الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحطيم الداعشية وكسر نظام الآحادية القطبية العالمية لاميركا

جورج حداد

2015 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك ان القيادة الروسية، بما اظهرته من حكمة وحزم في ادارتها للازمات التي واجهتها حتى الان، كالازمة الأوكرانية، والجورجية، والمقاطعة الاقتصادية، وتحريك الحرب الباردة من جديد ضدها، لم تتخذ قرار التدخل العسكري الجوي في سوريا بشكل متسرع، بل بعد تحضير كامل ودراسة معمقة وشاملة مع الدولة السورية والحلفاء الميدانيين والاقربين: الصين وايران وحزب الله وبيلاروسيا والجمهوريات الإسلامية السوفياتية السابقة.
اميركا تبلغت بشكل انذاري
وبعد استكمال التحضيرات الشاملة التي تأخذ بالاعتبار جميع ردود الفعل الممكنة، وقبل بدء العمليات بساعة كاملة، قام جنرال روسي بزيارة السفارة الأميركية في بغداد، وابلاغها ببدء الطيران الروسي عملياته في سوريا بعد ساعة من لحظة التبليغ، وبضرورة فتح الطريق امامه من قبل طائرات التحالف الدولي الذي تقوده اميركا، لتجنب حدوث أي تصادم غير مقصود في الأجواء قد يؤدي الى شن حرب نووية شاملة ضد اميركا وحلفائها.
رأس جبل الجليد
والواقع ان العمليات التي بدأتها القوات الجوية والفضائية الروسية في سوريا ليست محدودة بالساحة السورية وحدها، ولا تشمل فقط القوات الروسية التي تشارك مباشرة فيها، بل هي كما يقال "رأس جبل الجليد" لعملية تحضيرات عسكرية واسعة النطاق، تشمل الكرة الأرضية والفضاء الكوني المحيط بها بأسرهما، استعدادا لحرب عالمية نووية واسعة النطاق.
الضربة الأولى ضربة نووية
وروسيا هي مصممة على تطبيق عقيدتها العسكرية الجديدة التي تقضي ان تكون لها هي "الضربة الأولى" في أي حرب عالمية محتملة وان تكون الضربة الأولى بالتحديد "ضربة نووية" (هي ولا شك ـ اذا حدثت لا سمح الله ـ ستكون الضربة القاضية، الأولى والأخيرة، على اميركا ودول الناتو بأسرها). فلأجل خوض هذه الحرب الإقليمية بنجاح، ودون تعريض الامن القومي الروسي للخطر، فإن القوات الروسية هي مستنفرة بالكامل، برا وبحرا وجوا وفضاء، لخوض الحرب العالمية النووية الشاملة، كما ان القوات الروسية قد تحضرت للحرب الإقليمية المحدودة في سوريا منذ شهور عديدة، مع الاخذ بالاعتبار انها قد تكون مقدمة للحرب العالمية النووية الشاملة.
روسيا اتخذت قرار الحرب لتنتصر
وقد ذهبت روسيا الى هذه الحرب، سواء بالشق الإقليمي في سوريا او الشق العالمي اذا وقع، ليس كي تساوم، وتبيع وتشتري مواقف او مواقع، كما يروج بعض وسائل الاعلام المأجورة او السطحية، بل ذهبت الى الحرب لتنتصر... وفقط لتنتصر!!!
تمرين ميداني حي لكل الجيوش الروسية
لقد كانت الحرب الفيتنامية ـ الأميركية، التي شارك فيها العسكريون الروس (السوفيات) في الدفاع عن أجواء فيتنام الشمالية (حينذاك)، آخر "تدريب ميداني حي" يشاركون فيه. والان، فإن الفرصة ستعطى لكل الوحدات الجوية الروسية وكل الطيارين الحربيين الروس للمشاركة في هذا "التدريب الميداني الحي" في سوريا. والشيء ذاته يقال عن القطعات البرية (خصوصا الكوماندوس) وقطعات الدفاع الجوي الصاروخية الأرضية والقطعات البحرية والوحدات الفضائية وغرف العمليات الالكترونية، المساندة للحملة. وهذا كله ليس في مصلحة الجيوش الغربية التي (اذا استثنينا الجيش الإسرائيلي) تحولت في الاغلب الى جيوش استعراضية غير صالحة تماما للقتال الفعلي، باستثناء استخدام بعض الأسلحة المتفوقة تكنولوجيا كالصواريخ المجنحة والأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمت في أفغانستان والعراق وجزئيا في ليبيا.
الهدفان الستراتيجيان للحرب الروسية الحالية
وقد وضعت القيادة الروسية لهذه الحرب هدفين ستراتيجيين منفصلين ـ متصلين هما:
تحطيم الداعشية
ـ1ـ الحد الأدنى: تحطيم مشروع الدولة الداعشية والمنظمات الإرهابية في سوريا، مما يسهل تحطيمها في العراق، بدون او بمشاركة القوات الجوية الروسية، اذا طلبت الحكومة العراقية ذلك رسميا. وسيكون تحقيق هذا الهدف في مصلحة سوريا والعراق والدول العربية جميعا بما فيها الدول التي مولت وسلحت هذه العصابات، فانقلب السحر على الساحر، كما في مصلحة روسيا وحلفائها وأوروبا والصين وجميع دول العالم بما فيها وربما خصوصا اميركا ذاتها.
نهاية مرحلة الآحادية القطبية لاميركا
ـ2ـ الحد الأعلى: ليّ ذراع اميركا، ودفن ستراتيجية الآحادية القطبية التي اخذت اميركا تطبقها على العالم بعد الحرب الكويتية وطرد نظام صدام حسين من الكويت في 1991. ولا بد من الإشارة هنا انه ليس روسيا وحلفاؤها وحسب، بل حتى الدول الحليفة تقليديا لاميركا كانت في عداد المتضررين من الآحادية القطبية الأميركية. وقد تجلى ذلك في التلاعب الأميركي بأسعار الطاقة وأسعار الدولار، عالميا، دون ان تأخذ اميركا في الاعتبار مصالح شركائها التقليديين انفسهم.
مشروع تهويد كل فلسطين
كما تجلى في استبعاد اللجنة الرباعية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عن المشاركة في المفاوضات "السلمية" الفلسطينية ـ الإسرائيلية، والاستئثار الأميركي بدور العراب المنفرد لهذه المفاوضات، التي تأكد أخيرا حتى "لاصحاب أوسلو" انها ليست اكثر من مشروع كسب وقت للتمدد المتواصل للاستيطان الإسرائيلي والاستيلاء على القدس بما فيها من مقدسات مسيحية وإسلامية، وطرد جميع الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، بمن فيهم حاملو البطاقات الإسرائيلية داخل "الخط الأخضر"، وإعلان يهودية كل فلسطين.
فشل مناورات الناتو في بحر الأسُود الروس
وأخيرا تجلى خطر الآحادية القطبية الأميركية في أوكرانيا والبحر الأسود، حينما ذهبت الطائرات والغواصات والسفن الحربية الأميركية للقيام بمناورات مع قوات الناتو والقوات الانقلابية الأوكرانية (التي خانت تاريخ شعبها السلافي ـ الاورثوذوكسي)، على امل ان تجد في اثناء المناورات أي ثغرة في الخط الدفاعي الروسي يمكن ان تتسلل منها الى القرم، وتضع الروس امام الامر الواقع، فكانت النتيجة ان الغواصات الروسية المرعبة كانت تطفو على السطح بمواجهة السفن الأميركية وتوجه نحوها طوربيداتها النووية التاكتيكية، فيضع ربابنة تلك السفن المساكين اغطية سوداء على شاشات راداراتهم الالكترونية ويتظاهرون بأنهم لم يروا شيئا، وتأخذ السفن الأميركية في الدوران حول بعضها البعض حتى يصاب بحارتها بدوار البحر الأسْوَد، الذي صار ينبغي تسميته "بحر الأسُود الروس".
ان العالم كله بعد الحرب الروسية في سوريا سيكون غيره ما قبلها
ومن اجل تحقيق هذين الهدفين الستراتيجيين، فإن القوات الروسية كلها موضوعة في حالة استنفار كاملة.
اميركا تحت الحصار النووي الكامل
ونكتفي بالإشارة بشكل خاص ان شبه القارة ـ شبه الجزيرة الأميركية الشمالية هي مطوقة بالعدد الكافي من الغواصات النووية الروسية، حاملة الصواريخ النووية اللازمة، المجنحة وغير المجنحة، التي صنعتها روسيا خصيصا لاميركا، لما لها من "مشاعر ود" خاصة لدى الشعب الروسي الصابر المناضل الجبار الذي تحمل تدمير بلاده تدميرا شبه كامل وقدم عشرات ملايين الشهداء من خيرة أبنائه في الحرب العالمية الثانية، لكي يأتي لقطاء العالم الاميركيون ويرقصوا فوق قبورهم المعلومة والمجهولة.
وكل واحدة من الغواصات المشاركة في الحصار البحري لاميركا من المحيطات الثلاثة: الأطلسي والهادي والمتجمد الشمالي، تحمل من "الهدايا" ما يكفي للتدمير الكامل لاميركا. وكل غواصة هي "مستقلة ذاتيا" Autonomous، ان لجهة الحاجيات اللوجستية والقدرات العسكرية، وان لجهة قرار توجيه ضربتها القاضية، بمعزل عن الغواصات الأخرى وبمعزل عن القيادة العليا اذا اقتضت الضرورة. وتتبادل الغواصات المناوبة بشكل دائم حول اميركا وهي بحالة الجهوزية القتالية لاطلاق الصواريخ النووية المرعبة في كل لحظة. والحد الأدنى الضروري لمهمة المحاصرة التامة لاميركا هو غواصة في كل محيط. ولكن روسيا اعتمدت وضع غواصتين كحد ادنى.
وبالإضافة الى مهمة قصف اميركا بالصواريخ المحملة كل صاروخ بعشرة رؤوس نووية، فإن هذه الغواصات قادرة على ضرب قاع المحيطات وافتعال تسوناميات بحرية ترتفع مئات الأمتار وربما كيلومترات بحيث تتلاطم مياه المحيطات الثلاثة لتشكل محيطا ارضيا واحدا ترقد في قاعه بسلام تام ما يسمى الان الولايات المتحدة الأميركية.
القيادات الاميركية تعرف...
والقيادات الأميركية، العسكرية والاستخبارية والسياسية العليا، تعرف ذلك تماما. وهذا ما يفسر لماذا تبدي القيادات العسكرية والاستخبارية الأميركية من "الحكمة" و"التعقل" و"الواقعية" اكثر مما تبديه القيادات السياسية التي تزايد بعضها على بعض، وتتخبط في مواقفها، واكثر مما تبديه خاصة آلة البروباغندا الأميركية المصابة بأمراض "الاستثنائية الأميركية" و"العظمة الهتلرية". ولندع جانبا اذناب اميركا هنا وهناك، الذين هم لا بالعير ولا بالنفير، ولن تكون لهم سوى جهنم وبئس المصير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممر رملي قد يدهشك وجوده.. شاهد كيف عبَر إماراتي من جزيرة إلى


.. حزب الله يعلن استهداف موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفر شو




.. لماذا تضخ الشركات مليارات على الذكاء الاصطناعي؟! | #الصباح


.. حكومة نتنياهو تستعد لتطبيق فكرة حكم العشائر خاصة في شمال غزة




.. هل يمكن للأجداد تربية الأحفاد؟ | #الصباح