الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنه الصراع

غربي حبيب

2015 / 10 / 30
الادب والفن


إننا حين نلج ساحة العالم الإسلامي في قرنه الأول،نجد أنفسنا وجها لوجه أمام تحديات جديدة تقف في وجه الدين الجديد، إما تحاوره من داخله وإما تنابزه من خارجه، وقد كان الوطء أشد من الحركات الداخلية التي ترى في نفسها الفهم الصحيح للدين الجديد، وتخطِّئ غيرها في الجزئيات والنصوص.
فإذا أدرنا نشأة البلاغة العربية على الصراع، وما يصاحبه من قول وجدل، فإن الساحة الإسلامية تقدم ذلك الفضاء الخصب لنمو أسباب القول الفصيح، وانتشاء أدوات البلاغة، واتخذها في نهاية المطاف وسائل للسيطرة التوجيه.
لأن:« كلمة الصراع تنطوي على تجاذب وتنافر وما بينهما من حركة، ويعبر عن هذه الحركة عادة بلفظ مثل الإقناع والجدل، والحجاج. ومن ثم نستطيع أن نذهب إلى أن البلاغة مرادفة لبعض مظاهر الصراع العقائدي في اللغة.» ما دام الاستعمال هو الذي يلون اللغة ويصبغها بصبغته الظاهرة. فإذا علمنا أن ما يصطرع في الساحة الإسلامية، جدلٌ قولي قد يرفده السيف في لحظات التأزم القصوى، أدركنا ما للبلاغة والاقتدار القولي من مفعول في المتخاصمين الذين يطرحون آراءهم طرحا قد لا يتَّسم في كثير من الأوقات بالروية والهدوء، وإنما يرفعونه في أحايين كثيرة على شبا السيوف والرماح.
وكلما قام الصراع على ثلاثية الإقناع، والجدل، والحجاج.. كلما اعتمد على أفانين القول، يُخرج بها مادته إخراجا يمكِّنه من إذعان الآخر، والسيطرة عليه. فليس من باب الجدل، ولا من مطالب الحجاج إحقاق حق،أو إبطال باطل، وإنما مطلبه الأول والأخير حمل الآخر على اعتقاد جديد،أيًّا كان ذلك الاعتقاد، وأيًّا كانت مادته، ومن ثم َّإفحام الخصم وإسكاته وتبكيته. والملاحظ أخيرا أن الأدب الجاهلي: شعرا أو نثرا، لم يحمل شيئا من هذا الصراع، ولم يفصح عن أي آلية من آلياته في دواوينه ومتونه. ولذلك لم يجد العربي الأول حاجة إلى تشقيق القول في المسائل البلاغية التي لم يعرفها إلا أنماطا في القول يستعين بها عند ضرورات التعبير وحسب.
لقد نبه القرآن الكريم إلى حقيقة الجدل حينما أشار إلى الصراع الذي كان يدور دوما بين الأنبياء والرسل وأقوامهم ممن يرفضون الدين، فيقفون في وجه الدعوة وقفة المجادل المصارع .
ويسعون إلى استمالة البقية الباقية من ذويهم إلى صحة مذهبهم، وسلامة اعتقادهم. ويستعملون لذلك ما أوتوا من طاقات القول في الجدل والإقناع. والقرآن الكريم: « أوضح دليل على هذا الزعم. وهو يشير إلى أن من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا.. هذا ما يسمى بالاستمالة وأشار إلى القول (الباطل) الذي يغري بالاستماع إليه، والحق البريء من الزينة. » وكأن القدرة على تشقيق القول قد تتخطى في أحايين كثيرة حدود المتعارف عليه من القيم، كالحقيقة، والصدق، والباطل، فتزيفها تزييفا يُظهرها على غير طبيعتها. ذلك هو مفعول "السحر" المنوط بأسباب القول، المتصل بأفانين البلاغة، الذي يبلد الحس، فيستدرج السامع إلى بغية المتكلم، فينقاد له انقيادا. كل ذلك والمتحدث يجانب الحق، وينتصر للباطل،ويتنكر للعقل. ورب باطل وجد في ألسنة البلغاء شُعَبا للتفنن في الإخراج والبهرجة فأكسب ذويه سلطة ونفوذا، ورب حق لم يصاف في مخرجيه إلا عيا وحصرا وضيق صدر، فلم يُخلف في سامعيه إلا تولِّيا وصدودا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-