الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحالف الدول المتباينة.. (روسيا وأمريكا)..

احمد جمعة زبون
أستاذ أكاديمي وسياسي عراقي

(Ahmed Jumaa Al-bahadli)

2015 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن شهدت المنطقة المتغيرات اللاأخلاقية في التعامل مع الشعوب المسالمة تحديدا مع بدايات عصابات (داعش) المتوحشة وحتى الآن،اخذ الحراك الدولي يأخذ منحى آخر غير مألوف من قبل، والمتتبع للأحداث السياسية التي تجمع مثل هكذا تحالفات تاريخية ومعاصرة، فأنة سيربط ربطا منطقيا مابين اشتغال الدول تحت مسمى التحالفات الجديدة، وبين اشتغال ذات الدول في حروب تاريخية أقدم عرفت بالحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وقد تنبأ إلى ذلك الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني في العراق، إذ وصف الحرب مع التطرف والتكفير بأنها حربا عالمية ثالثة، غير أن شكل التحالفات الدولية الجديدة قد جمعت في المنطقة أنظمة أيدلوجية متقاطعة، أو لنقل أنها متباينة في أهدافها وتطلعاتها الاستراتيجية، وقد شكلت في سابق عهدها نمطا من الصراع الدولي عرف بالحرب الباردة مابين كل من روسيا وأمريكا.

كنا نطالع في أدبيات المعرفة ونظرياتها فضلا عن نظريات الاقتصاد والفلسفة والتاريخ والخطط الاستيراتيجة والعسكرية أن هناك قطبين يدور الصراع حولهما على كافة المستويات وهما القطب الاشتراكي والرأسمالي وقد حدث متغير جوهري دعا لهذين المتباينين أن يتوحدا في طريق تجهله أنظمة السياسة الإقليمية، وأنا لا أقول بأنه طريق غير معلوم لدى حكام المنطقة، فربما تعلم الحكومات الكثير عن نقطة شروع مثل هذه التحالفات الجديدة،إلا أنني أود الإشارة إلى نتائج هذه التحالفات الخطرة والى أين يسير سياسيي المنطقة في دهاليز وطرق السياسة العالمية.

اعتقد أن ما جمع المتباينين (روسيا وأمريكا) منذ منتصف القرن العشرين، هو مرجعيات دول الصراع في المنطقة ذاتها، وهناك قضية تاريخية يجب النظر إليها وهي: بعد أن تحالف دول الخليج مع أمريكا لإسقاط صدام حسين (لعنه الله) شعرت دول الخريج وحكوماتها أن بإمكانهم التحكم في باقي بلدان المنطقة أو لنقل أن مثل هذا التحالف الخليجي ضد نظام الطاغية المقبور قد شجعهم لقيادة المنطقة والبروز فيها وتبني مجمل تحولاتها السياسية والاقتصادية، خصوصا دول المحور الثلاثي في الخليج العربي السعودية وقطر و الإمارات.

وعلى الرغم من وجود التنسيق القديم بين هذه الدول مع الطاغية صدام حسين تحديدا أيام حربة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذات الرفض الجماهيري الواسع في العراق، ووجود الدعم الخليجي لصدام وفتح الأبواب لأتباعه وأبناء عمومته كشخصيات حكومية وشعبية، فقد كانت دول الخليج تهدف إلى التخلص من فكرة تصدير الدولة الإسلامية إلى العالم العربي، وكمخطط خليجي صدامي مشترك، تحديدا وان جهود آية الله العظمى محمد باقر الصدر الفيلسوف المعروف جاءت قريبة جدا ومتوافقة مع جهود الإمام الخميني رحمه الله، لذلك كانت هذه الحرب المفتعلة مابين العراق وإيران بمثابة الحاجز الذي يمنع فكرة تصدير الديمقراطية والانتخاب خارج إيران وإبقائها محجوبة داخل الحدود الإيرانية، ومنذ ذلك الحين حاول محور الخليج صناعة رجل دين يكون بمثابة المعادل الموضوعي الذي يقابل شخص مفجر الدولة الإسلامية في إيران أية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني، ألا وهو زعيم الجماعات المتطرفة التي عرفت باسم القاعدة (أسامه بن لادن)، فمنحوه خصائص خطابية ودعم إعلامي يتساوق مع الخطاب الإسلامي الذي يؤكد عليه مجمل رجال الجمهورية الإسلامية الايرانيه. إذ اخذ محور الخليج العربي ومنذ ذلك الحين يرعى هذه العصابة ويمدها بالمال والسلاح، ويكون لها حضورا استثماريا متناميا عابرا القارات، وفق الاشتغال على مبدأ اقتصادي جديد عرف بالشركات القابضة وليس هناك أكثر شهرة من شركات بن لادن العالمية.

لكن واقع الحال يؤكد أن المبدأ السياسي الاستراتيجي والأيدلوجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية كان ولا يزال مبدأ يعتمد في جميع اشتغالاته على مغادرة الرقعة الجغرافية التكوينية لإيران، من اجل ملامسة قضايا الأمة الإسلامية، فهي تؤكد حضورها في باكستان وأفغانستان والهند واندينوسيا شرقا وفي العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن وفلسطين غربا، فضلا عن اشتغالها الدولي مع مختلف دول العالم في سلم متنامي ومدروس.

أما دول الخليج بمحورها الثلاثي فكانت تفكر بطريقة ثانية، فإذا ما تفكرنا في مبدأ تحقيق الوجود خارج الحدود وفقا للسياسة الإيرانية، فإننا سندرك أن أهم نتائج هذا المبدأ هو بث فكرة المقاومة، بينما سعت دول الخليج وعلى راسمهم السعودية لمحاربة خط المقاومة وتأسيس جبهات مسلحة تعتمد في الأساس على تفعيل الصراع الطائفي من اجل بقاء الهيمنة الخليجية على المنطقة اقتصاديا وعسكريا.

وفي الوقت الراهن أثار التغير الديمقراطي في العراق مجمل دول الخليج كما أثارته من قبل فكرة التغيير الديمقراطي في ايران، غير أن الرعاية الأمريكية لدول الخليج واحتضانها لعصاباتها المسلحة والتفكير المشترك لإنشائها هو ما دفعهم للتفكير بسوريا العراق بحجة إعاقة نمو وتطور الهلال الخصيب، والدفاع عن أهل السنة في العراق وسوريا وهي حجج طائفية بامتياز.

ولعل مثل هذا الكلام لن يكون مقبولا عند الجميع، لكن قبول الفكرة من عدمها مقرون بالوقائع والمعطيات التي يؤكد عليها واقع الحال، فهناك تحالف دولي لإسقاط صدام حسين باردة مشتركة خليجية أمريكية ساهمت فيه أكثر من ثلاثة وثلاثين دولة، وبقيت الكثير من مخططات ما يجري بالمنطقة بمثابة النتائج أو التداعيات لذلك التحالف، وما سحبة من تدهور اقتصادي واجتماعي وسياسي من خلفه، فلولا التهور السياسي السعودي لما كان لأمريكا من وجود في المنطقة، إلا أن تنامي درماتيكية الحدث السياسي يؤكد وجود تعاون خليجي أمريكي واضح المعالم.
وهنا بدأت هوية الصراع تتأكد شيئا فشيء مابين إيران وحلفائها في المنطقة، ومابين السعودية وحلفائها في الزمان والمكان ذاته (تركيا والأردن ومصر ودول الخليج العربي)، ولعل هذا هو ما جعل الحرب أن تبدو حربا بالوكالة، لان من يقف خلف المعسكر الإيراني (روسيا)، ومن يقف خلف المعسكر السعودي أمريكا، لكن مع حضور روسيا المباشر في المنطقة قد تتأكد فكرة الانتقال إلى الحرب بالأصالة وتكون الأراضي العراقية والسورية هي محط النزاع المباشر مابين روسيا وأمريكا، واستعراض كل منهما قوته أمام الآخر، والخسارة إنما هي خسارة الوجود السلمي لشعوب المنطقة.

لذلك علينا أن نقوم بمراجعة الخطوات بشكل متتابع في مسارها التاريخي لتشخيص الأهداف المشتركة التي تهدف إليها كل من أمريكا ودول الخليج وان نجدد قرأتنا للأحداث بشكل متغاير، ووفقا للتحليل البنيوي فإنه بإمكاننا الكشف عن عشرة مراكز خطابية تهدف إليها السعودية وأمريكا وهي ما ذكرته في مقال مستقل بعنوان الاهداف العامة لصناعة التطرف في المنطقة العربية والاسلامية، وبالامكان مراجعته.

وفي النهاية علينا تأكيد خصوصية التداول مع بعض دول العالم وتنميتها من اجل تحويل المصير المجهول إلى مصير معلوم، فما يجري من تهديد للبنى التحتية والاستهداف المباشر لمفاصل الوجود الشيعي هو ما يدفعنا لإقامة تحالف دولي يوازن تحالف دول الخليج في المنطقة، والانفتاح على دول عظمى في منطقة الشرق مثل كوريا والصين وروسيا والتخلي عن ازدواجية التعامل السياسي، الذي حاولت أمريكا أن تلعبه منذ حكومة الطاغية صدام حسين وحتى الآن.


د. أحمد جمعة البهادلي
بغداد
27 / 10 / 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل