الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب والاستعمار والكيل لغيرهم بكيل الاستعمار

انور سلطان

2015 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لطالما تحدث العرب عن الاستعمار الغربي وسيئاته، وتحميله مسؤولية تقسيم "الوطن العربي"، وكأن العرب كانوا دولة واحدة موحدة متحدة وأتى الاستعمار ليقسمها. يتناسى العرب ان وجود دولة عربية واحدة كان الاستثناء التاريخي، وبعد صدر الدولة العباسية شكل العرب امارات متفرقة. حتى في ظل الدولة الواحدة - التي تشكل الاستثناء التاريخي- كانت هناك حروبا مستعرة على السلطة، انتهت الى استقلال كل أمير بامارته.
ومن المغالطات العربية تعميم اتفاقية سايكس بيكو التي انحصرت في الشام والحديث عنها وكأنها تقسيم للعالم العربي. وكأن العالم العربي لم يكن مقسما الا بعد سايكس بيكو. بل حتى الشام لم يكن موحدا قبل سايكس بيكوا حتى يقال ان سايكس بيكو قسمته.
ومن عدم انصاف العرب عدم ذكرهم لايجابيات الاستعمار الغربي، بل سيعتبرون القول ان للاستعمار الغربي ايجابيات جريمة لا تغتفر.
فلقد كانت هناك بضعة ممالك عربية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أما بقية العالم العربي فقد كان يعيش مرحلة ما قبل الدولة. ولولا الاستعمار كان يمكن أن يظل هكذا أو يتحول، في أحسن الأحوال، الى مئات من الامارات والدويلات.
من ايجابيات سايكس بيكو أنها حولت الشام من دويلات وامارات طائفية متناحرة الى دول حديثة. ومن ايجابيات الاستعمار أنه حول العالم العربي من وضع ما قبل الدولة الى وضع الدولة. ان محاولة الدول الاستعمارية الى ايجاد مناطق نفوذ لها حول هذه المناطق الى دول في النهاية.
لم يكن العالم العربي مهما اقتصادا للاستعمار القديم، بل كان مهما لموقعه على طريق التجارة، ولذلك لم تكن للاستعمار الغربي اضرار كبيرة على العرب كما حدث في الهند وافريقيا وامريكا اللاتينية.
وجد الاستعمار العرب مقسمين. كما أن هنام مناطق شاسعة من العالم العربي لم تعرف الدولة. وليس مهمة الاستعمار توحيد العرب، وانشاء دولة عربية موحدة. والنقد الموجه للاستعمار يتكئ دون وعي الى فكرة تقصير الاستعمار في توحيد العرب، او وقوف الغرب ضد توحد العرب، واعتبر هذا تقسيما للعرب، والمطلوب هو الدليل، ووجد الدليل في اتفاقية سايكس بيكو.
وقوف الغرب ضد وحدة عربية شئ، وتقسيمه للعرب شئ اخر تماما.
لقد كان العرب في الواقع في حضيض التخلف، ولا توجد دول عربية حديثة ما عدا مصر، وللحملة الفرنسية فضل في حداثة مصر، ثم لمحمد علي الطامح لبناء دولة حديثة على غرار الدول الاوربية. وهذا الحضيض هو الذي ينبغي أن يلام، أو بالأحرى العقلية التي صنعته، لا الاستعمار، ولو كان العرب في طرف قصي بعيد عن طريق أوربا الناهضة، بفقره حينها في الموارد، وحالة الحضيص التي هو فيها، لكان من الراجح بقاؤه الان في حضيضه ذاك. فرغم الموقع الهام الذي يجعله على تماس بكل العالم، ويجعله في احتكاك مباشر بالحضارة الحديثة، الا ان النزعة للتخلف ما تزال قوية، فكيف لو كان معزولا.
والعرب عندما يلومون الاستعمار الى درجة نسيان أي ايجابية للاستعمار، يمارسون في الواقع نفس الخطأ، الذي يلصقونه بالاستعمار، تجاه الشعوب غير العربية التي اوقعها حضها العاثر تحت هيمنتهم. ومن ذلك موقفهم من القضية الكردية. يحق للأكراد ان يتهموا الاستعمار بتقسيهم اكثر مما يحق للعرب. لكن عندما يصل الحديث عن تقسيم الاستعمار للأكراد يصمت العرب صمت القبور.
أليس من الظلم تقسيم قومية بين أربع دول، كلها مسلمة، وأثنتان منها عربية؟ أليس هذا الوضع اقبح من الاستعمار الغربي؟ لماذا لا تضعون أنفسكم مكان الاكراد لتفهم قضيتهم؟ كيف تلومون الغرب أنه يكيل بميكالين بينما أنتم تكيلون بأكثر من مكيال، مع الأدعاء بالتفوق الأخلاقي على الغرب.
ونفس الأمر مع الاعلام، يلومون اعلام الغرب وانحيازه، وينسون انحياز اعلامهم من القضية الكردية، ولا ينبس هذا الاعلام ببنت شفه ويعتبر الحديث فيها محرما. وهذا اكثر من مجرد انحياز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد