الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنصور وصدام والمثقفين العرب

حسين ديبان

2005 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


دفاعا عن التاريخ والتراث,ودفاعا عن الإرث الحضاري والسلف المثالي,ودفاعا عن الدين وخلفائه الصناديد الفاتحين,تبارى جمع من(( المثقفين)) العرب الغيارى الميامين الى الهجوم على من صورت لهم مخيلتهم بأنهم وراء تفخيخ وتفجير تمثال أبو جعفر المنصور الخليفة الديكتاتور,ومع رفضي المطلق لسياسة التفخيخ والتفجير التي لم تطل حتى الأن إلا الأبرياء من العراقيين,فإني أؤكد أن عمليات التفجير هذه تطال ولأول مرة هدفا صحيحا كان يجب أن يزال منذ زمن طويل وبأي طريقة كانت,فيما لو أراد العراقيون حقا الخروج من الزمن الديكتاتوري بكل رموزه الكريهة والمظلمة الى أنوار الديمقراطية والحرية وإحترام حقوق الإنسان,فالطاغية لا مكان لتبجيله وتكريمه إلا من قبل طاغية مثله,وينطبق هذا على كل الطغاة في كل زمان ومكان,وجرائم هؤلاء لا تسقط بتقادم السنين.


لا أفهم عن ماذا يدافع هؤلاء(( المثقفون)),وعن أي إرث حضاري يتحدثون,ولم يصل الى أسماعنا من حقبة ذلك الطاغية ومن سبقه ومن لحقه,إلا القتل والإضطهاد والغدر بعد أن اعتقلوا الله(أيها الناس,إنما أنا سلطان الله في أرضه,أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده,وحارسه على ماله,أعمل فيه بمشيئته,وإرادته وأعطيه بإذنه,فقد جعلني الله عليه قفلا,اذا شاء أن يفتحني فتحني لإعطائكم,واذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني)- الكامل في التاريخ لإبن الأثير- وأصبحوا هم الآلهة وهم من يهب الحياة أو يقبض الروح,وبيدهم مفاتيح الجنان ان أكرموا المتزلفون المتملقون,وجحيم النار إن عاقبوا المتمردون من المعارضين الكفرة والزناديق المارقين,وعلى هذا المنوال تجد المنصوريقتل ويغدرو ويهدد ويتوعد(أيها الناس..لاتخرجوا عن أنس الطاعة الى وحش المعصية,ولا تسروا غش الأئمة,فإن من أسر غش إمامه أظهر الله سريرته في فلتات لسان,وسقطات أفعاله,وأبداها الله,إن من نازعنا هذا القميص أوطأناه مافي هذا الغمد,ومن نكث بيعتنا فقد أباح دمه لنا)-في التاريخ العباسي للدكتور أحمد مختار العبادي-,ولأن المنصور يعلم تماما كيف أصبح حال رعيته بعد حوالي اثنين وعشرين عاما هي مجموع سنوات حكمه من القتل والقمع والتخويف والترهيب والتجويع وهي ذات السياسة التي مارسها الديكتاتور المخلوع صدام حسين ويحاكم عليها هذه الأيام,فإننا نجد المنصور يوصي ابنه بعد أن دنا من الأجل المحتوم واصفا أحوال الرعية(إني تركت لك الناس ثلاثة أصناف:فقيرا لايرجو إلا غناك,وخائفا لا يرجو إلا أمنك,ومسجونا لا يرجو الفرج إلا منك..),فعن ماذا تدافعون أيها المثقفون بالله عليكم...هل تشعرون بالفخر وأنتم تدافعون عن هذا الإرث العار..أي نوع من المثقفين أنتم..


إن أشباه المثقفين العرب وتعويضا-خوفا من نقمة الأحرار- من ذرف الدموع على محبوبهم وبطلهم ومانحهم وواهبهم صدام حسين..ذرفوا الدموع على جده وسلفه الغير صالح أبدا أبو جعفر المنصور..وهم بذلك كأنهم يذرفوا هذه الدموع على صدام..إنها تقية المثقفين العرب-بقايا العروبيين والمتأسلمين- واذا علمنا أن أبو جعفر المنصور قد ولد في نفس العام الذي مات به سفاحا آخر هو الحجاج بن يوسف الثقفي في توالي قدري لإستمرار الطغاة فإن من المستحسن جدا أن يحاكم المنصور في ذات الوقت الذي بدأت محاكمة حفيده صدام حسين,وهذه نهاية طبيعية للطغاة وإن تأخرت بعض الشيئ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف