الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير ميليس ..دمشق بعد بغداد

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 10 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كاتب وصحفي سوري
يستطيع المرء التحدث طويلاً عن تقرير ميليس وتسييسه ومغالطاته...
ورغم ضخامة التقرير إلا أن محتواه كان قد عبر عنه الكثيرون منذ (14 شباط) في ردة فعل (عاطفية) على فقدان رجل بحجم رفيق الحريري.. إلا أن التحقيق والبحث الجنائي أمران يختلفان عن ردود الفعل العفوية عند الناس وارتجالهم المواقف من حيث توجيه الاتهامات والإدانات لهذا الطرف أو ذاك..
ارتكز ميليس في تقريره على نقاط ثلاثة:
ـ الشهود والقرائن والاتصالات الخليوية.
والنقاط الثلاثة تعد ساقطة جنائياً ولا يمكن لمحكمة محلية أو دولية أن تعتد بهم...
فميليس لا يملك شاهداً واحداً (شاهد أو رأى).. جميعهم يقولون: (سمعنا).. و(سمعنا) هذه تلغي فكرة الشاهد الذي يعتمد جنائياً على أنه رأى الحدث... ولم يسمعه عن طريق الآخرين.
أما ما سمي (دلائل).. فلا يملك ميليس دليلاً واحداً يقطع بتورط (شخص) واحد فقط ، فضلاً عن نظام بأكمله بهذا الاغتيال... وكل ما قدمه هو عبارة عن قرائن تسقط عند أول جلسة محاكمة.. وربما لا تبلغ عتبة المحكمة.
أما الاتصالات الهاتفية فلا توجد محكمة في العالم تتعامل معها على أنها (دليل) لأن دوبلاج الصوت قد يورط ميليس نفسه بهذا الاغتيال.. وبالتالي فهي عبارة عن قرائن قد تستأنس المحكمة بها في حال دعمتها أدلة قاطعة..
وميليس نفسه اعترف أن تقريره أولي وغير قابل للعرض على أية محكمة بهذا الشكل... وما زال الجميع (ممن أشار إليهم التقرير) خاضعين للبراءة.
ومع ذلك أخذ هذا التقرير صدى إعلامياً عالمياً كما لم يأخذه تقرير آخر.. وتحول إلى حدث شرق
أوسطي ـ عالمي قد يقود المنطقة إلى مزيد من التوتر.. والنزاعات.. وربما إلى حرب ما؟!..
قلنا سابقاً لو أراد (آل الحريري) تحقيقاً دولياً نزيهاً لا يحمل بين طياته (أحقاداً) وتصفية حسابات من جهة، ولا مكاسب سياسية تكتيكية ومؤقتة من جهة ثانية.. لكانوا لجؤوا إلى لجنة تحقيق خاصة.. وللعلم فإن لجان التحقيق الخاصة تعتمد دولياً بالقوة الجنائية والقضائية نفسها التي تتمتع بها لجنة ميليس، إلا أن الفارق بين اللجنتين أن الخاصة قد لا تخضع لشروط التسييس التي تخضع لها اللجان الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.. وتاريخ هذه اللجان معروف لأنها دائماً وأبداً تأتي بنتائج سياسية ترتبط بمن شكلها وكلفها، وتاريخ هذه اللجان معروف بدءاً ببرلين ولجنة تقصي الحقائق في القدس وصولاً إلى كوسوفو وبغداد.
نتائج ميليس أرادها جورج بوش كما هي حرفياً.. تورط النظام السوري في أعلى مستوياته تمهيداً لمعاقبته لأسباب أخرى لا تتعلق باغتيال الحريري... أسباب تتعلق ببغداد أولاً ثم الساحة الفلسطينية... وآخرها الساحة اللبنانية.
ربما احتوى تقرير ميليس كثيراً من (الغرائب) كتحقيق جنائي وقضائي.. إلا أن أغلب ما فيه هو الإعلان عن محتواه في الوقت الحالي، فالتقرير لم ينتهِ ولم يتوصل إلى أية (دلائل) ومع ذلك فقد تم الإعلان عنه وفي هذه المرحلة.. تحديداً؟!!.
لنربط بين تمرير الدستور العراقي وجولة عمرو موسى في العراق وبين هذا الإعلان.. النتيجة واضحة.
الآن حان دور دمشق، تمرير الدستور سيمضي بالعراق نحو توترات أقل، وعمرو موسى سيجعل للعرب دوراً في العراق يعوّض (السنّة) عن أي دور سوري .. هو مسعى نحو احتواء الرفض السني، وربما نحو احتواء المقاومة العراقية في إطار عربي يفرغها من محتواها العسكري والسياسي..
كل ذلك (يقصقص) آخر ما تبقى لسوريا في العراق، ولا حاجة لها بعد الآن أميركياً للتفاوض أو عقد صفقة معها..
وبالتالي فلا شيء يمنع الآن من معاقبة سوريا فعلياً كخطوة إضافية وهامة في ترتيب البيت الشرق أوسطي كما تراه واشنطن وتل أبيب... والكثير من الأنظمة العربية (العاقلة)...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت