف مشروع التغيير الديمقراطي الليبرالي، وتكمن المفارقة في ان قسما من المثقفين اليساريين المنحازين للمشروع الليبرالي هم اليوم الأكثر حماسا له من أصحابه الأصليين الذين يفضلون الاختباء ريثما تتمكن الولايات المتحدة من فتح الطريق لهم .
تقاطع المشروعين لايعدو ان يكون مصادفة ولحظة عابرة سوف تنتهي بمجرد تفكك النظام الشمولي ، بعدها مباشرة سيكون هناك افتراق تام . من أجل ذلك يصبح ضروريا تسليح كل القوى الاجتماعية الحاملة لمشروع التغيير الوطني الديمقراطي منذ الآن بالوعي السياسي لحقيقة تناقض المشروعين وجوهر كل منهما.
لكن الافتراق لايعني بالضرورة النزوع نحو المجابهة فمصلحة الكتلة الشعبية في الحرص على السلم الأهلي والديمقراطية وسيادة القانون ، وعليها ان تختار اسلحتها وادواتها ضمن تلك الشروط وليس خارجها.
التمييز السابق بين برنامجين لايعني عدم وجود برامج وسطى تنوس بينهما ، وكذلك امكانية انحياز جزء من الليبراليين الوطنيين الى جانب الكتلة الشعبية كما حدث سابقا في سورية في الخمسينات .
كذلك فالافتراق الذي أشرت اليه سابقا هو في الأساس افتراق في الاتجاه العام ، لكن تطبيق السياسات على الأرض لايفترض بالضرورة القطيعة مع المعسكر الآخر فنحن لم نعد نعيش في زمن الثورات بل الصراعات الاجتماعية-السياسية التي تعبر عن نفسها ببرامج وأحزاب وقوى اجتماعية تحت سقف الديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة