الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل النشاط الاقتصادي للمناطق المحتلة من قبل داعش

ختام غياض عنبر

2015 / 10 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


يحكم المعاملات الاقتصادية مجموعة من القواعد والنظم والضوابط القانونية التى تحفظ حقوق المتعاملين وحقوق المجتمع، وعندما لا يتم الالتزام بها يحدث الخلل والفوضى التي ينجم عنها الاعتداء على حقوق الناس والمجتمع، ومن خلال التعامل غير المشروع بكافة صورة وسبله، وهكذا فكل صور أو نماذج الاقتصاد الاسود أو الخفي هى نماذج مخالفة للقانون والتشريعات.
وتأسيساً على ما سبق يوجد فئتين من المتعاملين في المجتمع: الفئة الأولى تمثل الأنشطة الاقتصادية الملتزمة بالقانون والتشريعات: وهى التي تمثل الاقتصاد الرسمي الأبيض أو الظاهر الواضح. والفئة الثانية هي الأنشطة فئة غير ملتزمة بالقانون والتشريعات :وهى التي تعمل بعيداً عن القانون وفى المجالات التي منعها القانون والتشريعات وهذه الفئة الثانية تمثل ما يعرف بالاقتصاد الخفي او الاقتصاد الاسود .وكلما زاد حجم معاملات الاقتصاد الاسود يترتب على ذلك الظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، والتهرب من أداء مسئوليته تجاه المجتمع والوطن ، وتحاول معظم التشريعات الحد من الاقتصاد الاسود وتفرض العقوبات الرادعة لمن يمارسه ولكن للأسف لم تحقق ما تصبو إليه من مقاصد ، وأصبح الاقتصاد الخفي يمثل نسبة عالية جداً قد تصل إلى 30 % من حجم الدخل الكلى في معظم البلاد المتخلفة .
وبعد احتلال داعش لثلث مساحة العراق، في 10 حزيران 2014 ، أخذت جغرافية العراق السياسية نعيش حالة من العدوان العسكري والعمليات الحربية الواسعة والمكثفة للرد على هذا العدوان ومواجهة قوى الإرهاب القادمة من خارج البلاد .ونتيجة لتلك الظروف حلت العمليات القتالية محل متطلبات الاستقرار والبناء والنشاط الاقتصادي المدني والعمليات الانتاجية والتسويقية المرتبطة به وعلى مساحة من أراضي العراق زادت على 35%. في حين تعرضت محاور النقل والتوريد وإمدادات السلع والبضائع والمستلزمات المختلفة وانتقال الاشخاص من والى خارج البلاد عبر الطرق البرية الى التعثر والانقطاع ولاسيما المحاور الغربية والشمالية والشمالية الغربية منها، معرضّة في الوقت نفسه إمدادات البلاد ومستورداته من شركاء العراق التجاريين من دول الجوار او من خلال النقل العابر منها الى الشلل او التوقف ولاسيما بلدان: سوريا والاردن وتركيا .
ولا يخفى أن النشاط الإقتصادي، في المناطق التي احتلها داعش، لا يُعتد به في الحسابات الاقتصادية للدخل القومي، بل يعد ضمن الإقتصاد الاسود وغير القانوني والتقديرات الأولية تؤشر: ان ثمة تدهور في مكونات الناتج المحلي الاجمالي في تلك المناطق يقدر بنحو 10% من قيمة الناتج الاجمالي المذكور سنوياً، والذي اصبح ضمن الإقتصاد غير الشرعي وخارج الحسابات الوطنية او حسابات الدخل القومي، ناهيك عن الدمار الذي حصل في الثروة الوطنية من بنى تحتية مختلفة ومكونات راسمالية مادية منتجة، أمست محطمة او متوقفة عن العمل او مسروقة او تحت سيطرة الارهاب حالياً.-واذا كان حجم السكان ممن هم تحت خط الفقر يقدر بنحو 19% قبل العاشر من حزيران في عموم العراق، فأن خط الفقر قد زاد اليوم ليلامس نسبة لا تقل عن 30% من سكان البلاد او اكثر، ويعزز ذلك وجود مليون ونصف مهاجر من المحافظات موضوع الصراع مع الإرهاب ،مضافاً اليهم معاناة السكان المحليين انفسهم ممن يواجهون الإرهاب بشتى الوسائل والذين إنقطعت بهم سبل الحياة المدنية وأساسيات الحياة كافة، كخدمات المياة والصحة والدواء والتعليم والكهرباء والعمل المنتج للدخل والإستقرار الإجتماعي وإنعدام معايير الحرية والتعبير عن الراي ونفاذ القانون ، ولا يخفى ان مؤشرات البطالة الفعلية التي بلغت 12% قبل العاشر من حزيران قد ارتفعت اليوم الى أكثر من 25% حسب التقديرات الرسمية، بسبب توقف النشاط الاقتصادي في خمس محافظات تشكل اليوم مسرحاً للعمليات العسكرية. علما ان البطالة الفعلية بين صفوف الشباب ربما ترتفع إجمالاً الى 38% في الوقت الحاضر بدلا عن 24-28%، كما كان مقدر لها.
وتعتمد سياسة داعش الاقتصادية في المناطق المحتلة اليوم ،على النهب والسلب وانتزاع الاتاوات من المسافرين دون تقديم خدمة لهم والضغط على اصحاب الاعمال بدفع الاتاوات لحمايتهم تحت التهديد بالموت او طردهم من اعمالهم وبيوتهم وفرضها على الموظفين للسماح لهم بالعمل ,هذه السياسة ادت الى الاضرار بفقراء المناطق المحتلة ، الذين لم يتمكنوا من الهرب والبقاء تحت المناطق التي يسيطر عليها داعش ، وهنا تدور في مخيلة الباحث عدة أسئلة وفي ظل الظروف المتردية هل يستطيع داعش ان يحافظ على على اقتصاد مستقر وهل يستطيع هذا التنظيم ان يواجه في يوم ما اقتصاد مستقر حيوي ,وما هو الهدف من سك عملة نقدية خاصة بة تعتمد على القيمة الذاتية للذهب والفضة وليست عملة ورقية كما هو متعارف علية في العالم ,وللاجابة على الاسئلة يمكن بالقول بان داعش لا يستطيع المحافظة على اقتصاد قائم على السرقة او المطالبة بفدية بالرغم من استيلاءه على أرصدة البنوك المحلية لذا فان داعش لايمكنه الإبقاء على دولتة المزيفة في مثل هذه الاقتصاد الأسود وغير الرسمي ،اما فيما يخص عملة داعش فهي محاولة أخيرة من جانب التنظيم لتوظيف أوراقة لمواجهة الأزمة وهنا يهدف التنظيم بإعلان عملته الى عدة أمور منها يوهم العالم بان التنظيم ليس عبارة عن مجموعات فوضوية إرهابية تسعى الى التخريب وإنما تسعى الى وضع أسس اقتصادية ، والأمر الثاني يسعى الى تنظيم حياة الإفراد الذين يعيشون في الأجزاء التي يسيطر عليها التنظيم ،اما الهدف من اصدار العملات المعدنية فهو لغرض خلق حالة من البلبلة والفوضى وعدم الاستقرار في النظام النقدي المحلي والدولي ، الذي استقر على التعامل بالعملات الورقية وأوقف التعامل بالعملات المعدنية منذ انهيار قاعدة الذهب في العام 1930 . وبالتالي فأن هذه الفكرة ليست سوى وهم من أوهام داعش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤكد أن نيكي هيلي ليست في قائمة المرشحين لمنصب نائب ال


.. هل انهارت مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس؟




.. الناطق باسم الدفاع المدني بغزة: القصف الإسرائيلي لم يتوقف دق


.. فلسطيني يوثق استشهاد شقيقه بقصف الاحتلال




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يهتفون بـ -انتفاضة- في طوكيو