الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقسيم كيري الجديد - دلالات جديدة ونتائج خطيرة -

علي طالب الملا

2015 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



أطلق وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم الأربعاء الماضي (28 تشرين الأول 2015) العنان لتقسيما سياسيا جديدا للصراع في الشرق الأوسط والعالم العربي سيكون له، أي لهذا التقسيم، دوره ودلالاته على "البيئة" السياسية الجديدة في منطقتنا بعد الاتفاق الأميركي الإيراني.جاء ذلك في كلمة افتتح فيها بواشنطن برنامج "آفاق العالم العربي" البحثي الذي تعدّه مؤسسة كارنجي،

ومن الآن فصاعدا هناك وصف أميركي جديد في الشرق الأوسط ستترتّب عليه نتائج خطيرة: إما أن تكون الدولة بنّاءة أو هدامة. وكل تحديد لمستقبل الدولة سيتعلّق في المرحلة المقبلة لا باعتدالها أو تطرفها، شريرة أو خيِّرة، متخلِّفة أو متقدّمة وإنما بنّاءة أو هدّامة. ومنذ توقيع الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران يستمر صندوق "المفاجآت" في الشرق الأوسط بإطلاق تطورات وعلاقات ومصطلحات سياسية مختلفة عما سبقه، سبق هذا الاتفاق. التطور الأخير يتعلّق بالمصطلحات. يصنِّف الآن كيري حرفيّاً قوى الشرق الأوسط بأنها فريقان: البنّاؤون والهدّامون ! من سيتحوّل إلى بنّاء ومن سيتحوّل إلى هدّام في مرحلة ما بعد سايكس بيكو البادئة ؟ البنّاؤون والهدّامون مصطلح جديد و ذو معنى وينسحب على ما تختزنه الأيام الشرقْ أوسطيّة من تحوّلات بادئة أصلاً... و كلمة "أصلاً" هنا تعني الاتفاق النووي.

ذكرياتنا الطازجة حول سنوات صراع قوى الخير وقوى الشر في عهد رونالد ريغان مرورا بمحور الشر في عهد الرئيس جورج بوش الابن إلى صراع الاستبداد والديموقراطية في ولاية باراك أوباما الأولى إلى صراع البنّائين والهدّامين اليوم في أواخر ولاية باراك أوباما الثانية. كل من هذه الشعارات إما "صنع" أحداثاً جِساماً في المنطقة وإما كان مظلّة تعبوية لأحداث جسام . لنترك شعار حملة ريغان الأول (الخير والشر) الذي كان عالميا ولم يقتصر على الشرق الأوسط وانتهى بسقوط الاتحاد السوفياتي. فالشعارات الأخرى خلقت مناخا صراعيا أدى إلى صعود قوى جديدة، الأصوليّون من جهة والنخب الشابة المتنورة من جهة ثانية،

وترافقت هذه الشعارات مع انهيار مريع غير مسبوق لدول أربع هي اليمن وليبيا وسوريا والعراق. فشلت الحركات الشبابية في عدد من البلدان باستثناء تونس بينما صعد نفوذ الاسلاميين الأصوليين بنسخ جديدة أدت إلى استحداث دولة جديدة على أجزاء واسعة من سوريا والعراق بقيادة الكائن الحقيقي ولكنْ الغامض والمفتَعَل "داعش". وخلال كل ذلك كان الصراع الأميركي مع إيران في ذروته على مدى نحو عقد وفيه حقّقت إيران أو ثبّتَتْ عددا من الاختراقات الجيوبوليتيكية غير المسبوقة في منطقة المشرق العربي الآسيوي ولكنها عُزِلتْ على مستوى آخر بالصراع السني الشيعي .إذن العنوان الأميركي الجديد للمنطقة بعد الاتفاق مع إيران (الذي شاركت فيه الدول الكبرى أو 5+1) ليس استعادة الشعار القديم المستهلَك والمفلس عن الصراع بين المعتدلين والمتطرّفين الذي ساد في تسعينات القرن المنصرم بل هو الصراع بين "البنّائين والهدّامين". منذ الاتفاق الإيراني الأميركي بل حتى قبل توقيعه انفتحت أبواب جديدة وواسعة في الاستثمارات والتوازنات الاقتصادية ولكنْ المتابع المتخصص في الموضوع السوري حصل التالي:

الأبرز هو الدخول الروسي العسكري الصاعق على الحرب في سوريا.

التأييد المصري لهذا الدخول باعتباره يساهم في محاربة الإرهاب.

الهدوء الاسرائيلي الواضح حيال الدخول الروسي.
اجتماع فيينا يُدخِل إيران للمرة الأولى إلى طاولة دولية حول الأزمة السورية ومن شأن هذه الطاولة أن تفتتح مرحلة البحث عن حل سياسي للأزمة السورية وان كان هناك عنوان واضح حسم الاجتماع مبكرا وهو مصير الرئيس الأسد الذي لايمكن ان يتداول به دون إشارات وتحضيرات من المؤكّد أن البحث فيها سيستغرق سنواتٍ ليس فقط من التفاوض بل بالتوازي من التغييرات الميدانية والسياسية.
وحتى اجتماع جنيف وان واجه صعوباتٍ ومفاجآتٍ سلبيةً هو عنوان لـ"طاولة البنّائين" من الآن فصاعدا. من يجلس حولها سيكون بنّاءً أي مشاركا في صناعة الشرق الأوسط الجديد وحدودِه الداخلية الجديدة، ومن لا يشارك لا "حصة" له وفي حالة الدول الصغيرة لا وجود.
لنقرأ كيف قدّم الوزير كيري الشعار الأميركي الجديد:
"أبعد من كل الإحصاءات الباردة، أبعد من المانشيتات اليومية للصحف... أبعد من تأثير العنف على الشرق الأوسط... هناك كتلة انسانية ... تتطلّع لتساعد بعضها البعض وتتشارك في العواطف من جيل إلى جيل آخر. وأبعد من تعقيدات تلك المنطقة هناك أيضا أمر أساسي يحدث: الصراع بين الذين يريدون فتح الجروح أو تركها مفتوحة وبين الذين يريدون ختمها ومعالجتها وبناء مستقبل الصراع بين الهدّامين والبنّائين هو الذي يوجِّه كل سمة من سمات السياسة الأميركيّة في الشرق الأوسط... هدفنا هو المساعدة على تأمين أن البنّائين والمعالِجين في كل المنطقة ستكون لديهم الفرصة لتحقيق هذه الأهداف"
لنجهز أنفسنا من الآن فصاعدا الى ترتيب جديد وصف جديد في الشرق الأوسط ستترتّب عليه نتائج خطيرة: إما أن تكون الدولة بناءة أو هدامة. وكل تحديد لمستقبل الدولة سيتعلّق في المرحلة المقبلة لا باعتدالها أو تطرفها، وبكونها شريرة أو خيِّرة، متخلِّفة أو متقدّمة وإنما بنّاءة أو هدّامة. وقد يكون هذا الوصف امتداد لما سبق وتحضيرا لأوصاف قادمة ان لم يكن متوافقا مع ماخطط من أجله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24